سوران الداودي
لم يكن عجاج أحمد حردان مجرد اسم في دفتر الألم الكوردي، بل كان واحدًا من الوجوه الملطّخة بدماء الأبرياء، من أولئك الذين أشرفوا على سجن نقرة السلمان، وعلى تنفيذ أفظع الجرائم بحق شعبٍ لم يحمل سلاحًا، بل حَمل أطفالَه وأحلامَه على كفه، ومضى نحو المجهول.
إن نبأ القبض عليه اليوم لا يُقاس فقط بلغة القانون، بل بلغة الدموع التي لم تجف منذ عقود، بلغة الأمهات اللواتي رحلن وفي صدورهن حسرة واحدة: أن يعشن لحظة كالتي نعيشها الآن. كثيرات منهن غادرن هذه الدنيا وأعينهن مشدودة إلى بوابة العدالة، لعلها تُفتح يومًا في وجه قاتل أبنائهن.
اليوم، نسمع صوت طفلٍ منسيّ في ذاكرة الصحراء، كان يُحب الخيار ويحلم أن يأكل منها، و لم يكن يحمل سوى بقايا أحلام صغيرة، وهو معتقل بجوار أمه في أحد أقسى فصول الإبادة. لا ننسى كذلك أجساد أطفال الكورد، أولئك الذين لم يُمنحوا حتى حق الموت الكريم، إذ رُميت أجسادهم للكلاب الجائعة في عمق الصحراء، تحت أنظار أمهاتهم المكبّلات، بلا حيلة ولا حول.
هذا ليس مجرد خبر… بل هو لحظة نادرة ينتصر فيها التاريخ على النسيان. أن يقع أحد مجرمي الأنفال في قبضة العدالة، يعني أن الأرض لم تنسَ، وأن صوت الجماجم المدفونة لا يزال يصيح من تحت التراب.
إن ما حدث يمثل وجهًا صادقًا للسياسة حين تقف إلى جانب الضحايا، وهو امتداد حيّ لمسار الاتحاد الوطني الكوردستاني، بقيادة الرئيس بافل جلال طالباني، في الدفاع عن الحق والكرامة الكوردية.
يا شهداء الأنفال… يا أطفال كوردستان الذين لم تكتمل أعماركم، ها نحن نخطو خطوة نحو القصاص. هذه لحظة لكم، لحظة لمن لم يُدفنوا إلا في ذاكرة أمهاتهم، لحظة لكل قرية أُبيدت، ولكل اسمٍ محي من السجلات ولم يُمحَ من القلوب.
قد تأخر العدل، لكنه أتى… وسنواصل حتى يُساق كل مجرم إلى المدى الذي يستحقه. سنواصل حتى لا يبقى في هذا الوطن متسعٌ للإفلات من العقاب.
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.

