في الستينات كنا مجموعة من الطلبة الكرد ندرس في بلغراد عاصمة يوغوسلافيا وكانت تظمنا جميعا جمعية الطلبة الاكراد في اوربا _ فرع يوغوسلافيا وكان هناك العديد من المنظمات والجمعيات العربية ايضا من اليسار المتطرف الى اليمين القومي المتطرف .
كانت المناقشات بيننا وبين الطلبة العرب تجري بشكل مستمر ونحن الكرد كنا نحاول استخدام اسلوب النقاش العلمي البناء الذي يعتمد على الادلة والبراهين للدفاع عن قضية شعبنا وكنا احيانا نتعرض لهجومات غوغائية كاتهامنا بالانفصاليين واسرائيل الثانية وما شابه بينما كنا نركز على وحدة نضال الشعوب ضد الاضطها وطمس الحقوق ونربط بين نضال الشعب العربي والشعب الكردي وان الشعبين اصدقاء واخوة وليسوا اعداء واننا شعبا يعيش على ارضه منذ الاف السنين ولا نطمع ولو بشبر من اراضي الاخرين ولا نريد تجزأة الدول القائمة بل نريد ممارسة حقنا في تقرير المصير داخل هذه الدول وكل حسب ظروفه على شكل لا مركزية او حكم ذاتي او فيدرالي….. واننا نعتبر انفسنا وطنيون اكثر من اي فرد اخر في بلداننا ونناضل كتف لكتف مع الاشقاء العرب في سوريا والعراق ضد الديكتاتورية والعمالة ومن اجل اقامة نظام ديمقراطي يمثل الشعب بكل مكوناته ومشاربه وكذلك في تركيا وايران……وكانت مناقشاتنا هادئة ومنطقية بحيث يعجز
الشوفينيون المتطرفون من الرد علينا .
وفي احد الايام جاء الي احد الطلبة الفلسطنيين غاضبا وقال لي : انت تسايرنا بالقول لا تعبر عن حقيقة ما يفكر به الكرد ويتبنوه وان شبول حسن هو من يعبر عن الرأي الصحيح للكرد…
فتعجبت منه وقلت : وماذا يقول شبول؟ فاجابني انه ينكر اصلا وجود الامة العربية وعدالة النضال العربي حتى انه يعتبر نشر الدين الاسلامي غزو واحتلال للشعوب وان اغلب البلدان ليست عربية وعربت بحد السيف واننا سنقيم كردستان رغم انوفكم…. فقلت له اصبر علي حتى التقي بشبول لافهم منه القصة وحينها ارد عليك.
الاخ شبول من السليمانية وهو ابن حسن رمزي ويمت بالقرابة للاستاذ ابراهيم احمد ولم تكن لغته العربية جيدة فظننت انه قد حدث سو تفاهم بينهما وعندما التقيت بالاخ شبول وعاتبته قائلا: نحن نبذل كل جهودنا لاقناع العرب بعدالة قضيتنا وحقوقنا وانت تهدم ما نبيه بتطرفك…لماذا تقول لفلان انه لا وجود للعرب والامة العربية؟ ومتى كان قولك هذا رأي الحركة السياسية الكردية بكل احزابها المختلفة؟ فقال ارجوك دعنا اشرح لك الموضوع ولو كنت مكاني لاستخدمت نفس الرد ان لم يكن اكثر لانه قال امام رفاقه انتم عرب استكردتكم الجبال وان حركتكم حركة تغذيها اسرائيل والامبرالية لخلق اسرائيل ثانية وانتم خنجر في خاصرة الامة العربية وعندما كنت ارد عليه بليونة كان يشتد اصرارا على موقفه واجبرني على ان ارد عليه بما قاله لك واكثر…… فضحكت وقلت: والله ما قصرت وغدا ساعرف كيف اكلمه امام رفاقه.
وفي اليو الثاني عندما التقيته قال لي : هل اعترف صاحبك شبول بما قاله؟ فقلت له هل تتذكر نظرية نيوتن ان لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه؟ رد فعل شبول كان جوابا لفعلك عندما تنكر قوميته وامته وتتهمه بشتى الاتهامات سيرد عليك بالمثل ويكيل لك الكيل كيلين ولوكنت مكانه لقلت اكثر…..
يوسف زوزاني

