تشكل حرية التعبير والصحافة دعامة أساسية للديمقراطية ونشوء مجتمع مدني فاعل في کثير من الانظمة الديمقراطية ومن بينها العراق وإقليم كوردستان. فبينما تمثل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية السلطات الثلاث الرئيسية في الدولة، تعتبر الصحافة الحرة السلطة الرابعة والعين الساهرة والضمير الحي الذي يراقب أداء السلطات الثلاث ويكشف مواطن الخلل والفساد.. وفي ظل التحديات السياسية والأمنية المتعددة التي تواجه المنطقة، تصبح الصحافة أحيانًا أهم من الحكومة نفسها، إذ تمثل الوسيلة الحقيقية لضمان الشفافية والمساءلة.
وقد أكد رؤساء أمريكيون بارزون مثل توماس جيفرسون وثيودور روزفلت وجون كينيدي أن الصحافة الحرة هي ركيزة الديمقراطية، وأنها أحيانًا أهم من الحكومة. فقد قال جيفرسون: «أفضل الصحافة بدون حكومة على حكومة بدون صحافة». غير أن الواقع الاعلامي في العراقى يشير إلى أن المال السياسي والإعلام الحزبي يساهمان في تصعيد خطاب الكراهية والتعصب القومي والطائفي، مما أضعف من دور الإعلام الوطني المستقل وأدى إلى تفتيت النسيج الاجتماعي.
ومن الأمثلة الإيجابية على دعم حرية التعبير، يَبرُزُ موقف الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، الذي آمن بأهمية حرية التعبير والصحافة الحرة كركيزة أساسية لبناء دولة ديمقراطية قوية. فقد وقف إلى جانب الكُتّاب والصحفيين في كثير من المواقف وفتح منصة في السليمانية اتاح فرصة انتقاده شخصيا والمسؤولين الآخرين بحرية، مما يعكس رؤيته لإعلام مستقل قادر على خدمة الشعب ومراقبة السلطة.
وفي عصر التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، تتوفر فرص أوسع لنشر المعلومات وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية، إلا أن هذه الفرص تقابل بتحديات كبيرة تمثلت في انتشار الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية وضغوط متزايدة على الصحفيين، بالإضافة إلى خطر القمع والاعتداءات الأمنية.
وعليه، من الضروري دعم إعلام مستقل وقوي، مزود بأدوات تقنية حديثة، وقادر على مواجهة هذه التحديات، وتعمل وفق نظرية المسؤولية الاجتماعية والتي تعتمد على تقديم معلومات دقيقة وصحيحة وتكون منبرا متوازنا لنقل الآراء المتنوعة من اجل خدمة الجمهور والمصالح العامة واحترام القيم الاجتماعية، لكي يواصل الإعلام المستقل دوره الحيوي في تعزيز الشفافية، وحماية الحقوق، وبناء دولة المؤسسات والتنمية المستدامة وبناء مجتمع سليم خال من التعصب والتطرف في العراق وإقليم كوردستان.

