الكاتب..ياسر المتولي
مع كلّ زيارة إلى إقليم كردستان أكتشف ظاهرة فريدة يتقدّم فيها الإقليم بخطوات واثقة ونجاحات متحققة على الأرض.
ولعلَّ من ضمن اهتماماتي كراصد صحافي للظواهر الاقتصادية ضمن تخصّصي في الصحافة الاقتصادية تلمس كلِّ جديد ومفيد ليكون نموذجًا لتجربة مهمة يمكن الاستفادة منها لتعميمها على مستوى العراق وذلك أفضل وسيلة للاستعانة بتجارب الآخرين في بيئة واحدة وبلد واحد وقطعًا في جوانب محددة على أنَّ هذا لا يعني عدم الاستفادة من التجارب الناجحة حول العالم في جوانب أخرى.
إن حالات التطور التي رصدتها خلال عشرة أيام أمضيتها مؤخرًا تضاف إلى ما تابعته منذ فترة التغيير بعد العام (2003) خلال زياراتي المتواصلة إلى الإقليم وكتبت عنها الكثير في الصفحة الاقتصادية لجريدة الصباح ووصفتها بالتجربة النموذج.
ويتمثل هذا النموذج في التطور الكبير في مجال البناء والإعمار والخدمات والتنظيم والنظافة والمؤطرة بقانون صارم ضد أي مخالفات للأنظمة، وهذا مؤشر على ظاهرة حضارية ونموذج حضاري لطالما دعونا للاقتداء به وفي المقدمة النظام المروري باعتباره مظلة القانون.
كان الاستقرار الأمني أحد أهم أسباب تحقيق هذا التطور النموذج، هذا صحيح وكان الحجة التي تتحجج بها إدارات المحافظات عند مطالبتها بتحقيق مثل هذا النموذج والآن تحقق الاستقرار فسقطت الحجة في بلوغ هذا النموذج طبعًا.
الآن سيُختزل الحديث في الاكتفاء الذاتي بالغذاء ذلك لأن الأمن الغذائي هو الهدف الأسمى في مواجهة الأزمات العالمية التي غالبًا ما يستخدم فيها الغذاء كسلاح للمحافظة على قوت المواطن.
وفي هذا الصدد نشير إلى مثال قريب في استخدام الغذاء كسلاح وهو ما خلفته الحرب الروسية الأوكرانية التي مثلت فيه أوروبا في قطع إمدادات الحبوب الإستراتيجية.
فتركيزي هنا في مجال تحقيق الاكتفاء الذاتي بالغذاء وهو نتيجة منطقية لهذا الاستقرار.
ففي أسواق الخضار واللحوم الحمراء والبيضاء تجد فارقًا في الأسعار بنحو (25) بالمئة عن باقي محافظات العراق و(35) بالمئة عن الأسعار في العاصمة بغداد وبذلك تجد أنَّ القوة الشرائية في الإقليم قادرة على اقتناء قوتها بيسر رغم تحديات (تأخير الرواتب) لأسباب لسنا بصددها لما يخص التأخير هنا.
فعلى امتداد الأراضي الشاسعة من مداخل الإقليم تشاهد المزارع التي تُسقى بتقنيات الري الحديث والخضار ملء العيون وكذلك تشاهد معامل تصنيع الأعلاف للثروة الحيوانية النموذجية والصناعات الغذائية المتطورة والألبان ومصانع التغليف والتي تُغطي حاجة الإقليم من لحوم الدواجن والبيض ومشتقات الألبان والأغذية المصنعة المحلية مع فائض يصدر إلى المركز وأحيانًا إلى دول الجوار.
كما أنَّ الإقليم يشتهر بالإنتاج الوفير من المحاصيل الإستراتيجية، الحنطة والذرة والشعير والمحاصيل العلفية بطرق زراعية حديثة ومتطورة، وهناك بوادر تؤشر تحقيق ذلك في عدد من مدن العراق بعد الاستقرار الذي تحقق.
هذا ليس كل شيء إنما هناك الكثير يمكن التحدث عنه وهذا ما سمحت به مساحة المقال لذكره.من أجل ذلك قلنا (كردستان نموذج الاكتفاء الذاتي) نتمنى الاستفادة من هذا النموذج في باقي مناطق العراق لنفتخر بإنتاجنا الوطني ونحقق أمننا الغذائي ونستغني عن أي استيراد لا بل وتصدير الفائض.
المصدر .. الصباح