فؤاد عثمان/ كاتب وصحفي
يستذكر شعبنا الكوردي ذكرى اول جريمة للنظام المقبور ففي 18ـ 19/8/1969 ارتكب النظام الدموي اول جريمة ضد شعبنا بعد وصوله الى السلطة في العراق راحت ضحيتها 71 شهيدا من الرجال والنساء 6 منهن كن حوامل، ليصل عدد الضحايا الى 77 شهيدا 6 منهم كانوا اجنة في رحم امهاتهم.
تعد هذه الجريمة اول جريمة اقترفها النظام البعثي ضد شعبنا بعد مجيئه الى الحكم في العراق، وبداية لشن حملة لابادة الشعب الكوردي ففي 19 ئاب/1969 وفي مخطط همجي لابادة شعبنا الكوردي، هاجم النظام مناطق في شيخان و جزء من دهوك والقرى الكوردية شمال شرق مدينة الموصل واطراف تل مقلوب ليقترف على اثرها جريمة قل نظريها في التاريخ.
ارتكب النظام الجريمة في كهف دكان حيث تقع في قضاء شيخان شمال محافظة موصل وان الضحايا كانوا، 29 منهم نساء 6 منهن حوامل و 37 طفلا من كلا الجنسين و عدد من الرجال و الشيوخ، ومن بين الضحايا رضيع لا يتجاوز عمره شهر و شيخا يتجاوز عمره 80 عاما، كما افاد شهود زاروا الكهف بعد الجريمة.
وذكر شهود عيان، ان المجزرة حدثت بعد ان لجأ اهالي عدد من القرى القريبة والتابعة لقضاء شيخان الى الكهف الذي حدث فيه المجزرة لايجاد ملجئ امن لهم في المنطقة خوفا من ازلام النظام الدموي الذي بدأ سياسة القمع والابادة ضد شعبنا بعد مجيئه الى الحكم في العراق، الا ان ازلام النظام اضرموا النار في الكهف و قاموا بقتل من فيه وعددهم 71 مواطنا حرقا في جريمة قل نظيرها في التاريخ البشري.
ان ملف الابادة للمواطنين العزل في كهف دكان كان ضمن 14 ملفا قدمت الى المحكمة الجنائية العراقية العليا لكن ومع الاسف لم يتم البت فيها بعد تقلص مهام هذه المحكمة، عليه لابد من تحريك هذا الملف و الملفات التي تتوفر فيها كافة عناصر الابادة الجماعية المدونة في اللائحات الدولية المختصة، منها ابادة اهالي قرية صوريا و قرية برجيني و قرية جلمورد و ملفات مدرجة تحت جريمة الانفال سيئة الصيت، و قصف قرى باليسان و شيخ وسانان و عسكر و كوبتبة و سيوسينان و جافايةتي وغيرها من المدن الكوردستانية التي تعرضت للابادة الجماعية ..
بغية تعريف هذه الجرائم كابادة جماعية اسوة بجرائم الانفال والقصف الكيمياوي وابادة البارزانيين والكورد الفيليين.
في الوقت الذي نحيي ذكرى شهداء كهف دكان لابد ان نؤكد على ضرورة توثيق هذه الجريمة والجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا و تدويلها و تعريفها دوليا، ومن اجل تحقيق ذلك لابد لحكومة اقليم كردستان دعوة ممثلي الدول والقنصليات و المنظمات الدولية لزيارة هذا الكهف بهدف مشاهدة اثار الجريمة من الجماجم والهياكل العظمية للضحايا.
كما وعلى الحكومة الاتحادية كوريث لحكومة النظام السابق استنادا على المادة 132 من الدستور العراق الدائم تعويض ذوي الضحايا ماديا و معنويا و تأمين حياتا كريمة لذوي الشهداء، وعلى حكومة اقليم كوردستان ايضا، العمل من اجل اعادة رفات ضحايا كهف دكان ودفنهم بشكل لائق بعد اخذ نماذج من الحمض النووي DNAللضحايا، الى جانب بناء نصب للشهداء و جدارية باسماء الشهداء المغدورين قرب مسرح الجريمة لكي يكون شاهدا على حجم وفداحة هذه الجريمة.
وعلى القنوات الاعلامية تسليط الضوء بشكل اوسع على هذه المجزرة عن طريق اجراء المقابلات و انتاج افلام وثائقية لكي يظهر للعالم بشاعة هذه الجريمة والاستفادة من الادلة التي توثقها كجريمة ابادة دوليا و معاقبة المجرمين، كجزء من ملف التعريف وعلى وزارة الثقافة انتاج افلام وثائقية تظهر جرائم الابادة الجماعية التي مورست ضد شعبنا.
مشاهد رويت عن الجريمة
من المشاهد المسأوية لجريمة كهف دكان، ذكر الكاتب ريبوار رمضان البارزاني في احدى مؤلفاته تحت عنوان ( ابادة البارزانيين في القرن العشرين) مشاهد مأساوية لجريمة كهف دكان التي تقشعر لها الابدان،حيث يرى جماجم الاطفال تحت الاحجار و عظام الامهات ملتصقة بعظام جنينها، وامرأة وضعت جسدها على طفلها لكي تحميه من الحرق، احترقا معا وبقى جثمانهما لمدة اربعين يوما بهذا المنظر.
المأساوي التراجيدي
امرأة اخرى حامل رفعت المصحف الشريف و خرجت في الكهف ورفعت المصحف امام ازلام و جعوش النظام قائلة لهم ( نحن نساء و اطفال لا ذنب لنا ولا حول لنا ولا قوة لا تقتلوننا)، لكن المجرمين و قبل ان تكمل كلامها قتلوها بدم بارد ورموها بالذخيرة الحية وقتلوها قبل حرقها.
قال شهود من اهالي القرى القريبة، بعد احراق جميع مافيها من المواطنين في الكهف من قبل اجهزة النظام الدموية: حاولنا قدر الامكان دفن الضحايا تحت الاحجار امام مدخل المغارة بغية حفظ الرفات من الحيوانات المفترسة و ابقاء الادلة.
يروى الكاتب ريبوار رمضان البارزاني ايضا ان 3 من النسوة حرقت اجسادهن لكن يظهر بان بقى فيهم انفاس حاولن الخروج سعيا منهن للحصول على قليل من الماء ليضمئون عطشهن في اقرب نبع قرب فوهة الكهف، لكن توفوا اثر الجروح و الجوع ولانهم بقوا لمدة 14 يوما والدماء تسيل في اجسادهن واصبحت جثثهن طعاما للحيوانات ولم يبقى في اجسادهن الا القليل، ويضيف ريبوار رمضان قائلا: وشيخ فاق عمره 80 عاما، توفى قبل وصوله للكهف عطشا و جوعا و من شدة حر الصيف على بعد 500 مترا من مدخل الكهف..
ومن بين القصص المسأوية عن مجزرة كهف دكان والتي يرويها الكاتب ريبوار رمضان، حديث الشاب الذي رافقه خلال زيارته للكهف، وهو من ذوي 9 ضحايا من ضحايا الكهف يقول ريبوار: كان يرافقني خلال الزيارة الى الكهف ووضع يده على كتفي مشيرا باصابعه الى بقعة من الارض تحت حجر كبير، هذا بقايا عظام اهلي والضحايا الذين قتلوا غدرا في الكهف، اتمنى ان يتمكن المختصون و اصحاب الشأن والمسؤولين من زيارة هذا الكهف بغية تسجيل القصص المأساوية للجريمة و تداوون جراحات فقداننا لاعز اهالينا، لكني ارجوا منكم ان لا تضعوا ارجلكم على الارض بل اقفزوا من حجر الى حجر لان كل شبر من امام الكهف تحوي جثامين 67 شهيدا قتلوا ظلما و غدرا.
تتضمن مشاهد جريمة كهف دكان على العديد من المشاهد والقصص التراجيدية و المأساوية التي تشقعر لها الابدان عند سماعها
تحية اجلال و اكرام لشهداء كهف دكان الذين قتلوا غدرا و شهداء جرائم الابادة الجماعية لشعبنا كافة.

