“النسوية والوحش”
ماسة الرَمادي
قدمت لنا ديزني صورًا نمطية متعددة عن المرأة ودورها في المجتمع حسب أدلجة الفترة الزمنية للفيلم، وأشتركت جميع هذه الصور بقاسم مشترك واحد وهو الإنتظار، فهناك من تنتظر لكي يأتي رجل لأنقاذها من سجن، أو فقر أو من شرور زوجة الأب وغيرها من أمثلة المرأة التي تنتظر. ثم بدأت بعد موجات نسوية غاضبة لهذه الأنماط أن تكسرها عن طريق شخصية تجسدت بفتاة بسيطة، تقرأ وتكتب وتفكر نوعًا ما..
فهذا الأمر كان ممنوع فيما سبق من إفلامها وهو أن تستخدم البطلة عقلها بدلًا من جمالها، ولكن في هذه النسخة استمرت شروط ديزني بأن تكون فتاتها جميلة جدًا وعليها أن تقع في غرام الوحش وشروطه السايكوباتية في السيطرة عليها، وهي من تنقذه هذه المرة، بشرط أن تحبه مهما كلف الأمر، ولا ضير بأن يتفاقم هوس هذا الوحش بحل مشكلته إلى حبس الجميلة ومنعها من رؤية أهلها ومن كل شيء عندما ترفض الانصياع لهذا الطلب.
أهدت لنا ديزني دون أن تدري مجاز بسيط عن وضع النسوية القبيحة ومشلولة الحركة حسب صورتها في منطقة الشرق الأوسط من وحش الذكورية العملاق التي لم تجد المكوث بقوالبه أمر مستحب ورفضت أن تقع بحب قبوره وأغلاله، فمنذ أن قررت بصوتها الناعم أن تقول كلمة لا على استيحاء أمام سلسلة من قمع وإجبار وقتل الجميلات على أيدي هذا الوحش! تحولت إلى كيان قبيح في مخيلة وحش يخافه الجميع من شدة قبحه، إلّا أنه أعطى لنفسه الحق بوصم المرأة التي ترفض ماسبق بالقبيحة! فقد صنعت المنظومات الذكورية والأنظمة الأبوية إمبراطورية وحوش قائمة على تحويل كائن شيئي من اللحم ووضعه بمرتبة لا تزيد قيمتها عن قيمة أي قطعة خشب أو بلاستيك في السوق تُباع، فيتم صنعها و وضعها في قوالب تجذب من يشتري. وحين تخرج هذه القطعة عن قالب المشتري أو يجد بها عيب لا يعجبه فلا مانع من أن يتم كسرها أو استبدالها.. للأسف هذا مايحدث تمامًا مع نساء هذه الرقعة في واقعهن السوداوي، اللواتي تم إقناع الكثير منهن بأن هذا السواد هو اللون الوردي. ما زالت النسوية رغم الرفض الشديد لها من قبل وحش الأفكار للمنظومات الرجولية تعاني من تقزّم فظيع في إمكانياتها بمطالبات لا تتعدى حق العيش للإناث اللواتي يتعرضن للقتل والحرمان تارة بسبب التكريم الوهمي لها في كونها جوهرة يجب أن تُحبَس في علبة زجاجية، وتارة بسبب خطابات التراث والفكر القبلي المليئة بالتحريض والإنتقاص من كينونتها؛ لكون نوعها الجنسي الاجتماعي لا يتناسب مع شروط جنس أصحاب هذه الخطابات. فالنسوية في قصة هذا المقال ليست الجميلة بل هي الفكرة القبيحة التي تحاول إنقاذ الجميلات من قبضة الوحش المحبوب والتي تعتبر وحشيته حق يعود لطبيعته الفسيولوجية والبيولوجية.. وفي حال تم رفضها سنواجه عويل وانتحاب وهيجان مرعب من قبله؛ لأنه لم يجد لعبته المفضلة كما يريديها ويشتهي.
في النهاية سنحتاج أن يبدأ هذا الوحش بالوقوع في حب الخروج من جلدته والتفاهم مع قبيحته صاحبة الحق لكي تتحول هذه الصراعات الى قبلة من المساواة توضع على جبين عصر جديد يحترم وجود النساء وتمحى بها القوانين الظالمة لهن والتراث المظلم الذي التهم أرواح وأحلام الكثير منهن.. ولكن سنحتاج إلى ديزني بذلك لكي تصنع لنا فيلم مدته ساعتين فنتأثر به ونصفق ونعود إلى منازلنا مفعمين بالأمل والتغيير القادم، حتى موعد جثة جميلة أخرى.
خاص بالمسرى