اعداد .. محمد البغدادي
هل تتجه السوق العراقية 2025 الى السوق الحر والتعاطي الأمثل مع متغيرات السوق العالمية كي تواكب الرؤية المستقبلية للعالم الآخذ نحو التكتلات الاقتصادية والنأي عن المنظومات المتهالكة والقفز فوق ( حائط ماستريخت ) في الوحدة الاقتصادية الأوروبية والعمل على التواجد الاستثماري المطل على الاقتصاديات العالمية بقوة لما يمتلكه من خيرات وخزين اقتصادي نفطي وغازي وزراعي وبشري، ويكون جزء من حركة السوق العالمية بما يضع العراق على الطريق الصحيح دون الإملاءات الدولية والإقليمية الضيقة والتخندقات والمحاور كشريك اساسي في صنع القرار .

أنتج التغيير السياسي في العراق في عام 2003 واقعاً جديداً على الاقتصاد العراقي بالاتجاه نحو اقتصاد السوق، عقب حقبة من الزمن امتدت لأكثر من أربعين عاماً، تأرجحَ فيها النمط الاقتصادي للدولة ما بين نظام التخطيط المركزي ورأسمالية الدولة في مرحلة معينة، وما بين انسحاب الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية في مراحل أخرى، كما كانت عقود الحرب، والعقوبات الاقتصادية الدولية، والعزلة عن التطورات الاقتصادية في العالم في كثير من الأحيان سبباً في تبنِّي الأنماط الاقتصادية الرثَّة والهجينة والتي خلقت واقعاً اقتصادياً قائماً على العزلة والتراجع

تجاوز الاعتماد الكلي على النفط
الإصلاح الاقتصادي في العراق الجديد يهدف إلى تجاوز الاعتماد الكلي على النفط، وتعزيز القطاعات غير النفطية، وتحسين إدارة الموارد المالية.
وتشمل الإصلاحات الرئيسية تطوير النظام الضريبي والمالي، تحسين الحوكمة ومكافحة الفساد، جذب الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية، مثل إطلاق مشروع “مترو بغداد”. ومع ذلك، يواجه العراق تحديات مثل تقلبات أسعار النفط، وضغوط الديون، والحاجة إلى استقرار سياسي.
التصنيف الائتماني
يشكّل التصنيف الائتماني أحد أبرز المؤشرات المالية التي تعتمدها المؤسسات الدولية في تقييم أوضاع الدول الاقتصادية والمالية. إذ يلعب دوراً كبيراً مثلا في جذب المستثمرين كما يؤثر بصورة مباشرة في ثقتهم وتدفق رؤوس الأموال.
ويؤكد مختصون أهمية هذا التصنيف بالنسبة للاقتصادات النامية، إذ يمكن لتحسّنه أن يفتح آفاقاً أوسع أمام تمويل المشاريع الاستراتيجية وجذب الاستثمارات الأجنبية، بينما يؤدي تراجعه إلى ارتفاع كلفة التمويل وتراجع جاذبية بيئة الأعمال.

فريق وطني لتحسين التصنيف
وعملت الحكومة مؤخرا على تشكيل فريق وطني برئاسة محافظ البنك المركزي وعضوية ممثلين عن وزارات المالية والنفط والتخطيط، وهيئة الأوراق المالية والقطاع المصرفي، بهدف إعداد استراتيجية متكاملة لتحسين التصنيف الائتماني السيادي للعراق.
في هذا الصدد، قال أستاذ الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، أن التصنيف الائتماني يمثل انعكاساً دقيقاً لقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، ومدى استقرارها الاقتصادي والسياسي في الوقت نفسه.
وقال السعدي في حديث تابعه المسرى ، إن العراق “ما يزال يصنّف في مستويات متدنية نسبياً نتيجة عوامل متشابكة، أبرزها الاعتماد شبه الكلي على الإيرادات النفطية التي تشكل أكثر من 90 في المائة من دخل البلاد، ما يجعله عرضة مباشرة لتقلبات أسعار الطاقة العالمية”.
ونبه الى أن الاستقرار السياسي والأمني يشكلان “عاملاً حاسماً، كون المؤسسات المالية الدولية تقيّم قدرة العراق على إدارة المخاطر إلى جانب قدرته على السداد”، لافتاً إلى أن “أي تقدم في ملف مكافحة الفساد أو تعزيز الشفافية المالية سينعكس إيجابًا على ثقة المستثمرين”.

الإصلاحات المطلوبة
من جانبه، بين المختص في الشأن الاقتصادي صالح الهماشي، أن التصنيف الائتماني يُعد من المؤشرات الجوهرية التي تقيس قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها المالية في مواعيدها المحددة، موضحاً أن أهميته تكمن في كونه يحدد كلفة الاقتراض ومدى قدرة الدولة على النفاذ إلى أسواق المال العالمية، فضلاً عن كونه معياراً أساسياً يلعب دوراً في تقييم ثقة المستثمرين وحجم تدفق رؤوس الأموال.
وقال الهماشي في حديث تابعه المسرى”، عن واقع التصنيف الائتماني للعراق “ما يزال ضمن الفئة غير الاستثمارية، وهو ما يعكس حجم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني، وفي مقدمتها الاعتماد المفرط على النفط كمصدر وحيد تقريباً للإيرادات العامة، إلى جانب تقلب أسعاره في الأسواق العالمية”.
وأضاف أن “ضعف تنويع القاعدة الاقتصادية، واستمرار المشكلات الهيكلية في الحوكمة، وارتفاع المخاطر السياسية والأمنية، كلها عوامل تُبقي العراق عند مستويات منخفضة نسبياً، على الرغم من امتلاكه نقاط قوة واضحة مثل الاحتياطي النفطي الكبير ووجود احتياطيات مالية خارجية قادرة على دعم الاستقرار عند ارتفاع أسعار الطاقة”.


