رغم تضارب الموقف حول تداعيات الأزمة المائية في العراق، ومع تأكيدات “الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية” خلال الإيام القليلة الماضية بأن، الأراضي التي خرجت عن الرقعة الزراعية بلغت 13 مليون دونم.
ها هي وزارة الزراعية العراقية تعلن أن مساحة الأراضي المتصحرة تبلغ ما يقارب 27 مليون دونم، فيما كشفت أسباب خفضها للخطة الزراعية لهذا الموسم.
الزراعة وفي حديثها عن أسباب خفض الخطة الزراعية وارتفاع التصحر قالت، إن “المساحات المتصحرة بلغت ما يقارب 27 مليون دونم.
إذ أن هناك سببين وراء خفض الخطة الزراعية وارتفاع نسب التصحر في البلاد، بحسب مدير عام دائرة الغابات ومكافحة التصحر في الوزارة، راوية مزعل.
السببان هما؛ “انحسار الأمطار للموسم الشتوي 2021، وانخفاض إطلاقات المياه من دول المنبع.
وتضيف أن “تلك الأسباب أدت إلى تقليل الخطة الزراعية، وبالتالي تصحر هذه الأراضي بسبب انعدام إنتاجيتها”.
فيما لفتت إلى أن “القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني يعتمد على الماء باعتباره العامل المحدد الرئيس للعمليات الزراعية وزيادة الإنتاج”.
وأشارت إلى أن “مساحة الأراضي المتصحرة تبلغ ما يقارب 27 مليون دونم أي ما يعادل تقريباً 15% من مساحة البلد”، منبهة بأن “ما يقارب 55% من مساحة العراق تعد أراضي مهددة بالتصحر”.
وحول خسارة الأراضي الزراعية، قالت مزعل، إن “ذلك يعتمد على الخطة الزراعية، والمساحات التي تخرج من الخطة تكون بسبب قلة الحصص المائية ولا يمكن تحديدها دون انتهاء الموسم الصيفي”.
أكثر البلدان عرضة للتغيير المناخي
ويعدّ العراق من الدول الأكثر عرضة للتغيرات المناخية، في ظل ارتفاع نسبة الجفاف ودرجات الحرارة التي تتجاوز خمسين درجة مئوية في فصل الصيف.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذّر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20 في المائة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي.
ويحمّل خبراء البيئة الحكومات المتعاقبة جزءاً كبيراً من المسؤولية نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي سبّبت موجة جفاف حادة، ويتحدثون عن ضعف الخبرات في التعامل مع تحديات التغير المناخي.
وطال التصحر “نسبة 69 في المئة من أراضي العراق الزراعية”، وفق ما يقول مدير قسم التخطيط في دائرة الغابات ومكافحة التصحر المهندس الزراعي سرمد كامل.
بيع الأراضي الزراعية
في محافظة البصرة أصبحت أسعار الأراضي تصل إلى “ما بين 20 و120 مليون دينار” أي نحو 27 ألفاً إلى 82 ألف دولار أميركي.
بالنسبة إلى المزارعين، تلك “مبالغ هائلة لم يربحوا مثلها قط، ولذلك باعوا أراضيهم”، وفق الخبير، مضيفاً أنه بفعل ذلك، “تتحول 10 في المئة من الأراضي الزراعية كل عام إلى أحياء سكنية”.
ومن شأن تلك الظاهرة أن تسرّع منفى أهل الريف العراقي في بلدهم بفعل الاضطرابات في التوازن الاقتصادي والاجتماعي والمناخي.
وقال وزير البيئة جاسم الفلاحي، لقناة العراقية الإخبارية الرسمية إنّ بلاده “تتعرض لقلة غير مسبوقة في معدلات التساقط المطري وفي الإيرادات المائية، والعراق من دول المصب وليس المنبع”، موضحاً أنّ قلة التدفقات المائية تؤثر وتتسبب بزيادة معدلات التصحر وقلة الأراضي الخصبة”.
العراق 100 ألف دونم
وأكد أنّ “العراق يفقد سنوياً 100 ألف دونم جراء مشكلة التصحر والزحف الصحراوي، والأخطر من ذلك تصاعد وتيرة الكثبان الرملية في مناطق لطالما كانت خصبة وواعدة في الزراعة وتأمين مخرجات الأمن الغذائي للبلد”.
وأعلن محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف، عن إطلاق مبادرات تنموية، تجاوزت 17 تريليون دينار عراقي، لمواجهة التصحر والتغير المناخي في بلاده.
وفي الإجمال، تضرّر “سبعة ملايين عراقي” من 40 مليوناً، من “الجفاف والنزوح الاضطراري”، وفق ما ذكر الرئيس العراقي برهم صالح في تقرير أصدره عن التغير المناخي.
وليست هذه سوى البداية. ففي السنوات القادمة، سوف تزداد تداعيات التغير المناخي حدّة، كما كتب الرئيس العراقي: “مع وجود أعلى معدلات التزايد السكاني في العراق، تُفيد البيانات بأن عدد سكان البلد سيتضاعف من 38 مليوناً اليوم إلى 80 مليوناً بحلول عام 2050، وهذا يُضاعف المخاطر الاقتصادية والاجتماعية لتغير المناخ إذا تُركت من دون معالجة”.
في منطقة خانقين في شرق العراق المحاذي لإيران، يتحسّر المزارع عبد الرزاق قادر، البالغ من العمر 45 عاماً ،على أرضه ومحاصيله. ويقول إن “أربع سنوات مرت بدون مطر” على حقله الممتد على مساحة 38 هكتاراً.
ويقول الخبير في هندسة الموارد المائية نظير الأنصاري إنه “يخسر العراق نحو 100 الف دونم (250 كيلومتراً مربعا) من الأراضي الزراعية سنوياً، تتحول لمناطق صحراوية”.
ويحذر من “احتمال أن نتوقع مزيداً من العواصف الرملية”، التي تؤدي لعواقب وخيمة على الصحة العامة والزراعة. ويحمل الأنصاري السلطات العراقية مسؤولية هذا الأمر، بسبب “نقص التخطيط للموارد المائية”.
خطة حكومية للسيطرة على الوضع
من جانبها، تقول وزارة الزراعة العراقية إنها تبذل جهوداً من أجل “استعادة الغطاء النباتي” في البلاد. ولفت مستشار وزارة الزراعة عون ذياب خلال الى أهمية المناطق الخضراء حول المدن، موضحا “أن هناك توجها لإنشاء أحزمة خضراء”.
ادت ظاهرتا التصحر والجفاف الى ترك اغلب المزارعين اراضيهم والتوجه الى اعمال اخرى، وسط تحذيرات منظمات دولية من مخاطر تهدد الامن الغذائي في العراق.
وبحسب إحصائيات مختلفة فأن خسارة العراق من تراجع الإنتاج الزراعي تجاوزت مليار دولار فقط خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وأعلنت وزارة الزراعة العراقية تشكيل لجان لزيادة الغطاء النباتي وتخصيص مبالغ طارئة لمكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية في 3 محافظات تقع في جنوبي البلاد.
الوكيل الفني للوزارة، ميثاق عبد الحسن، قال إن “الأمانة العامة لمجلس الوزراء شكلت لجانا لزيادة الغطاء النباتي، ليس فقط لمنع ظاهرة العواصف الترابية، وإنما لتقليل أثرها وأثر درجات التلوث الأخرى من عوادم السيارات وغير ذلك”.
وأضاف، أن الوزارة لديها مشروع لمكافحة التصحر، رصدت له مبالغ طارئة ورقعته الجغرافية تقع بين محافظات الديوانية والمثنى وذي قار، وتلك المحاذية للطريق الدولي، وتصل مساحته إلى ما يقارب 400.000 دونم.
وسجّل العراق، 10 موجات غبارية في غضون شهر ونصف، منها 6 موجات في شهر نيسان/ أبريل المنصرم، و2 منها مطلع أيّار/ مايو الجاري مع استمرار الموجات الغبارية بحسب الأنواء الجوية ووزارة البيئة طوال العام الحالي.
ديار الطائي
التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr