الكاتب.. زيد البيدر
مثلت الاختناقات المرورية الكابوس الأكبر، الذي ظل يطارد سكان العاصمة بغداد لأكثر من عشرين عامًا، تجاهلت خلالها الحكومات المتعاقبة أكبر العقبات والتحديات التي تواجه المواطن وتؤثر بشكل مباشر في حياته اليومية، فالمسافة المقطوعة في رحلة الذهاب والعودة إلى العمل قد تستغرق في بعض الاحيان وقتا اطول من ساعات العمل الرسمي،
فتصبح الرحلة أشبه بصراع يتكرر يوميًا، يستنزف من خلالها الإنسان طاقته، ويختبر من خلالها صبره، لاسيما اذا اقترن ذلك بتقلبات الطقس الحادة، في مشاهد يتكرر بها صخب السيارات وأبواقها، وحالات الاختلاف بين السائقين نتيجة أي احتكاك بسيط، فضلًا عن مخاطر الاصطدام نتيجة التعب والارهاق والانفعال.
إضافة لتلك الأضرار التي أصبحت تستنزف طاقة وصحة المواطن وتنعكس سلبا على سعادته، فهناك آثار أخرى تؤثر في اقتصاد الدولة والمواطن، نتيجة ارتفاع استهلاك الوقود، فضلًا عن آثارها الخطيرة على البيئة، والتي جعلت العاصمة بغداد تحتل مرتبة متقدمة في مؤشر التلوث بين العواصم والمدن العالمية الكبرى.
فجاءت مشاريع فك الاختناقات المرورية في عام 2023، لتنهي أسوأ أزمة وأكبر مشكلة تواجه سكان العاصمة بغداد، ولتحقق أماني ومقترحات طالما ترددت في اللقاءات الاجتماعية والمحادثات اثناء التنقل، لجسور تبنى هنا وأنفاق توضع هناك، وهم عالقون في زحام لا ينتهي، فكانت لهم استجابة حكومة السوداني كمعجزة طال انتظارها، بعثت الأمل في نفوسهم مجددًا، بقدرة العراق على تجاوز الأزمات الأخرى وتذليلها، بعد رؤية أزمة الاختناقات المرورية تتفكك، وتصل من خلالها نسبة تقليل الزحامات إلى حوالي 50 بالمئة، ويمكن ان تتضاعف تلك النسبة مع وصول مشاريع الحزمة الأولى إلى نهايتها بعد إكمال أغلب مشاريعها، ومن المؤكد أن ترتفع اكثر، فور انتهاء الحزمة الثانية من تلك المشاريع، التي بدأ العمل فيها بوتيرة عالية، لم يعتد عليها المواطن من قبل، وبمواصفات عالمية، نفذتها أكبر الشركات العالمية، التي حرصت الحكومة في اختيارها أن تتسم مسيرتها بالخبرة والكفاءة والالتزام بالجدول الزمني المحدد لاكمال تلك المشاريع.
لا تنحصر أهمية مشاريع فك الاختناقات المرورية على ما ذكرناه سابقًا، بل رسمت من خلالها لوحة معمارية جميلة أعطت لبغداد شكلها ومكانتها التاريخية المعهودة، بوصفها منارة العلم والثقافة، وبرهنت للجميع بقدرة البلاد على مواجهة التحديات ومعالجة الأزمات إذا اقترن ذلك بوجود حكومة تمتلك الارادة والاصرار والعزيمة.
المصدر .. صحيفة الصباح

