يرون ..للإتفاق تأثيرات مباشرة على الاستقرار الاجتماعي في العراق إلى جانب الإيرادات.
يؤسس الإتفاق النفطي،القاضي بتصدير نفط حقول إقليم كوردستان عبر الأنبوب العراقي – التركي، لمرحلة جديدة من العلاقات المنظمة والشفافة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان.
ووصف الخبير الدولي نبيل العبادي، الإتفاق بأنه”يمثل لحظة تاريخية مفصلية”، فهو ليس مجرد تسوية تقنية لملف النفط بل هو إنجاز إستراتيجي يعيد ترتيب البيت العراقي على أسس دستورية رصينة ويحقق مصلحة العراق العليا في واحدٍ من أعقد الملفات”.
وأضاف العبادي،أن”العراق بهذه الخطوة خطا الخطوة الأكثر أهمية نحو توحيد قراره النفطي وإدارة ثروته بعيداً عن المحاصصة والخلافات”، مبيناً أن”الإتفاق ليس انتصاراً لفريق على آخر بل هو انتصار للدولة العراقية وإرادة شعبها في بناء مستقبل مستقر وآمن”.
ولفت إلى،أن”العراق اليوم أصبح بكل إنتاجه النفطي شمالاً وجنوباً طرفاً موحداً في السوق العالمية مما يعزز موقفه التفاوضي ويضمن الاتفاق عودة إيرادات ما يقارب 450 ألف برميل يومياً إلى الخزينة العامة بعد توقفها، مشيراً إلى أن هذه الإيرادات ستسهم بشكل مباشر في تمكين الحكومة الاتحادية من الوفاء بالتزاماتها بما في ذلك تمويل مشاريع التنمية ودفع رواتب الموظفين في جميع أنحاء العراق بما فيها إقليم كوردستان”.
ورأى،أن”الإتفاق يعمل على تحقيق الاستقرار والضمان المالي لإقليم كوردستان بالإضافة إلى مكاسب اقتصادية أخرى، من بينها ضمان تدفق مستدام للإيرادات فالتنازل عن الاستقلال في التصدير تقابله ضمانة أكبر وهي الحصول على الحصة المالية بشكل منتظم من خلال الميزانية الاتحادية مما ينهي سنوات من المقاطعة المالية والخصومات التي عانى منها الإقليم”،مضيفاً ،أنه “يوفر أساساً مالياً يمكن البناء عليه للتخطيط الطويل الأمد، ناهيك عن فتح باب الاستثمار الدولي من جديد حيث كانت الشركات الدولية الكبرى تتحاشى الاستثمار في حقول كوردستان بسبب الغموض القانوني وعدم الاعتراف الاتحادي بالعقود”.
وأشار إلى،أن “مظلة الحكومة الاتحادية وفق قانون النفط والغاز الاتحادي عند إقراره سيمكِّن الشركات النفطية من العمل بثقة، ما يعني تطوير الحقول وزيادة الإنتاجية والإيرادات للجميع، فضلاً عن تعزيز المصلحة الاقتصادية الوطنية العليا”، لافتاً إلى،أنه “يمثل مكاسب لعموم العراق وذلك من خلال تنويع منافذ التصدير وتعزيز الأمن الاقتصادي إذ يعيد منفذه الاستراتيجي الشمالي وينهي الاعتماد شبه الكلي على الموانئ الجنوبية، الأمر الذي يقلل من المخاطر الجيوسياسية والأمنية مثل Targeting مضيق هرمز أو الهجمات على المنشآت الجنوبية”.
وعرج العبادي، على التحديات وآلية المتابعة ودور المراجع العليا في ضمان النجاح كي لا يتحول هذا الإنجاز إلى حبر على ورق، مؤكداً على ضرورة أن”يرافق هذا التطبيق تشكيل لجنة فنية رقابية مشتركة مع مركز الإقليم برعاية المراجع العليا لمراقبة عملية القياس والإنتاج والتصدير والإيرادات لضمان الشفافية المطلقة والالتزام بنصِّ وروح الدستور في توزيع الإيرادات بشكل عادل يغطي تكاليف الإنتاج في الإقليم ويضمن حصة عادلة له، فضلاً عن إجراء مفاوضات سريعة وجادة مع الجانب التركي لتوقيع اتفاقية جديدة تنظم عملية التصدير عبر الأنبوب وتحلُّ جميع المشكلات العالقة بما يتناسب مع السيادة العراقية الكاملة” .
من جهته، وصف الباحث في الشأن الاقتصادي عماد المحمداوي، إتفاق تسليم النفط الخام المنتج من الحقول الواقعة في إقليم كوردستان إلى شركة تسويق النفط العراقية، بـ”الحدث الأهم”، الذي جاء نتيجة لمباحثات مستفيضة والتزامات من وزارة النفط الاتحادية تجاه الإقليم.
وفي السياق، عدَّ الباحث الاقتصادي المهندس أسعد الربيعي، الإتفاق بأنه”تطور مهم جداً”،لأنه يُنهي ولو بشكل جزئي صراعاً ترتبت عليه حالة من المدِّ والجزر بالعلاقة بين بغداد وأربيل لأنه يتعلق بملفٍّ حساس وهو العائد الاقتصادي.
وقال الربيعي،أن”هذا الاتفاق سيعطي صورة للعراق بصفته شريكاً موثوقاً في أسواق الطاقة بعد أن أثر على سمعته توقف التصدير من الأنبوب التركي، فضلاً عن انه سيسهم بتقليل الاعباء المالية عن إقليم كوردستان الذي يعيش أزمة اقتصادية خانقة تجلَت مظاهرها في الكساد الملحوظ في أسواق الاقليم والطوابير الطويلة التي تقف بانتظار الرواتب وأيضاً سيعود بالنفع على الخزينة العامة الاتحادية، فضلاً عن أنه سيخفف العبء المالي ويُسهم في تمويل مشاريع كثيرة خصوصاً في البنى التحتية”.
وبين،أن”الإتفاق أظهر قدرة الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم على حل جميع المشكلات بالحوار البناء مما يعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي في عموم العراق”.
إلى ذلك، ذكر المركز العالمي للدراسات التنموية ومقره العاصمة البريطانية لندن،أن”العراق يشهد تحولاً إستراتيجياً يتمثل في الجمع بين الاتفاق النفطي مع إقليم كوردستان من جهة، والإعلان عن فرص استثمارية بقيمة 450 مليار دولار من جهة أخرى، في خطوة تهدف إلى توظيف العوائد النفطية لتعزيز تنويع الاقتصاد وجذب رؤوس الأموال الأجنبية”.
وقال مدير المركز، د. صادق الركابي، إن”عوائد النفط ضمن الاتفاقية مع إقليم كوردستان يمثل استقراراً مالياً وفرصاً استثمارية جديدة”، مبيناً ،أن”استئناف تصدير 230 ألف برميل يومياً عبر بغداد، سيضيف نحو 4 – 4.3 مليار دولار سنوياً صافياً إلى الإيرادات العراقية”.
وأضاف الركابي،أن”هذه الموارد الإضافية ليست مجرد دعم للموازنة العامة، بل تمثل حجر أساس يمكن العراق من بناء برامج استثمارية وتنموية طويلة الأمد، إذا ما أُديرت بعقلانية وشفافية”.
ونوه بأن”التوصل إلى هذا الإتفاق يعكس قدرة بغداد وأربيل على تجاوز خلافات دامت سنوات، ويعزز صورة العراق كدولة قادرة على حلِّ نزاعاتها الداخلية ضمن أطر تفاوضية، الأمر الذي يطمئن المستثمرين الدوليين”، مضيفاً ،أن “للإتفاق تأثيرات مباشرة على الاستقرار الاجتماعي في العراق إلى جانب الإيرادات، إذ يُتوقع أن يُسهم الاتفاق في ضمان صرف رواتب موظفي إقليم كوردستان بانتظام، وهو ما يعدُّ مكسباً اجتماعياً يقلل التوترات السياسية ويعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة”.