يعد الرئيس جلال طالباني أحد أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ العراق بعد عام 2003، وقد ادى دورا محوريا في بناء العراق الجديد، فضلاً عن تأثيره ومكانته في تفعيل العلاقات الدبلوماسية للسياسة الخارجية للدولة.
وبحسب غالبية الطبقة السياسية والاكاديمية والمثقفين والمراقبين للشأن العراقي، فأن الرئيس جلال طالباني كان وما زال يمثل رمزا للتعددية السياسية والقومية والوحدة في العراق، سيما وانه كان أول رئيس كوردي لجمهورية العراق، ساهم في كسر الحواجز بين المكونات، وهو مؤسس النظام الفدرالي من منطلق أن العراق بلد متعدد القوميات والمذاهب الدينية، ويجب أن يُدار بشراكة لا بهيمنة طرف على آخر.
وفي نفس الوقت تمكن الرئيس طالباني من جَمع الفرقاء السياسيين على طاولة الحوار، خصوصًا في السنوات الأولى بعد 2003، ووُصف بأنه كان “رجل التوازنات”، خاصة في أوقات الأزمات السياسية والطائفية، وبفضل علاقاته الجيدة مع مختلف القوى السياسية (من الشيعة والسنة والكرد)، تمكن من تهدئة الكثير من التوترات واحتواء الازمات .
كان للرئيس جلال طالباني دور فاعل في صياغة الدستور العراقي الدائم عام 2005، والذي يُعد حجر الأساس للنظام السياسي الجديد، حيث عمل على تضمين مبادئ الفيدرالية والحقوق القومية، وحقوق الأقاليم ومنها إقليم كوردستان، ساعيا وسط كل تلك الأزمات والظروف الصعبة بعد 2003 إلى تحسين صورة العراق خارجيًا بعد سنوات من العزلة الدولية، عبر اجراء المئات من الزيارات الخارجية لدول العالم المختلفة مجريا محادثات مع قادة العالم، ما اسهم في أعادة العراق إلى الساحة الدولية.
عُرف جلال طالباني بأسلوبه الدبلوماسي وخبرته السياسية التي تراكمت منذ عقود من النضال السياسي، مدافعا عن بناء دولة ديمقراطية دستورية، تحترم حقوق الإنسان وتضمن حرية التعبير، وفي أكثر من مناسبة، رفض أي عودة إلى الحكم الشمولي أو الاستبدادي .
سعى دوما إلى إيجاد التسويات التفاوضية للتغلب على المشاكل التي كانت تعصف بالبلاد بما فيها إقليم كوردستان، مدركا اهمية تشكيل حكومات التوافق والوحدة الوطنية، تلافيا لخلق أزمات ومشاكل وترسيخ مبدأ الاستقرار والتعايش في العراق.
وعرف عنه الحكمة والكياسة وتقريب وجهات النظر بين الكتل والزعامات السياسية، وحرصه على العمل تحت سقف الدستور ووحدة العراق الفيدرالي، أعتبره مراقبون دوليون بأنه ” من السياسيين القلائل الذين حافظوا على موقف معتدل ومتزن في أوقات الانقسام الطائفي الشديد”.
بحسب معظم المراقبين والسياسيين، فإن جلال طالباني أدى دورا مفصليا في تثبيت أسس الدولة العراقية الجديدة بعد 2003، وتميز بشخصية سياسية تجمع بين الحنكة، الاعتدال، والدبلوماسية، مما جعله يحظى باحترام داخلي وخارجي كبيرين.

