د. محمد وليد صالح
أكاديمي وكاتب عراقي
إن تبني سياسات تراعي النوع الاجتماعي ومنع التمييز لتأكيد أهميتها في التوظيف ولتجسيد المساواة التي كفلها الدستور العراقي والمواثيق الدولية والقرارات الأممية وعززتها لكن غيبتها المؤسسات، فضلاً عن المنهجية الشاملة على مراجعة الأطر التشريعية والاجتماعية والسياسية والمؤسساتية لصنّاع القرار والمخططين والباحثين المعنيين، لدراسة بيئة العمل وتحليل الفجوات المعلوماتية والمعرفية وآلية المعالجة، كهدف بارز لورقة السياسات العامة عن مشاركة المرأة في إدارة المؤسسات الإعلامية.
فالستراتيجية الجندرية للإعلام العراقي التي أعدّها منتدى الإعلاميات العراقيات ضمن مشروع مكانتي، أشارت إلى أن هذه المؤسسات سواء أكانت قطاعاً عاماً أم خاصاً قلّما تهتم بوضع فقرات تعنى بالنوع الاجتماعي وقضايا المرأة ضمن خططها السنوية، إذ يواجهن تحديات مختلفة مثل صعوبة تبوّئهنَّ لمراكز صنع القرار وتراجع حجم مشاركتهنَّ في المؤتمرات المحلية والدولية، ولم يمنحن فرص كافية في برامج التدريب وبناء القدرات، بسبب المضايقات وضعف أدوات التمكين بمختلف أنواعه، واقتصار عمهلنَّ على موضوعات تخص حوّاء والأسرة والطفولة، وإعطاء الأولوية لتطوير البرامج السياسية أولاً، والبرامج العامة الاجتماعية والرياضية والثقافية ثانياً.
إذ تنبع أهمية هذه الإشكالية بوصفها استحقاقات دستورية ضامنة لمؤشرات قانونية تشتمل على دستور جمهورية العراق النافذ لسنة 2005، وقانون شبكة الإعلام العراقي (26) لسنة 2015 وتعديله الأول (63) لسنة 2017، وقانون حقوق الصحفيين (21) لسنة 2011، ومشروع قانون هيئة الإعلام والاتصالات منذ سنة 2017، فضلاً عن مؤشرات اجتماعية كطبيعة الوعي الجمعي لأفراد المجتمع وتركيبته الثقافية (الذكورية) والأعراف العشائرية مما يجبرهنَّ على الاستغناء عن موقع المسؤولية لاعتبارات مختلفة، والتعامل بمعايير التوظيف المنصفة على أساس المهنية بعيداً عن الشكل والمظهر وتعدد أدوارهنَّ النمطية، مع تنامي دور المؤثرات في مجال مواقع التواصل الاجتماعي اللواتي يطلق عليهنَّ صنّاع المحتوى وعدد المتابعين، وكذلك المؤشرات الذاتية والمؤسساتية كشرط معيار النوع الاجتماعي والكفاءة والتدرج الوظيفي لاختيار المراكز القيادية العليا.
ولابد للجنتي المرأة والثقافة والإعلام البرلمانية ودائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من بناء شراكات مع المنظمات غير الحكومية الوطنية منها والدولية لإعداد إستراتيجية عمل بعيدة المدى وتنفيذها، لفهم العوامل وراء إعاقة تسنمّهنَّ للمناصب لغرض إيجاد الحلول اللازمة في تحقيق مشاركتهنَّ العادلة، على أساس النوع الاجتماعي وعدم التمييز عند التعامل مع الكفاءات النسوية وتوجيه الرأي العام وتثقيفه بتعزيز مكانتهنَّ لتغيير أدوارهنَّ النمطية، وما يترتب عنها من انعكاسات تؤثر في تشجيعهنَّ وتمكينهنَّ من صناعة القرار وإدارة المؤسسات الإعلامية.