الكاتب.. محمد وليد صالح
(إنّ التفكير مستحيل من دون صور) يقول أرسطو، فالصورة التلفزيونية بوصفها مثيراً بصرياً فعّالاً، خصوصاً اليوم في عصر الرقمية والصورة المتحركة كوسيلة للتعبير عبر شاشة التلفزيون الفضائي، التي اكتسبت خصائص جديدة جعلتها متميزة التأثيرات ومنها النفسية والتربوية، بسبب انجذاب المتلقي تجاه المادة المعروضة بفعل التأثيرات النفسية للصورة كونها تنقل الواقع بأشكال صور خيالية ومتعددة الأبعاد وذات سمات ساحرة جذابة ولم تعد حكراً على دولة، بوساطة تساوي رؤية العين البشرية للمحتوى الذي تقدمه الصورة المبثوثة دون رقيب أو وسيط.
إذ يتطلب إعادة تقويم الأنموذج الاتصالي للصورة اليوم كعلامة على ثقافة التغيير الحديث، فالنقد الثقافي يعتني اليوم بثقافة الصورة كوسيلة إعلامية لها دور الرسالة والمرسل، ولم تعد الوسيلة هي الرسالة بحسب وصف مارشال مكلوهان في عام 1969 إذ اختزلت العناصر التي كنا نتحدث عنها وهنالك تداخل كبير بين العناصر الثلاثة، التي ازدادت أهميتها في العصر الرقمي ومجال الذكاء الاصطناعي، وهذا ما أكده رأي الناقد الفرنسي رولان بارت في قوله (إننا نعيش في حضارة الصورة) من أجل ممارسة العلاقات العامة بين الشعوب على المستوى غير الرسمي وبين الزعماء والحكومات على المستوى الرسمي.
فالمواجهة المباشرة مع الحدث أتت بعد غياب سيطرتنا على منع تكرارها وأصبحت مفرزات تأثير الصورة واضحة على أفكارنا وتفاعل ثقافتنا، إذ تعد لغة خطاب من نوع جديد له صفة المفاجأة والتلقائية مع شدة سرعة التقديم، لأن الصين تقول (الصورة تساوي ألف كلمة) لتأكيد الفهم الواضح.
إلا ان البرامج الثقافية التي تعتمد على إنتاج نمط واحد على وفق إرادة المنتج المهيمن لتجسيد رؤيته مع ميكانيزمات الإخراج والإعداد والتقديم، بوساطة احتكار وسائل الاتصال الرقمية التنميط الثقافي فاغلب ثقافات الأُمم واجهت برامج تلفزيون الواقع والمعولمة بالصورة والصوت من الخارج لتحل بديلاً عن البرامج المحلية، فضلاً عن تسويق رسالة برامج التسلية والمرح كهدف ظاهر ولتسويق ثقافي هادف وتمريره كهدف غير ظاهر، وتأتي ممارسة العلاقات العامة الرقمية في إرساء قواعد تكريس ثقافة الصورة سواء أكانت الإيجابية أم السلبية وبناء الثقة بين الجمهور عن مصدر الصورة ومحتواها وصناعة وعي المجتمع، ولاسيما ان أدوات الإعلام الجديد كالشبكات الاجتماعية والمدونات ومواقع المؤسسات الالكترونية، أضفت مرونة وديناميكية جديدة على هذه الأقسام في المؤسسات، ما مكنتها من الوصول بفاعلية وتزامنية لجماهيرها مهما تباعدوا جغرافياً وتنوعوا ثقافياً ولغوياً.