عباس عبدالرزاق
شهدت بغداد في الأيام الأخيرة زيارة لافتة لرئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل جلال طالباني، التقى خلالها برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وعدد من القيادات السياسية العراقية من مختلف الأطياف. جاءت هذه الزيارة في وقتٍ تتصاعد فيه التوترات بين أربيل وبغداد حول ملفات مالية ونفطية ودستورية، وهو ما جعل اللقاءات تأخذ طابعًا استراتيجيًا يتجاوز الإطار البروتوكولي المعتاد.
أهداف الزيارة المعلنة وغير المعلنة
على المستوى المعلن، تمحورت المباحثات حول ملف رواتب موظفي إقليم كردستان وتنفيذ الاتفاق النفطي بين الحكومة الاتحادية والإقليم، وهو ملف قديم جديد يعيد إنتاج الخلافات بين الطرفين.
لكن خلف هذا العنوان الاقتصادي، يمكن قراءة الزيارة في إطار محاولة إعادة ترتيب موقع الاتحاد الوطني في المشهد الكردي والعراقي، خصوصًا بعد تراجع نفوذه أمام الحزب الديمقراطي الكردستاني في السنوات الأخيرة، وسعي بافل طالباني لتكريس نفسه ممثلاً عقلانيًا ومعتدلاً أمام بغداد.
إعادة بناء الثقة بين بغداد والسليمانية
العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإدارة السليمانية كانت تقليديًا أكثر استقرارًا من علاقتها بأربيل. غير أن الأزمات المالية المتكررة وملف تصدير النفط جعلت من هذه العلاقة رهينة لتقلبات داخلية وإقليمية.
زيارة طالباني إلى بغداد بدت وكأنها محاولة لتجديد الجسور وإظهار استعداد الاتحاد الوطني للتفاهم المباشر مع الحكومة الاتحادية، بعيدًا عن ضغوط التنافس الحزبي داخل الإقليم.
البعد السياسي – توازنات ما بعد 2025
تأتي الزيارة في ظل استعداد العراق لمرحلة سياسية جديدة قد تشهد إعادة توزيع للأدوار والتحالفات، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية واحتمال إعادة النظر في آليات إدارة الثروات والسلطات بين المركز والإقليم.
طالباني، في هذا السياق، يسعى إلى تموضع جديد يضمن له حضورًا مؤثرًا في القرار الكردي والعراقي على حد سواء، وربما لتقوية موقعه في مواجهة خصومه داخل البيت الكردي.
لغة الحوار بدل التصعيد
تُحسب لطالباني في هذه الزيارة محاولته الدفع نحو لغة حوار هادئة، بعيدًا عن الخطاب الاتهامي أو التحريضي الذي ساد في بعض المراحل السابقة.
إصراره على لقاء شخصيات من أطياف سياسية متعددة (شيعية، سنية، وكردية) يعكس رغبة في ترسيخ صورته كشريك وطني أكثر من كونه زعيمًا إقليميًا محدود الدور.
الرسالة إلى الخارج

