د. محمد وليد صالح
أكاديمي وكاتب عراقي
الجهود الرامية لمساعدة البلدان في الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة بناء السلام وتحويل الصراع، والحد من مخاطر إنزلاق أي منطقة في العودة إلى حالة عدم الاستقرار بتطوير القدرات الوطنية لإدارة الصراع، وإرساء أسس السلام والتنمية المستدامة.
وبحسب الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” فهذه الجهود هدفها بناء السلام والحفاظ عليه ضرورية ليس فقط عندما يندلع النزاع، بل وقبل ذلك بوقت طويل بواسطة منع نشوب النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية، ويجب علينا أن نعمل معاً بطريقة أفضل على امتداد مسار السلام، مع التركيز على جميع أبعاد النزاعات.
أن بناء سلام دائم في المجتمعات التي مزقتها الحروب هو من بين أكثر التحديات صعوبة التي واجهت السلم والأمن العالميين، مما يتطلب استمرار الدعم الدولي للجهود المحلية عبر مجموعة واسعة من الأنشطة كمراقبة وقف إطلاق النار وإعادة دمج المقاتلين وتسريحهم، والمساعدة في عودة اللاجئين والمشردين والمساعدة في تنظيم الانتخابات ومراقبتها لتشكيل حكومة جديدة، ودعم إصلاح قطاع العدالة والأمن وتعزيز حماية حقوق الإنسان وترسيخ المصالحة بعد وقوع الفظائع الماضية وتجاوزها.
إذ تسهم وسائل الإعلام بتقوية التماسك المجتمعي والروابط الثقافية والحضارية المشتركة للتعايش السلمي، من طريق خطاب إعلامي هادف ومتزن وموضوعي وحيادي سواء أكان على المستوى الديني أم السياسي أم التربوي، لإعادة انتاج ثقافة المجتمع ووعيه.
وكانت مبادرة المنصة الإعلامية (العراق يقرأ) التي اطلقتها دار الكتب والوثائق الوطنية في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، إسهامة فاعلة لتشجيع القراءة ومراعاة التنوع الثقافي والقيم الإنسانية كالسلام والمحبة وثقافة الجمال، وتسليط الضوء على نتاجات الباحثين وحاجتنا لفهم واقعي موضوعي للعلاقة بين الإعلام وبناء السلام الذي لم يعد عدم الحرب فقط، بل أصبح له أبعاد كالعدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية والمشاركة العامة، فضلاً عن التسويق الإعلامي لمفهوم بناء السلام ونبذ خطاب الكراهية والتطرّف والعنف والإرهاب.
وتأتي مهمة صحافة السلام كنوع من الصحافة المتخصصة في تغطية النزاعات والحروب بشكل محايد وموضوعي من اجل نشر ثقافة التعايش بين الشعوب، ونقل قيم رسالة السلام الاجتماعي ومبادئ التربية الإعلامية الرقمية وتفعيل دور وعي النخب في خطابها، والافادة من تجارب المجتمعات التي عاشت ظروفاً مشابهة وليس من طريق نسخ تجاربها لكي تناسب خصوصية المجتمع العراقي، فالسلام ليس منع نشوب الحرب فقط وانما عملية اجتماعية مستمرة سواء أكانت على المستوى الذاتي أم العائلي أم المجتمع المحلي أم المستوى الإقليمي والدولي والعالمي.