عباس عبدالرزاق
رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني يؤكد من قلب كركوك أن حزبه أسس حكومة عادلة تحمي التنوع وتخدم الجميع
في أجواء انتخابية احتفالية اتسمت بالحماس والتفاعل الشعبي، أعلن بافل جلال طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، أن حزبه أوفى بجميع الوعود التي قدمها لأهالي كركوك، مؤكدًا أن الاتحاد أسس حكومة محلية عادلة لا تميز بين مكونات المدينة، وتؤمن بخدمة المواطن والأمن والكرامة.
وجاءت تصريحات طالباني خلال مهرجان جماهيري واسع أُقيم مساء الثلاثاء 28 تشرين الأول/أكتوبر 2025 في كركوك، بمناسبة الإعلان عن مرشحي قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني (222) لانتخابات الدورة السادسة لمجلس النواب العراقي.
“حكومة بلا تمييز”
في مستهل كلمته، شدد طالباني على أن الاتحاد الوطني الكردستاني ترجم وعوده إلى واقع ملموس، قائلاً:
“أقمنا حكومة في كركوك لا تميز بين مكوناتها، حكومة تؤمن بالخدمة والأمان وكرامة الناس. أوفينا بكل ما وعدنا به، رغم أن نصف العالم وقف ضدنا، لكننا لم نتراجع”.
وأضاف أن التجربة الإدارية في كركوك تمثل نموذجًا للحكم المحلي المتوازن، مشيرًا إلى أن حزبه عمل على جعل المدينة “لكل أبنائها، لا لطرف دون آخر”.
تحسن ملحوظ في الخدمات
وفي محور الخدمات، أكد طالباني أن كركوك لم تعد تعاني من أزمات الماء والكهرباء كما في السابق، لافتًا إلى أن مشاريع خدمية متعددة نُفذت رغم محدودية الميزانية.
وقال:
“منذ تسلّم الاتحاد الوطني إدارة المحافظة، وصلت الميزانية ثلاث مرات فقط، ومع ذلك تحسنت الشوارع والمشاريع بشكل واضح. سنواصل تنظيم الموارد وتخصيصها لخدمة المواطنين”.
وأوضح أن الحزب يضع تحسين البنية التحتية والخدمات العامة في مقدمة أولوياته، معتمدًا على التعاون بين الحكومة المحلية والمواطنين.
كركوك… نموذج للتعايش
وصف طالباني كركوك بأنها “مدينة التعايش الحقيقي بين الكرد والعرب والتركمان والمسيحيين”، مؤكدًا أن الاتحاد الوطني جعل منها نموذجًا مصغرًا للعراق المتعدد.
وأضاف: “بفضل دعمكم، أصبحت كركوك مدينة للعيش المشترك. شركات كبيرة ترغب اليوم بالاستثمار فيها، ونحن نقاتل من أجل جميع المكونات، ونحترم خصوصية كل طرف، لكننا نحتاج إلى أصواتكم للاستمرار في هذا النهج”.
الديمقراطية لا الحرب
في لهجة نقدية موجهة إلى بعض الأحزاب المنافسة، قال رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني:
“هناك من يقول إنه سيحرر كركوك بالحرب، لكن كركوك تحررت بالديمقراطية لا بالسلاح.”
وأضاف أن بعض الأحزاب تمتلك مقعدين فقط في البرلمان “ولم تقدم شيئًا للمدينة”، مشيرًا إلى أن الاتحاد الوطني “باقٍ في الميدان ومع الناس، لأن كركوك لا تريد الغائبين، بل تريد الاتحاد الوطني الذي يقف إلى جانبها دائمًا”.
اللغة الكردية حق دستوري
طالباني شدد على أهمية احترام الدستور العراقي الذي يقر اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب العربية، داعيًا الحكومة الاتحادية إلى صرف رواتب معلمي كركوك من بغداد وضمان حق الطلبة في التعلم بلغتهم الأم.
وقال:
“لن نقبل أن يُغدر بنا في هذا الحق، فاللغة الكردية جزء من هوية العراق الرسمية. نحن قوة حقيقية في بغداد، وسندافع عن هذا الحق حتى النهاية”.
كما طالب بفتح صناديق الاقتراع في طوزخورماتو أمام ناخبي الاتحاد الوطني وأسر الشهداء والبيشمركة، مؤكداً أن “نجاح الاتحاد الوطني هو نجاح أهالي كركوك جميعًا”.
اتحاد أقوى وأكثر تماسكًا
وفي ختام خطابه، أكد طالباني أن الاتحاد الوطني اليوم “أكثر نضجًا ووحدة وقوة من أي وقت مضى”، داعيًا المواطنين إلى دعم قائمة الاتحاد الوطني (222) في الانتخابات المقبلة، قائلاً: “نطلب منكم أن تجعلوا أصواتكم خضراء في صناديق الاقتراع، كي نبقي على روح مام جلال حيّة، ونواصل طريقه”.
وختم خطابه بنداء مؤثر تكرر ثلاث مرات:
“كركوك… كركوك… كركوك، أنتم القلب ونحن النبض.”
قراءة في الخطاب: رسائل انتخابية بملامح استراتيجية
يحمل خطاب بافل جلال طالباني في كركوك أبعادًا سياسية واضحة تتجاوز الإطار الانتخابي.
فالرجل سعى إلى ترسيخ صورة الاتحاد الوطني الكردستاني كقوة مسؤولة تؤمن بالدولة المدنية، وتعمل على بناء نموذج إداري متوازن في محافظة تمثل جوهر التعدد العراقي.
إصراره على أن “كركوك تحررت بالديمقراطية” يعكس توجهًا واعيًا نحو خطاب الوحدة والاستقرار، في مقابل لغة الاستقطاب والتصعيد التي طبعت المشهد السياسي العراقي في السنوات الأخيرة.
كما أن تأكيده على اللغة الكردية وحقوق المكونات الأخرى يشير إلى رغبة في إعادة تعريف العلاقة بين المركز والإقليم على أساس الشراكة لا التبعية.
وفي العمق، بدا خطاب طالباني محاولة لإعادة وصل ما انقطع بين كركوك وبغداد، وإحياء الإرث السياسي لمام جلال عبر خطابٍ يجمع بين البراغماتية الوطنية والرؤية الكردستانية المعتدلة.
رسالة الخطاب كانت واضحة:
الاتحاد الوطني يريد أن يكون حزب الدولة، لا حزب الإقليم فقط، وأن كركوك هي قلب هذه المعادلة الجديدة.

