الكاتب..عباس الغالبي
اطلعت مؤخرا على تقرير لبينانات مبيعات البنك المركزي العراقي والعائدات النفطية لشهر اب الماضي من العام الحالي 2022، حيث اقتربت مبيعات الصادرات النفطية من حاجز العشرة مليارات دولارا امريكيا فيما بلغت مبيعات البنك المركزي العراقي من الدولار حوالي الخمسة مليارات والنصف موزعة على الاعتمادات المستندية والحوالات والمبيعات النقدية في مزاد بيع العملة وبنسبة بلغت ٥٧% من مقدار العائدات النفطية لشهر اب الماضي ، وإزاء هذه البيانات المستقاة من البنك المركزي العراقي نفسه ووزارة النفط العراقية هل نحن في ظل سياسة اقتصادية متخبطة تشوبها تمظهرات الفساد الذي يضرب اطناب الدولة في غياب واضح وجلي لما يسمى بالعمل المؤسساتي .
وإذا كان البنك المركزي العراقي يبيع اكثر من نصف واردات الخزينة فهل ان البنك صائبا في سياسته النقدية هذه وهل ان مبيعاته النقدية من العملة في مزاده العتيد هي لصالح تغطية نفقات التجارة الخارجية كما هو هدفها المعلن من قبله من دون ادنى شبهات فساد ، فهذه تساؤلات هي في واقع الامر ليست وليدة اللحظة او جاءت تحت ضغط المرحلة الحالية بقدر ماهي تساؤلات كنا قد طرحناها على البنك المركزي مباشرة في ندوات ومؤتمرات سابقة ولسنين طوال او من خلال عملنا الصحفي طيلة الفترة الماضية ولم نلقى سوى تبريرات تكاد تكون متشابهة وهي ان مزاد العملة وجد من اجل تغطية نفقات التجارة الخارجية للقطاع الخاص ، وإذا سلمنا ان هذا التبرير جاء منطقيا لفترات محدودة خدمة للتجارة الخارجية وعدم ارتفاع سعر الصرف لكن ان يبقى طيلة هذه الفترة بعد عام 2003 وفي ظل شبهات فساد لغسيل اموال وتهريب العملة الاجنبية طالت عديد من المصارف وايضا حالات الفساد التي طالت مشهد استيراد السلع والبضائع التي كانت تدخل بفواتير وهمية او مبالغ فيها وقد حددت من قبل تقارير عديدة سابقة لديوان الرقابة المالية وايضا تحقيقات هيئة النزاهة ، نقول ان يبقى هذا المزاد وبوتيرة تصاعدية بنزف الدولار بهذه الارقام واصرار البنك المركزي العراقي على عدم الاتيان ببديل لهذا النزف المستمر للدولار من خلال مزاده اليومي فهذا يضعنا امام اكثر من علامة استفهام فقد قلنا سابقا ونقولها الان هناك اكثر من بديل للاستعاضة عن مزاد بيع العملة سعيا لعدم نزف الدولار في مواضع هي في عناوينها الكبرى لتغطية نفقات التجارة الخارجية لكن تتوافر في طياتها كثير من حالات المبالغة والوهمية التي ترقى الى حالات الفساد المالي والإداري الصريح ، ولذا لابد للبنك المركزي العراقي ان يعمل على استخدام وسائل جديدة من غير مزاد العملة من اجل المحافظة على العملة الاجنبية في البنك وزيادة معدل الاحتياطات النقدية الاجنبية الداعمة للعملة المحلية في ظل اقتصاد مازال احادي الجانب يعاني من اختلالات هيكلية وبنيوية وغياب للتنويع في مصادر الدخل الامر الذي يتطلب سياسات مالية ونقدية تنسجم مع متغيرات الوضع الحالي وارتفاع اسعار النفط وتحقيق وفرة مالية لابد ان تستغل الاستغلال الامثل استثماريا واعماريا عبر خطط ناجحة بعيدة عن حالات وتمظهرات الفساد المالي والإداري والارتجالية في القرارات كافة.