في أعماق الغابات حول العالم، يعيش طائر صغير يُدعى نقّار الخشب. يبدو بسيط المظهر، ولكنه يحمل في تكوينه سرًّا مذهلًا من أسرار الخليقة.
يقضي هذا الطائر معظم يومه وهو ينقر جذوع الأشجار بسرعة قد تبلغ نحو عشرين نقرة في الثانية، بحثًا عن غذائه المختبئ في عمق الخشب، ومع ذلك لا يتأثر رأسه ولا يُصاب بأي أذى!
والأغرب من كل ذلك هو لسانه العجيب؛ فهو أطول من المنقار بكثير، ويمتد إلى داخل الجمجمة، ويلتف أحيانًا حول الرأس بمحاذاة محجر العين عبر مسار فريد لا يشبهه شيء في عالم الحيوانات.
هذا اللسان لا يساعده فقط على التقاط الحشرات الصغيرة، بل يعمل أيضًا كآلية طبيعية لامتصاص الصدمات، فيخفف تأثير النقرات المتتالية، ويحمي دماغه من الارتجاج.
يسمّي العلماء هذا النظام المتقن بـ الجهاز اللامي (Hyoid Apparatus)، وهو بناء بالغ الدقة، لو تعطّل جزء واحد منه، لما استطاع الطائر أن يستمر في حياته.