د. محمد وليد صالح
أكاديمي وكاتب عراقي
الصحافة تحت الحصار الرقمي كان شعار اليوم العالمي لحرية الصحافة رفعته اليونسكو العراق في احتفائها، لإحياء مساهمات الصحافيات والصحافيين في نشر قيم الديمقراطية والحوار والوحدة الوطنية ونبذ خطاب الكراهية وبناء السلام لمنع الإبادة الجماعية، وتثمين دورهم وتضحياتهم في المعركة ضد الإرهاب، فضلاً عن قدرتهم على الإسهام الخلاق في مواجهة الإعلام المضاد، والعمل على نشر مفاهيم المواطنة.
ان الصحافة اتسمت بدفاعها الشجاع عن مصالح وحقوق وطموحات شعبنا وحريته عبر تأريخها الطويل، منذ يوم الخامس عشر من شهر حزيران مع انطلاق صحيفة (الزوراء) الأولى في بغداد عام ١٨٦٩، وفي ذكرى عيدها الثالث والخمسين بعد المئة بعد الإعلان عن ايقاد شمعتها السنوية، وسعي النقابات والمؤسسات الإعلامية المتواصل لامتلاك الكفاية المهنية العالية، من اجل صناعة خطاب الدولة عبر الإعلام الأفضل على مستوى المنطقة.
وفي ضوء أهداف خطة التنمية المستدامة العالمية السبعة عشر المعتمدة من الأمم المتحدة قبل ثمان سنوات، من أجل القضاء على الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030.
فأن بيئة العمل تتطلب تجسيد هذه الأهداف بالتخطيط لرؤيتها الستراتيجية في المرحلة المقبلة والانتقال من حالة الإعلام التقليدي إلى حالة الإعلام الرقمي والبديل وصحافة المواطن، فالمنتج المرئي والمسموع والمقروء أصبح عابر للحدود في ظل العصرنة الفضائية والإلكترونية بواسطة آليات التسويق في شبكة المعلومات العالمية، فرسالة الإعلام الموجهة ليست محلية وانما إقليمية ودولية والجمهور المستهدف كذلك بكل تنوعاته واختلافاته، بفضل التطبيقات المستحدثة ضمن الفضاءات الافتراضية وأوعية التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، لكشف انتظامات معينة في حركة بنية المجتمعات البشرية وتطورها.
إذ ان تشخيص الصعوبات وعلاجها يتطلب قانون يكفل حقوق الصحافيين ويهتم بالنوع الاجتماعي في تمكين المرأة ومشاركتها في صناعة القرار وإدارة المؤسسة الإعلامية، ومواجهة ظاهرة التنمّر والإبتزاز الإلكتروني وتقنين اجراءات العمل الكيفي لضمان المساواة بين الجنسين.
وعلى الرغم من تراجع الأوضاع الاقتصادية والصحية لفئة كبيرة من الصحفيين بسبب الأزمات المختلفة، مما جعل ايجاد نظام تكافل متكامل للسلامة المهنية لمساعدتهم وعوائلهم بتوفير السكن اللائق والرعاية الصحية والمورد المادي للعيش في حال تعرضه لطارئ في اثناء العمل، فضلاً عن إعداد مشروع واعدون لبناء القدرات وتنمية مهارات الشباب الإعلامية من خريجي الجامعات، ومزج دراستهم النظرية العلمية بالواقع وممارسة المهنة وهم طلبة ليكسبوا مؤهلات تضاف إلى شهاداتهم الجامعية لتمكينهم من دخول سوق العمل الصحفي.
ولابد من قيام المؤسسات والنقابات والاتحادات ولجانها الجديدة بتفعيل خطة عمل لجهودها الداعمة لإضفاء الطابع المؤسسي على المهنة الصحافية والنهوض بها، فبرامجها المقرونة بفعل على الأرض ستكون مؤثرة في عملها الجاد وسط تأييد الجمهور وتعزيز عنصر الثقة وامتداداته، من طريق إعداد السياسات العامة الناجعة وتحديد معايير حرية الرأي والتعبير وسلامة الصحافيين والحد من الانتهاكات ورفع مستوى الوعي واعتماد عمليات الرصد وإعداد التقارير وتطوير الامكانات وتبادل الخبرات وإجراء البحوث والدراسات المختصة، بوصفها نهج الشراكات العالمية ومشروعها الشامل على أدواته الملموسة التي تضم منظمة اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ومؤسسات الإعلام والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني للإسهام في تنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة.