كتب / دياري صالح
نقاط أساسية
-
يحاول العراق الخروج من مأزقه الجغرافي الذي يفرض عليه تصدير النفط من موانئ البصرة ليصل إلى مستهلكيه عبر مضيق هرمز، ومن هنا جاءتفكرة نقل النفط العراقي إلى ميناء الدقم العماني.
-
سيُشكِّل مشروع خط الأنابيب العراقي-العُماني، في حال تنفيذه، علامة فارقة في المساعي الخاصة بتصدير النفط العراقي. إذ يؤمل أن يسهم في نقل قرابة 1-1,5 مليون برميل يومياً قابلة للزيادة مستقبلاً، مع تخزين قرابة 10 مليون برميل في 8 مستودعات أساسية في عُمان.
-
سيُسهِم خط الأنابيب هذا في تجاوز عقبة مضيق هرمز في حال اشتعل صراع إقليمي يهدد نقل صادرات النفط عبره، كما سيؤمن الاقتصاد العراقي من نتائج تعرُّضه لهزة عنيفة تنتج عن وقف تصدير النفط، خاصة وأن هناك خططاً طموحة لرفع الإنتاج الوطني إلى 5 ملايين برميل يومياً في 2026.
-
تواجه خطة إنشاء خط الأنابيب العراقي-العماني العديد من العقبات، يتعلق بعضها بالتحديات الهندسية والبيئية والاقتصادية، ويرتبط البعض الآخر بالتحديات الأمنية والسياسية، وأهمها تهديدات الفصائل المسلحة، والرفض الأمريكي المحتمل لإنشاء خط كهذا.
يملك العراق رغبة حقيقية في الانفتاح على دول الخليج العربي، وفي هذا السياق جاء الحديث عن اتفاقياته الأخيرة مع سلطنة عُمان، والتي ترددت فيها فكرة نقل النفط العراقي إلى ميناء الدقم العماني. وعلى رغم الأهمية التي يُمثِّلها مشروع كهذا للطرفين، فإنَّ تنفيذه على أرض الواقع يصطدم بالعديد من العقبات الجوهرية.
خط الأنابيب المقترح
لطالما عانى العراق من إشكالية موقعه الجغرافي؛ فإطلالته البحرية الوحيدة، المتمثلة في محافظة البصرة على الخليج العربي، فرضت عليه لعقود من الزمن آلية محددة لتصدير النفط. تأتي السفن المختلفة إلى هذه الموانئ لتنقل نحو 3 مليون برميل يومياً أو يزيد إلى أسواق النفط الدولية، مما يعني أن أي عائق تقني، أو بيئي، أو أمني يمكن أن يُوقِعَ العراق في أزمة خطرة، نظراً لكونه بلداً ريعياً يعتمد اقتصاده بشكل أساسي على بيع النفط. لهذا، عملت الحكومات العراقية المتعاقبة على توقيع العديد من الاتفاقيات لتخفيف الضغط على الميناء الرئيس للبلاد، فضلاً عن التفكير بشكل جدي في عملية تجاوز مشكلة التصدير عبر منفذ واحد فقط.
لقد بدأ الحديث منذ مدة عن خطط طموحة تهدف إلى تعزيز ايصال نفط الجنوب إلى مراكز تسويق جديدة. وشهدت السنة الماضية حوارات رسمية مكثفة حول انشاء خط أنابيب البصرة-حديثة، الذي يمكن أن يسهم لاحقاً في مد أنبوب إلى الأردن وآخر باتجاه سورية. كما جرى الحديث عن تفعيل خط الأنابيب كركوك-بانياس، لاسيما في ظل ما مر به العراق قبل أشهر من أزمة توقُّف الصادرات عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي. وتسهم الخريطة الجديدة المقترحة للأنابيب في إعطاء العراق فرصة مهمة لتفعيل دبلوماسية أنابيب الطاقة، وما تتركه من أثر جيواقتصادي مهم.
تصدير النفط العراقي عبر ميناء الدقم العماني سيُسهِم في عملية تسويقه عالمياً (وكان الحدث الجديد الأكثر لفتاً للانتباه قد تمثل في تصريحات الحكومة العراقية عن توسيع آفاق التعاون النفطي مع سلطنة عُمان في ضوء الاتفاقيات التي عقدها رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في خلال زيارته الأخيرة إلى السلطنة، وكان التركيز يدور بشكل أساسي على عمليات التخزين والتسويق (حيث وقّعت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” مذكرتا تفاهم مع مجموعة “أوكيو” العُمانية، تشمل الأولى تطوير مشروع تخزين النفط العراقي في رأس مركز بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، فيما تتيح الثانية لشركة “أوكيو للتجارة” تسويق النفط العراقي عالمياً، بالاستفادة من الخبرات التجارية والإدارية لدى الطرفين)، إلى جانب بحث إمكانية إنشاء خط للأنابيب للربط بين البلدين.
وعلى الرغم من عدم وجود تفاصيل رسمية تخص هذا المشروع الأخير، فإن هناك تصورات أولية تتحدث عن مساراته الأساسية، حيث يشتمل الاتجاه الأول لخط الأنابيب على مسار بحري، سيتم من طريقه مد أنبوب تحت الماء للوصول إلى محطة التخزين الأساسية في محطة رأس مركز لتصديره عبر ميناء الدقم. فيما يتخذ الاتجاه الآخر البديل مساراً برياً يمر عبر الكويت فالمملكة العربية السعودية ومنها إلى منشآت التخرين في ميناء الدقم. ومع أن الجانب العراقي لم يُفصِح بعد، وبشكل تفصيلي، عن المسار الذي يفضله والكلف الاقتصادية الخاصة به، إلا أن هذا المشروع الطموح سيشكل، في حال تنفيذه، علامة فارقة في المساعي الخاصة بتصدير النفط العراقي. إذ يؤمل أن يسهم ذلك في نقل قرابة 1-1,5 مليون برميل يومياً قابلة للزيادة مستقبلاً، مع طموحات عالية للعمل على تخزين قرابة 10 مليون برميل في 8 مستودعات أساسية جرى الاتفاق المبدئي على إنشائها في عُمان، ليسهم ذلك لاحقاً في عملية تسويقه عالمياً وفق الحصص المتفق عليها في منظمة أوبك.
أهمية خط الأنابيب العراقي-العُماني
توحي الخريطة المتخيلة للمشروع والوجهة الجغرافية التي يمضي نحوها بأن هنالك مجموعة مهمة من المنافع التي يسعى العراق إلى تحقيقها، ويمكن إيجازها على النحو الآتي:
-
تأمين الاقتصاد العراقي: تُشير التطورات المتسارعة في المنطقة إلى أن اللعب بكل الأوراق المتاحة أمام القوى الإقليمية والدولية المتنافسة/المتصارعة بات أمراً ممكناً، ومن ثمَّ فإن هناكمخاوف متنامية من إمكانية اندلاع نزاع عسكري في مضيق هرمز يؤدي إلى تعطيل حركة الناقلات البحرية، ويُسهم بالتالي في توجيه ضربة موجعة لاقتصاديات دول الإقليم. ولذا يستمر بحث الأطراف المعنية عن طرق تصدير بديلة -وإن كان بعضها مكلفاً- لتجنُّب تداعيات هذا السيناريو. وقد دفع ذلك العراق إلى التعويل على خط الأنابيب العُماني المقترح انشائه لاعتبارات ذات صلة بهذه المخاوف؛ حيث سيسهم خط الأنابيب هذا في تجاوز عقبة مضيق هرمز، كما سيسمح بحماية الاقتصاد العراقي من نتائج تعرُّضه لهزة عنيفة لا يقوى على تحمُّل تداعياتها بسهولة، خاصة وأن هنالك خطط طموحة لرفع الإنتاج الوطني إلى5 ملايين برميل يومياً في خلال العام 2026، ومن ثمّ زيادة الاعتماد على صادرات النفط العراقي عبر عمان، وبما يغطي مدة تصدير تصل إلى قرابة 10-14 يوماً، في حال حصل هذا السيناريو.
-
تجاوز العقبة المناخية: يحظى الموقع الجغرافي لمحافظة البصرة بقيمة استراتيجية كبيرة في الخريطة العراقية، فلولا إطلالتها البحرية البسيطة -نسبة إلى بقية طول الحدود البرية- لصنُّف العراق بلداً حبيساً بالكامل. ومن ثمَّ، تُشكِّل البصرة عنصر ربط أساسي للعراق مع مراكز التجارة الإقليمية والدولية المهمة عبر أساطيل السفن التي تصل إلىموانئهاالرئيسة. لذا، فإن أي تقلُّبات مناخية متطرفة، كتلك التي يشهدها العراق عادةً في فصل الشتاء، يمكن أن تحُدَّ (أو حتى تُعطِّل أحياناً) القدرة التصديرية من هناك، مما يتسبب بخسائر اقتصادية كبيرة، خاصة إذا علمنا أن العراق يُصدِّر عبر موانئ البصرة ما يناهز الـ 3 مليون برميل يومياً. وفي ضوء ذلك، أكدت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” بأن عملية إيصال النفط العراقي إلى ميناء الدقم ومنشآت التخزين الخاصة به في “رأس جسر” تسمح للسفن بتجاوز هذه العقبة المناخية، مما ينعكس إيجاباً على عملية تسويق النفط العراقي وديمومة تصديره.
ُيخطط العراق لرفع إنتاجه من النفط إلى 5 ملايين برميل يومياً في العام 2026 (أ.ف.ب)
-
السيطرة على التهريب: يُعاني العراق منذ سنوات من الدور السلبي الذي تمارسه الفصائل والمليشيات المسلحة، التي بات لها اقتصاد مواز لاقتصاد الدولة. وأحد أهممصادرالدخل لهذا الاقتصاد يتمثَّل في التحكم بحركة التجارة والتهريب عبر موانئ مدينة البصرة. وتشكل سيطرة هذه القوى على جزء مهم من تجارة النفط مصدر حرج كبير للحكومة العراقية، كما أنَّه يعد مؤشراً على عدم قدرة الأخيرة على حماية اقتصاد الدولة والشراكات التي تقيمها مع الجهات الأجنبية ذات العلاقة بالقطاع النفطي. لذلك، تأمل الحكومة أن يُسهم مد خط الأنابيب العراقي-العُماني في فرض قدرٍ أعلى من السيطرة على عمليات تصدير النفط.
-
الربط بين الموانئ: سيُعزز خط الأنابيب العراقي-العماني، في حال جرى اعتماد مساره البحري، العلاقات التجارية الواسعة المرتبطة بعمليات تصدير المنتجات النفطية بين الطرفين عبر موانئهما المهمة. وسينعكس هذا الربط إيجابياً على اقتصاد محافظة البصرة بصفة خاصة، والتي يؤدي الاستقرار فيها دوراً مهماً في تهدئة المجتمع في عموم الجنوب العراقي، لاسيما في ظل تزايد النقمة الشعبية هناك على الفرص الاقتصادية المهدورة لتطوير الواقع الخدمي لمدن الجنوب. وقد ساهمت الحركة الاحتجاجية في البصرة التي اندلعت عام 2019 في خلق نوع من الحافز لبقية المدن العراقية للسير بذات الاتجاه، مما سلط الضوء على محورية الدور الذي تمارسه هذه المدينة في تحديد الوزن الجيوبوليتيكي لمجمل الجنوب العراقي.
-
التحول نحو الخليج: عانت الحكومات العراقية بعد عام 2003 من إشكالية التقارب المفرط مع إيران، مما خلق أجواء غير مريحة في الوسط العربي، وتحديداً في الدول الخليجية التي تتمتع بنفوذ إقليمي كبير. لهذا فإن محاولة السوداني الانفتاح على سلطنة عُمان -العضو في مجلس التعاون الخليجي- يرسل إشارات مهمة إلى أن حكومته تريد المضي في تعزيز علاقاتها الخليجية والاحتفاظ بمسافة حياد آمنة مع الطرف الإيراني. إن خط الأنابيب العراقي-العُماني يمكن أن يخلق مساراً دبلوماسياً مهماً يساعد على رسم ملامح المرحلة المقبلة للعلاقات العراقية-الخليجية. ومع أن البعض يحاول التقليل من أثر هذه الخطوة، عبرالتلميحإلى أن السوداني يسعى إلى استثمار خط الأنابيب في الحصول على الدعم الخليجي لتوليه رئاسة الحكومة للمرة الثانية، إلا أن مشروع الأنابيب هذا، سواء بقي السوداني في موقعه أم جاء شخص آخر مكانه، يبقى خياراً عراقياً استراتيجياً لا يمكن التخلي عنه بسهولة. علماً بأن طرحه بهذا التوقيت لا يعني بالضرورة أنه نتاج خالص لتوجهات لحكومة السوداني، التي يبدو أنها تحاول تدارك -في حال صدقت نواياها- ما تم إهماله من رؤى وتصورات سابقة للانفتاح على دول الجوار الخليجي.
-
الاقتراب من الاسواق الآسيوية: عادة ما يُسوَّق الجزء الأكبر من النفط العراقي عبر البحر إلى مستهلكيه في آسيا. وفي حال استكمل تنفيذ التفاهمات العراقية-العمانية، فإن السفن التي تصل إلى البصرة ستجد أمامها خياراً آخر لتحميل النفط العراقي من ميناء الدقم. ومع أن ذلك قد يُسهِم في تراجع القيمة السوقية لموانئ البصرة، إلا أنَّه في الوقت نفسه سيقللالمسافةالمطلوبة للشحن وما يترتب عليها من مبالغ ومخاطر بالنسبة لشركات النقل البحري، كما سيُشجع الأسواق الآسيوية على مزيد من الاعتماد على النفط العراقي. ومن المؤمل أن يسهم ذلك في تراجع كُلَف التأمينات على كميات النفط بواقع 1-2 دولار للبرميل، مما يسهم في زيادة مداخيل بيعه عبر هذا المنفذ. أيضاً، يمكن لنقل النفط العراقي إلى عُمان -وما يرافقه من تقليل لدخول السفن إلى المياه الاقليمية العراقية- أن يسهم في تخليص العراق من شبهة التواطؤ مع بعض السفن لتهريب النفط الإيراني عبر موانئ البصرة.
-
الاستعداد لسيناريو تجدد المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية: أدت حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل إلى إثارة المخاوف العراقية من احتمال تكرار هذه المواجهة مستقبلاً، ومن إمكانية أن تسهم الردود والأفعال غير المنضبطة للقوى والفصائل المحلية المسلحة المرتبطة بإيران في إقحام العراق في قلب المواجهة، مع تزايد إمكانية أن تكونالموانئالعراقية هدفاً مباشراً لإسرائيل، على غرار ما حصل في عملية استهداف مع الموانئ اليمنية، في حال تجدد الصراع وكان العراق متورطاً فيه. وتدرك الحكومة العراقية أن أي تدمير هائل قد تتعرض له إمكانيات التصدير العراقية سيكون من الصعب معالجته في مدة زمنية قصيرة، ويبدو أن هذا الهاجس أسهم في تسريع العراق خطة التعاون مع عُمان ومباشرة نقل نفطه عبر السفن إلى المستودعات في ميناء الدقم، مما يشير إلى حجم الضغط الذي يمثله مثل هذا السيناريو على التصورات العراقية.
قد يخلق خط الأنابيب العراقي-العُماني مساراً دبلوماسياً مهماً يساعد على رسم ملامح المرحلة المقبلة للعلاقات العراقية-الخليجية (أ.ف.ب)
المعوقات التي تواجه خط الأنابيب
لن يكون الحديث عن مشروع مستقبلي كهذا مجدياً من الناحية العملية دون الخوض في العقبات الأساسية التي قد تعترض تنفيذه، والتي يمكن إجمالها بالآتي:
-
تعقيدات المسار البحري: يحتاج بناء مثل هذا الأنبوب إلى شراكات دولية ومواردماليةمهمة مع سنوات من العمل لإكماله، وأي نظرة سريعة على خريطة المنطقة تكشف بوضوح أن الحديث العراقي عن إنشاء خط “أنابيب بحري” يصل إلى عُمان يعكس طموحاً كبيراً. فمن المفترض أن يمتد هذا الخط تحت مياه الخليج لمسافة تزيد عن 1000 كم، وهو أمرٌ يفرض تحديات هندسية ضخمة وتكاليف عالية، وسيكون للاعتبارات البيئية والهندسية “دوراً حاسماً في تحديد الجدول الزمني، لاسيما في حال اختيار المسار البحري الذي يتطلب دراسات دقيقة لحماية النظم البيئية البحرية وضمان استقرار قاع البحر ضد التآكل أو أي تسرب محتمل”. كما سيحتاج إنشاء هذا المسار إلى ترتيبات معقدة ومفاوضات شاقة مع بعض دول الخليج للاتفاق على عملية مرور الأنبوب عبر مياهها الإقليمية.
-
تحديات المسار البري: تتجاوز المسافة الافتراضية لهذا المسار -عبر الكويت والسعودية وصولاً إلى ميناء الدقم- الـ 1000كم وفق بعض التقديرات، مما يعني أن هناك حاجة لتخصيص مبلغ كبير (أكثر من 10 مليارات دولار) لتحويل هذا المشروع إلى واقع على الأرض. وفي هذا السياق، ومع افتراض اكتمال ترتيبات تأسيس هذا المسار، سيكون هنالك ما يسمى بضريبة المرور التي يتوجب دفعها عن كل برميل إلى هذه الدول، وهو ما سينعكس بالمحصلة على صافي المبالغ التي سيحصل عليها العراق من تصدير نفطه، خاصة وأن الجزء الأكبر من هذا المسار، بطبيعة الحال، يقع خارج الأراضي العراقية. وثمة رأي يُشير إلى أنفارق كلف التأمين يمكن أن توفر حافزاً مهماً لتجاوز عقبة الحديث عن ضريبة المرور، وهو ما يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتأكيدات الرسمية. ومن المتوقع أن يسمح المشروع -في حال تطورت العلاقات مع الدول التي يمر بها- بتوفير فرصة أخرى للعراق لتفعيل خط أنابيب لتصدير نفطه عبر الأراضي السعودية، من طريق ميناء ينبع على البحر الأحمر.
-
تهديدات الفصائل العراقية المسلحة: لا تزال العديد من الفصائل العراقية المسلحة تعمل علىعرقلة الجهود الحكومية الرامية إلىى الانفتاح على الجانب السعودي باستخدام حجج وذرائع مختلفة. ويمكن أن يؤدي الحضور القوي لممثلي هذه الفصائل في البرلمان، وما تملكه من قدرة على تهييج الشارع، إلى إعاقة الجهود الرامية لمد خط الأنابيب العراقي-العُماني، كما حصل مثلاً معمشاريع الاستثمار السعودي في بادية السماوة. ولقد عمدت بعض القوى المتطرفة في هذه الجبهة إلى تصعيد خطاباتها ضد مشاريع مماثلة لأنابيب النفط (خط أنابيب نقل النفط من البصرة إلى العقبة)، ما خلق انطباعاً بقدرتها على تنفيذ تصوراتها بالقوة، وعادةً ما تميل هذه القوى إلى استخدام سرديات الصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة لتعطيل هذا النوع من الصفقات، في حال تمت بعيداً عن إملاءاتها وتصوراتها، أو هَدَّدت مصالحها بشكل أو بآخر.
-
الموقف الأمريكي: عادة ما يقود اضطراب العلاقات الامريكية-الإيرانية إلى تصعيد المخاوف من إمكانية استغلال الأخيرة لأي مشروع يُطرَح لتصدير النفط العراقي من أجل تهريب نفطها والالتفاف على العقوبات الدولية. ويشيرالبعض إلى أن الادارة الامريكية قد تلتزم موقفاً متعنتاً من مشروع خط الأنابيب العراقي-العُماني، نظراً لإمكانية قيام الجانب الايراني باستغلال المشروع لتعزيز حضوره في أسواق الطاقة، عبر توفير طرق بحرية مفتوحة مباشرة من خليج عُمان إلى بحر العرب، حيث يمكنها التوجه شرقاً إلى الصين، أو غرباً إلى أفريقيا، ثم شمالاً إلى أوروبا،وبما يتجاوز أي تدقيق من الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة التي تمارس ضغوطاً شديدة لوقف تصدير النفط الإيراني. لذلك قد تلجأ واشنطن إلى اعتماد موقف مشابه لذلك الذي اتخذته من الصفقة العراقية-التركمانستانية لاستيراد الغاز الطبيعي عبر الأراضي الايرانية.
الحديث العراقي عن إنشاء خط “أنابيب بحري” يصل إلى عُمان يعكس طموحاً كبيراً تواجهه العديد من التحديات (شينخوا/أ.ف.ب)
استنتاجات

