تسترجع العقول والأذهان بعد 21 عاما على أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 ، والهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاجون، صور الطائرات التي ضربت برجي مركز التجارة العالمي، بعد تحويل وجهة أربع طائرات نقل مدني تجارية وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة.
ونجحت في ذلك ثلاث منها، ضربت وزارة الدفاع الأمريكية وبرجي التجارة بمنهاتن، ووقع نتيجة تلك العمليات قرابة 3000 قتيل، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين، وتسببت تداعيات الحدث بعد ذلك في وفاة 10 آلاف شخص تعرضوا للسرطان نتيجة الهجمات، ورأى الأطباء أن السبب الرئيس يكمن في أطنان الغبار المنبعث، وكذلك التلوث الهوائي اللذين رافقا انهيار البرجين ـ بحسب إعلان البرنامج الفيدرالي الصحي لمركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة.
تعد تلك الأحداث أعنف وأشرس هجمة إرهابية في التاريخ الحديث، والتي استهدفت الأراضي والأجواء الأمريكية، وتصفها أمريكا، بأنها أضخم الأحداث في تاريخها، فهي لم تشهد مثل هذا الهجوم طوال تاريخها باستثناء الضربة اليابانية على أسطولها البحري في بيرل هاربر، في 7 ديسمبر / كانون الأول 1941 .
وقدمت الهجمات بعد ذلك ذريعة للولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب في العالم، إبتدأتها بالحرب على العراق وأفغانستان، وشكّل الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول نقطة تحول في السياسة الخارجية الأمريكية، كما يعتبر بداية مرحلة تاريخية ومفصلية بالنسبة للعلاقات الدولية التي شغلت وشكلت الرأي العام العالمي.
وأصبح الشرق الأوسط ـ تحديدا ـ «ضحية» الحدث الإرهابي (الأعظم) في التاريخ المعاصر، من حيث التخطيط والتنفيذ وعدد الضحايا .. ويتفق خبراء سياسيون ، على أن الولايات المتحدة الأمريكية استغلت الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/ أيلول 2001، للتدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها دول عربية، وبدأت تتحدث عن (من ليس معنا.. ضدنا)، وتعمل باستراتيجية الحرب الاستباقية، وأصبح شعار السياسة الخارجية الأمريكية (الحرب على الإرهاب)، ولم تعد للحرب على الشيوعية أولوية لديها.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، صفوت فانوس، إن واشنطن ربطت الإرهاب بالدول الإسلامية باعتبار أن منفذي العملية من الدول الإسلامية والتنظيم الذي أعلن مسؤوليته وهو تنظيم القاعدة تنظيم إسلامي، وبالتالي تحولت استراتيجية الولايات المتحدة إلى ضرب حركات الإسلام السياسي، وانتهجت الولايات المتحدة سياسة الحرب بالوكالة، واستخدمت جماعات الإسلام الجهادي ضد الإسلام المعتدل، والأنظمة العربية غير الإسلامية ضد الأنظمة الإسلامية في الدول العربية، وإن تأثير هذا الحدث سيستمر إلى أن يطرأ حدث جديد بواسطة عدو جديد قد يكون غير إرهاب «الإسلام السياسي».
وتأثرت العلاقات الدولية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، تأثرًا كبيرًا، الأمر الذى شكّل لها اتجاهات جديدة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وحدد خريطة العلاقات بين أمريكا والدول الكبرى، ومنها الصين التي اعتبرت أن أحداث 11 سبتمبر 2001 عبارة عن تكريس نهائي لمسار واتجاهات العلاقات الدولية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، فمشهد الهيمنة الأمريكية الأحادية هو الذى أوصل العالم إلى 11 سبتمبر 2001، وأن اتجاه العلاقات الدولية بالنسبة للصين لابد أن يكون اتجاه «السيطرة التلقائية»، على العلاقات الدولية والعالم، عبر التوسع في النشاطات الاقتصادية، بالإضافة إلى العمل على إنشاء تكتلات سياسية تدور حول المحور الصيني، وتقوية الوجود الصيني في منطقة الشرق الأوسط عبر استراتيجية منظمة وطويلة المدى.