لذكرى ثائر نبيل
نرمين عثمان محمد
إذا كان الذهب في سوق الصاغة يُباع ويُقيَّم وفق عياره، فمن حقّنا نحن أيضًا أن نقول إن نضال الكرد وثورتهم الحديثة يجب أن يُقاس بالقيمة ذاتها وخصوصاً الإتحاد الوطني الكردستاني ،فبين قادتنا ومناضلينا الكرد من قدّموا أنفسهم لحزبهم وشعبهم بصفاءٍ وإخلاصٍ نادر، كالذهب الخالص، حتى إن شهرتهم تجاوزت حدود كردستان ووصلت إلى مكانة مرموقة بين قادة وثوّار العالم.
ومن بين أولئك المناضلين، الذين يحق للكرد وللاتحاد الوطني الكردستاني أن يفتخروا بهم، الدكتور كمال فؤاد، الذي مرَّت في 15/11/2025 الذكرى الحادية عشرة لرحيله. ذلك الرجل الذي يمكن القول عنه في كل مكان إنه من أنبل مناضلي الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن الذين كرّسوا حياتهم للنضال، وكان واحدًا ممن اعتُبروا من المؤسِّسين الحقيقيين للاتحاد الوطني الكردستاني منذ منتصف السبعينيات وحتى يوم رحيله عام 2014.
طوال تلك المسيرة، لم يحد قط عن نهج وفكر وقيم الاتحاد، ولا لبرهة واحدة، ولم يخن مبادئه. إلى جانب نضاله السياسي، كان يُعَدّ جسرًا مهمًا بين الميدان الأكاديمي والقضايا السياسية، إذ كان دائم الريادة في البحوث اللغوية وحماية التراث الصحفي الكردي، تمامًا كما كان صاحب حضور سياسي بارز في تأسيس المؤسسات السياسية الجديدة في إقليم كردستان. كما لعب دورًا مهمًا في توحيد الإدارتين في إقليم كردستان عام 1998، من أجل ترسيخ السلام الداخلي. وإضافة إلى ذلك، انتُخب رئيسًا لكتلة الاتحاد الوطني في أول دورة للبرلمان الكردستاني.
كل تلك الأنشطة ليست إلا جزءًا من السجل النضالي الثري لثائرٍ كرّس حياته وكيانه للدفاع عن فكر وتقدم الاتحاد الوطني الكردستاني، دون أن يتراجع أو يتردد، إلى اللحظة التي شعر فيها بضرورة فسح المجال أمام جيل جديد من شباب الاتحاد، مؤمنًا بأن زمنًا جديدًا قد حان. ولذا، وبعقلية منفتحة، أفسح الطريق لهؤلاء الشباب، ومنحهم الفرصة لحمل راية الاتحاد الوطني وخدمة الكرد بإرادة جديدة ودماء فتية.
ولهذا السبب، فإن الاتحاد الوطني الكردستاني استقبل قراره ذاك بكل احترام وتقدير. وبعد تقديم هذه السطور اليسيرة من سيرة حياته المليئة بالنضال والعطاء، يمكننا أن نقول هنا:
“سلامٌ على الذكرى الحادية عشرة لرحيلك أيها الثائر النبيل، لقد برهنت بإخلاصك ونضالك أنك أهلٌ لكل احترام، حتى إن برلمان كردستان في لحظات وداعك الأخيرة قرر أن يُنكس علم كردستان احترامًا لك، وأن يُغطّى جثمانك به، تكريمًا لمكانتك ووفائك.”
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.

