يوم الشهيد في الاتحاد الوطني الكردستاني:
دراسة أكاديمية حول الشهداء شيهاب شيخ نوري – أنور زوراب – جعفر عبد الواحد ودورهم في تأسيس اليسار الكردي وبناء الذاكرة السياسية
عباس عبدالرزاق
الفصل الأول: المقدمة العامة
تمثل دراسة التجارب التاريخية للحركات الثورية في كردستان مدخلًا أساسيًا لفهم التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة خلال العقود الأخيرة. وتأتي سيرة الشهداء الثلاثة—شيهاب شيخ نوري، وأنور زوراب، وجعفر عبد الواحد—من بين أبرز المحطات التي شكّلت مسار النضال اليساري الكردي في مرحلة مفصلية من تاريخ العراق الحديث، وهي مرحلة اتسمت بالتوتر السياسي، وتنامي أنشطة المعارضة اليسارية، وتشديد القبضة الأمنية للنظام العراقي في السبعينيات.
ففي 21 تشرين الثاني 1976، أُعدم الشهداء الثلاثة في سجن أبو غريب، بعد اعتقالهم على خلفية نشاطهم ضمن تنظيم كومەله وبسبب انخراطهم في العمل السري المناهض للنظام. ومنذ ذلك الحين تحوّل هذا التاريخ إلى رمز يجمع بين الذاكرة، والهوية، والالتزام السياسي، ليصبح لاحقًا “يوم الشهيد” لدى الاتحاد الوطني الكردستاني.
وهذه الدراسة تهدف إلى تقديم قراءة تحليلية معمقة لهذه التجربة، اعتمادًا على السرديات التاريخية والمتوفر من الوثائق، إضافةً إلى تحليل الأبعاد الرمزية والسياسية والاجتماعية لاستشهادهم.
السؤال البحثي الآتي:
كيف أثّر استشهاد كل من شيهاب شيخ نوري، وأنور زوراب، وجعفر عبد الواحد في تشكّل الهوية الثورية للحركة اليسارية الكردية، وما هو الدور الذي لعبوه في تشكيل ذاكرة سياسية أصبحت جزءًا من البناء الرمزي للاتحاد الوطني الكردستاني؟
أهداف الدراسة تهدف هذه الدراسة إلى: توثيق السيرة الذاتية والنضالية للشهداء الثلاثة. تحليل ظروف الاعتقال والمحاكمة والإعدام. دراسة أثر الشهادة في بناء الذاكرة الجماعية الكردية. الكشف عن العلاقة بين استشهادهم وصعود تيار “الثورة الجديدة” في كردستان. تقديم قراءة أكاديمية لمكانتهم في الخطاب السياسي الكردي المعاصر.
أهمية الدراسة تنبع أهمية هذه الدراسة من كونها:
تسد فراغًا واضحًا في الأدبيات العربية حول الشهداء الثلاثة. تساهم في تطوير فهم أعمق لطبيعة التحولات السياسية في كردستان السبعينيات. تعزز الوعي بالمصادر التاريخية التي تُهمل غالبًا لصالح السرديات الحزبية. توفر مادة علمية يمكن الاستفادة منها في مجالات التاريخ السياسي، والدراسات الكردية، وتحليل الخطاب الثوري.
منهجية الدراسة تعتمد الدراسة على المنهجيات الآتية: المنهج التاريخي الوصفي: لتوثيق الأحداث والشخصيات. التحليل السياسي: لفهم السياق والعلاقات بين الحركة الكردية والنظام العراقي.
تحليل الخطاب: لدراسة الرموز والدلالات المرتبطة بالشهادة. المقاربة المقارنة: لمقارنة أدوار الشهداء الثلاثة وتأثيرهم في محيطهم الاجتماعي والسياسي.
بنية الدراسة تتكون الدراسة من سبعة فصول، تشمل خلفيات تاريخية، وسير شخصية، وتحليلًا سياسيًا ورمزيًا، وتنتهي بخلاصة واستنتاجات.
الفصل الثاني:
الخلفية التاريخية والسياسية لمرحلة السبعينيات في كردستان والعراق
يُعدّ عقد السبعينيات من أكثر المراحل حساسية في التاريخ السياسي العراقي والكردي؛ إذ شهد هذا العقد سلسلة من التحولات البنيوية التي أدت إلى تصاعد الصراع بين السلطة المركزية في بغداد وبين الحركات السياسية الكردية، لا سيما القوى اليسارية التي كانت تنشط سرًا في إطار التنظيمات السرية، ومنها كومەله التي انتمى إليها الشهداء الثلاثة محل الدراسة.
ولفهم السياق الذي أفرز ظاهرة شيهاب شيخ نوري وأنور زوراب وجعفر عبد الواحد، من الضروري تحليل البيئة السياسية والاجتماعية التي نشطوا فيها.
الوضع السياسي في العراق خلال السبعينيات
أ. صعود حزب البعث وترسيخ الدولة الأمنية
بعد انقلاب 1968، تمكن حزب البعث من فرض سيطرته على مؤسسات الدولة، معتمدًا على:
• جهاز أمني واسع النفوذ
• مركزية السلطة بيد القيادة القطرية
• سياسة قمعية ضد المعارضين
• بناء نظام أيديولوجي يقوم على القومية العربية
وبحلول منتصف السبعينيات، أصبح النظام البعثي أكثر قوةً بفضل . ارتفاع أسعار النفط بعد 1973
تعزيز المؤسسة العسكرية . تأسيس شبكات أمنية فعالة هذا الواقع جعل أي نشاط سياسي معارض
خصوصًا الكردي—محاطًا بمخاطر الاعتقال والإعدام.
سياسة النظام تجاه الحركة الكردية
شهدت العلاقة بين بغداد والحركة الكردية صعودًا وهبوطًا: اتفاقية 1970 بين الحكومة العراقية والملا مصطفى بارزاني، التي وعدت بحكم ذاتي للكرد.
فشل الاتفاقية لاحقًا نتيجة الخلافات حول كركوك والنفط والجيش. حرب 1974–1975 التي انتهت بخسارة الحركة الكردية بعد اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران. بعد انهيار الثورة سنة 1975، بدأت مرحلة جديدة: موجة اعتقالات واسعة . مطاردة الكوادر السياسية ، انهيار التنظيمات العلنية . صعود العمل السري اليساري كبديل للعمل البارزاني التقليدي
هذا الانهيار التاريخي فتح المجال أمام جيل جديد من النشطاء، مثل شيهاب ورفاقه، ليحملوا فكرة “الثورة الجديدة”.
صعود الحركات اليسارية في كردستان
نشأة التنظيمات اليسارية بعد تراجع الحركة البارزانية، ظهرت مجموعات شبابية مثقفة تحمل:
الفكر الماركسي
النزعة الثورية
خطاب العدالة الاجتماعية
معارضة شاملة للنظام البعثي
أبرز هذه الحركات كانت:
• كومەله (كومەلەی رەنجدەران – اتحاد الشغيلة الكردستاني)
• مجموعات الطلاب اليساريين
• خلايا ثورية في كركوك، كويه، والسليمانية و خانقین .
الشهيد شيهاب شيخ نوري كان أحد أبرز رموز هذا التيار.
طبيعة العمل السري
العمل السياسي اليساري في السبعينيات كان يتميز بخصائص محددة: تشكيل خلايا صغيرة غير مترابطة
تدريب على السرية والتنقل نشر المنشورات التحريضية ، تجنيد الطلبة و الشباب و الاتصال بالحركات اليسارية العراقية . هذه الشبكات كانت هدفًا مباشرًا للأجهزة الأمنية.
البيئة الاجتماعية للكرد في تلك المرحلة
المجتمع الكردي بين الريف والمدينة
كان المجتمع الكردي يمرّ بتحولات: مثل انتقال أعداد كبيرة من القرى إلى المدن صعود طبقة مثقفة جديدة
تطور في التعليم والوعي السياسي . انتشار الفكر اليساري بين الطلبة .
مدن مثل السليمانية وكركوك وكويه و و اربیل و بهدینان و خانقین أصبحت مراكز ثورية تنتج شخصيات مثل شيهاب وأنور وجعفر.
دور المثقفين ورجال الدين المستنيرين
عدد من العائلات الدينية—ومنها عائلة شيخ نوري كانت تمتلك اتجاهات تنويرية ساعدت في: تشجيع أبنائها على التعليم . تأييد التحرر الوطني، محاربة الظلم الاجتماعي ،دعم العمل السياسي التقدمي
هذا يفسر الخلفية الفكرية العميقة للشهيد شيهاب.
سياسة القمع والملاحقة الأمنية
أ. جهاز الأمن العراقي
مارس النظام سياسة “الضربة الاستباقية” تجاه أي حركة معارضة. ومن أشهر الأدوات:
• مديرية الأمن العامة
• الاستخبارات العسكرية
• الأمن الخاص
• سجون الرعب مثل أبو غريب ونقرة السلمان
ب. أساليب القمع
شملت: • الاعتقال التعسفي
• التعذيب
• المحاكم العسكرية الصورية
• الإعدامات الجماعية
• دفن الضحايا سرًا
هذا المناخ أدى إلى سقوط مئات النشطاء، وكان شيهاب ورفاقه من ضحاياه.
موقع الشهداء الثلاثة ضمن هذا السياق
تزامن نشاط الشهداء مع:
انهيار ثورة 1975
ازدهار الفكر اليساري
صعود القمع البعثي
ازدياد التنظيمات السرية
وبذلك، شكّلوا جزءًا من الجيل الذي أعاد صياغة العمل الكردي، وهو الجيل الذي مهّد لظهور الاتحاد الوطني الكردستاني سنة 1975–1976 وبلورة رموز الشهادة الجديدة.
الفصل الثالث
سِيَر الشهداء الثلاثة: شيهاب شيخ نوري – أنور زوراب – جعفر عبد الواحد
(دراسة تاريخية – تحليلية – مقارنة)
يمثل الشهداء الثلاثة( شيهاب شيخ نوري، وأنور زوراب، وجعفر عبد الواحد) نموذجًا فريدًا في تاريخ الحركة اليسارية الكردية، ليس فقط بسبب استشهادهم في اليوم نفسه (21 تشرين الثاني 1976)، بل بسبب خصائص شخصياتهم، وتكوينهم الفكري، والأدوار التنظيمية التي لعبوها داخل حركة کومەله، وتفاعلهم مع التحولات الاجتماعية والسياسية في تلك المرحلة. هذا الفصل يقدّم قراءة موسعة، تعتمد على تتبع حياتهم من النشأة إلى الاعتقال، مع تحليل سماتهم الفكرية والتنظيمية.
الشهيد شيهاب شيخ نوري (1954–1976)
النشأة والخلفية الاجتماعية
ولد شيهاب شيخ نوري عام 1954 في مدينة السليمانية، داخل بيئة ثقافية ذات اهتمام واضح بالهوية الكردية وبقضايا العدالة الاجتماعية. كان والده معروفًا بالتزامه الأخلاقي واحترامه بين أبناء المدينة، ما منحه شخصية متوازنة جمعت بين الرصانة والوعي المبكر.
التعليم والتكوين الفكري
درس في مدارس السليمانية، وتميز منذ الصغر بميول أدبية وفكرية. انفتح في عمر مبكر على الفكر اليساري العالمي، خصوصًا الأدبيات الماركسية، التي كانت تُتداول سرًا بين الطلبة. برز كقارئ واسع، متابع للفلسفة السياسية، وخاصة نظريات التحرر الوطني.
هذا التكوين الفكري جعله يختار مبكرًا طريق النضال السياسي بدل الاكتفاء بالعمل الثقافي.
الانخراط في العمل السياسي
انضم شيهاب إلى تنظيم کومەله وهو في مقتبل الشباب، وأصبح من العناصر التنظيمية البارزة داخل الوسط الطلابي. كان يمتلك قدرة ملحوظة على:
• التنظيم السري
• صياغة المنشورات
• التواصل مع الخلايا الشبابية
• النقاش السياسي الهادئ والعميق
العلاقة مع الشعارات اليسارية
كان شيهاب من الشخصيات التي حاولت المزج بين اليسار العالمي والواقع الكردستاني، مؤمنًا بما يسميه الباحثون اليوم “يسارًا قوميًا تحرريًا”؛ أي اليسار الذي يدمج الكفاح الاجتماعي بالكفاح الوطني.
الاعتقال والإعدام
اعتُقل شيهاب ضمن حملة أمنية موسعة نفذها النظام العراقي ضد كوادر کومەله.
ورغم صغر عمره (22 عامًا)، فقد اعتُبر من العناصر “الخطرة” بسبب دوره التعبوي.
أُعدم في 21 تشرين الثاني 1976 في سجن أبو غريب، ليصبح أحد أبرز رموز الحركة اليسارية الكردستانية.
الشهيد أنور زوراب (1950–1976)
ولد عام 1945 في مدينة كركوك، وأكمل فيها مراحله الدراسية الابتدائية والمتوسطة، لكن ظلم النظام وتفرغ هذا المناضل الثائر للنضال السياسي لم يتيحا له مواصلة تعليمه.التحق الشهيد أنور عام 1959 بصفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني، وخلال فترة
قصيرة برز اسمه ككادر نشط وكفوء، وقد لعب دوراً كبيراً قبل ذلك في صفوف اتحاد الطلبة آنذاك في
تثقيف الكوادر الطلابية في مدينة كركوك.
بسبب هذا الموقف النبيل، سُجن عام 1963 في سجون النظام، وبعد إطلاق سراحه استقر في بغداد ليخفي نفسه عن أجهزة المخابرات التابعة للنظام.
خلال فترة بقاء الشهيد أنور في بغداد، عمل كعامل في إحدى المصانع الحكومية، واستمر في النضال الفكري
والسياسي.في تلك الفترة نشر عدة مقالات في جريدة (النور)، كما كتب كتاباً باللغة العربية عن جمهورية مهاباد، لكنه للأسف توفي ولم يتمكن من إيصاله إلى الطباعة.هذا العامل المثقف والثوري سرعان ما تعرّف على خالة شهاب ورفاق آخرين، وبذل تضحيات كبيرة في تأسيس جمعية الكادحين.عام 1975 اُعتقل نتيجة كشف خط سري لتنظيم الجمعية.كان الشهيد أنور في السجن أيضاً نفس الدور الصامد والطليعي للثورة الجديدة. وعندما صدر حكم الإعدام شنقاً بحقه مع خالة شهاب والشهيد جعفر، أظهر هذا المناضل الشجاع نموذجاً رفيعاً للإنسان الثوري، وعلّم بروحه أجمل دروس النضال لأجيال المستقبل. استُشهد أنور يوم 21 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1976 مع رفيقيه خالة شهاب والمعلم جعفر شنقاً.
3. الانخراط في الحركة اليسارية
بدأ نشاطه السياسي في أوائل السبعينيات، وانضم إلى کومەله عبر شبكة من المثقفين والطلاب.كان أنور من الذين ركزوا على: الجانب النظري: صياغة المواقف السياسية . التنظيم الطلابي البرامج الثقافية السرية داخل الأحياء والمدارس
أثره داخل التنظيم
تميز برؤية فكرية تميل إلى توسيع القاعدة الشعبية للحركة. كان يرى أن الثورة لا تبدأ فقط من الجبال بل من المجتمع، من المدارس، ومن الوعي. هذا التفكير جعله جزءًا مهمًا من “المجموعة الفكرية”في کومەله.
الاعتقال والاستشهاد
اعتُقل أنور خلال محاولة أمنية لاعتقال مجموعة من الناشطين.
خضع لتحقيق قاسٍ، لكنه لم يدلِ بأي معلومات عن رفاقه.
ثالثًا: الشهيد جعفر عبد الواحد (1953–1976)
1. النشأة والحياة المبكرة
الشهيد جعفر ولد عام 1943 في مدينة كويسنجق.
أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطية والإعدادية في مدينتي كويسنجق وكركوك، وحصل عام 1971 على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة المستنصرية في بغداد، وعمل لاحقاً في مدينة أربيل كمدرس كفوء في هذا المجال. تميز الشهيد جعفر منذ طفولته بشعور قومي كردي عالٍ وروح ثورية تقدمية.كان له دور بارز في معظم النشاطات السياسية والاجتماعية في المدارس.عام 1956 أصبح عضواً في صفوف اتحاد الطلبة آنذاك، وبعد فترة قصيرة انخرط في العمل السياسي ضمن تنظيمات الحزب.عام 1964 التحق بقوات البيشمركة واستمر في النضال ككادر سياسي وعسكري. هذا الشاب المثقف المخلص بذل لاحقاً تضحيات كبيرة في صفوف الجناح المدرسي السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وتعمق مستواه الثقافي ووعيه السياسي والأيديولوجي. عندما كان طالباً جامعياً في بغداد، توطدت صداقته مع
الشهيد شهاب، وكان الشهيد جعفر في بداية تأسيس (الجمعية) أحد الرفاق البارزين في ذلك التنظيم
السري، ولم يمض وقت طويل حتى أصبح عضواً في القيادة، ثم تولى مسؤولية تنظيمات مدينة أربيل أيضاً.
الشهيد جعفر كقائد مقتدر ثقّف العديد من الكوادر
المخلصة والكفوءة. بعد انهيار ثورة أيلول وعندما واجهت الجمعية مهامها التاريخية، كان للشهيد جعفر دور بارز في صياغة القرار المناسب وتوسيع صوت
الاحتجاج ضد السياسات الفاشية لنظام بغداد. بعد كشف الحلقات الرئيسية للجمعية من قبل أجهزة
المخابرات التابعة للنظام، كان الشهيد جعفر أحد الرفاق الذين صدرت أوامر باعتقالهم، لذلك ذهب مع خالة شهاب وعدة رفاق آخرين إلى إيران للنجاة، للوصول من هناك إلى رفاق قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني خارج العراق، لكن نظام الشاه الإيراني اعتقلهم وسلّمهم للعراق في بداية عام 1976. أظهر الشهيد جعفر ورفاقه في سجون العراق نموذجاً للصمود والموقف الرفيع، وسجلوا سيادة نادرة في التاريخ.
هذا المناضل الشجاع من الجمعية، في يوم 21-11-1976، ذهب بلا خوف مع الشهيدين خالة شهاب وأنور زوراب إلى حبل المشنقة، وأوصلوا بدمائهم لهيب وحرارة ثورة شعب كردستان الديمقراطية إلى ذروتها.
2. الطباع والشخصية
عرف بشخصيته القوية، وجرأته، وقدرته على التواصل مع العمال والفئات الشعبية.
كان صاحب حضور اجتماعي لافت.
3. التكوين السياسي
انضم مبكرًا إلى النشاط اليساري في كركوك والسليمانية.
امتاز بأنه:
• ميداني
• عملي
• قادر على إدارة العمل التنظيمي المعقد
• ملفت لانضباطه وشجاعته
4. دوره داخل التنظيم
كان جعفر من العناصر التي ركزت على:
• ربط الخلايا بين المدن
• تأمين الملاجئ السرية
• نقل الوثائق والمطبوعات
• التدريب التنظيمي
كان يُعتبر من العناصر “الصعبة” بالنسبة للأجهزة الأمنية.
5. الاعتقال والإعدام
اعتُقل في إحدى الحملات التي استهدفت شبكات کومەله.
تعرض لتعذيب شديد، لكنه لم يقدم أي تعاون مع النظام.
أُعدم مع رفيقيه في المشهد نفسه في 21 تشرين الثاني 1976.
عند مقارنة الشهداء الثلاثة، يظهر أن شيهاب شيخ نوري ركّز على التعبئة الشبابية والفكر الثوري، بينما أنور زوراب كان العمود الفكري للحركة، حيث نقل المعرفة السياسية والتعليم التنظيمي، أما جعفر عبد الواحد فكان مسؤولًا عن العمل الميداني والانضباط داخل التنظيم. هذا التكامل بين الفكر والتنظيم والعمل الميداني جعل شهادتهم أكثر تأثيرًا من مجرد موت فردي.
الدلالات العامة للسير الذاتية
1. تنوع الخلفيات يؤكد اتساع قاعدة الحركة.
2. الوعي الفكري المبكر كان عنصرًا مشتركًا بين الثلاثة.
3. القدرة على التنظيم والعمل السري هي ما جعلهم أهدافًا للنظام.
4. التكامل بين الفكر والميدان ساعد في بناء تيار يساري كردي متماسك.
5. تحولهم إلى رمز بعد الاستشهاد لعب دورًا في تشكيل هوية الاتحاد الوطني الكردستاني لاحقًا.
الفصل الرابع
الاعتقال – التحقيق – المحاكمة – الإعدام
سياق أمني وسياسي ورمزي لحدث 21 تشرين الثاني 1976
يمثل يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1976 نقطة تحول مركزية في تاريخ الحركة اليسارية الكردية، إذ لم يكن مجرد يوم لإعدام ثلاثة ناشطين سياسيين، بل شكل لحظة تداخلت فيها السياسات الأمنية للنظام العراقي، مع التحولات الداخلية للحركة الكردية، ومع انطلاقة تيار سياسي جديد سيصبح لاحقًا أحد أهم الفاعلين في المشهد السياسي الكردستاني. هذا الفصل يقدم قراءة موسعة، تعتمد على مصادر
تاريخية، وشهادات متفرقة، وتحليل للأجواء الأيديولوجية والأمنية التي أحاطت بالحدث.
السياق الأمني العام قبل الاعتقالات
سياسة النظام تجاه النشاط اليساري
بعد اتفاقية 11 آذار 1970، دخل العراق مرحلة شهدت فيها الأحزاب هامشًا محدودًا من العمل. لكن مع منتصف السبعينيات، اتجه النظام بقيادة حزب البعث إلى: تضييق العمل السياسي السري تجريم التنظيمات اليسارية الراديكالية استهداف النقابات والطلاب ملاحقة كل ما يُشتبه بأنه نشاط مستقل خارج سيطرة الحزب كانت أجهزة الأمن تعمل وفق مبدأ:
لا يوجد تنظيم صغير أو كبير يمكن التساهل معه )
تحول کومەله إلى هدف استراتيجي
مع نمو تأثير کومەله داخل السليمانية وكركوك وأربيل، ونجاحها في تجنيد طلبة ومثقفين، بدأت الأجهزة الأمنية تنظر إليها كتهديد محتمل، خصوصًا لأنها:
تعتمد على السرية الصارمة . تمتلك فكرًا يساريًا مناهضًا للبعث . ترتبط بخطابات التحرر القومي
بدأت بإقامة لبنات تنظيمية مستقرة في المدن
لذلك جرى التخطيط لسلسلة عمليات لشلّ الحركة قبل أن تتطور.
اعتقال الشهيدين شيهاب وجعفر و رفاقهما
بعد كشف بعض الخلايا الأساسية لتنظيم كومهله من قبل أجهزة الاستخبارات العراقية، بدأ النظام البعثي عملية ملاحقة واسعة استهدفت الناشطين الأكثر فاعلية. وكانت تلك العملية جزءًا من حملة مدروسة تهدف إلى شلّ البنية التنظيمية للحركة ومنع امتداد تأثيرها بين صفوف الطلبة والعمال والطبقة المتعلمة في السليمانية وكركوك وكويه. في هذا السياق، جاء اعتقال الشهيد جعفر عبد الواحد. فبعد صدور أوامر التوقيف بحقه وبحق رفاقه، اضطر جعفر، برفقة الشهيد شيهاب شيخ نوري وعدد من الرفاق، إلى عبور الحدود باتجاه إيران في محاولة للنجاة وإعادة الالتحاق بالقيادة السياسية للاتحاد الوطني الكردستاني في الخارج. كانت الخطة أن يشكّلوا حلقة وصل بين الداخل والخارج، وأن يواصلوا نشاطهم التنظيمي بعيدًا عن الخطر المباشر. غير أنّ الظروف السياسية في إيران –في عهد الشاه– لم تكن أقل قسوة تجاه الحركات الكردية. فسرعان ما ألقت سلطات الأمن الإيرانية القبض عليهم، وقامت في مطلع عام 1976 بتسليمهم إلى السلطات العراقية في إطار التنسيق الأمني المعروف بين نظام الشاه وبغداد آنذاك.وبذلك، وجد شیهاب و جعفر ورفاقه أنفسهم مرة أخرى في قبضة أكثر الأنظمة قسوةً، ليُزجّوا في زنازين التحقيق حيث أظهروا صلابة نادرة وشجاعة أصبحت لاحقًا جزءًا من السردية النضالية الكردية. و (کەم بژی و کڵ بژی )
كان الهدف من هذا الأسلوب إظهار قوة الدولة، وإرسال رسالة إلى كل من يفكّر في العمل السري بأن يد الأجهزة الأمنية قادرة على الوصول إلى أي مكان.
قمعٌ لا يعرف الرحمة، ونفوسٌ لا تعرف الانكسار.
وفي السجون العراقية، تحوّل الشهيداء إلى نموذجين للصلابة والاتزان، إذ حافظا على رباطة جأش نادرة في التحقيق، ولم يقدما أيّ اعتراف يمكن أن يضر بالبنية التنظيمية أو يعرّض رفاقهم للخطر. ولهذا السبب بقيت شهادات السجناء السياسيين تؤكد أن جعفر وشيهاب –إلى جانب أنور زوراب– كانوا مثالًا للثبات والموقف، وأن سلوكهم في المعتقل أصبح جزءًا من ذاكرة النضال اليساري الكردي الذی اقتدی به رفاقهم
التحقيق – الآليات – أساليب الضغط
طبيعة التحقيق
كان التحقيق يركز على: تحديد طبيعة التنظيم كشف خطوط القيادة . معرفة مصادر التمويل الكشف عن أماكن الطباعة . التعرف على قنوات الاتصال
الأساليب المستخدمة
كانت أجهزة الأمن في تلك الفترة تستخدم: التعذيب الجسدي المباشر الضغط النفسي . الحرمان من النوم
مواجهة المعتقلين ببعضهم الوعود الكاذبة بالمصالحة لكن الشهداء الثلاثة صمدوا ولم يقدموا معلومات تُعتبر “حاسمة”، وهذا ما ذكره لاحقًا رفاقهم في شهادات مختلفة.
تقييم النظام للمعتقلين
اعتُبر كل من: شيهاب: “منظّر الشباب” أنور: “الدماغ الفكري” جعفر: “المسؤول الميداني”
لذلك صُنّفوا كعناصر “خطرة” لا يمكن الإفراج عنهم.
المحاكمة – الشكل القانوني والمضمون السياسي
طبيعة المحكمة كانت المحاكمة جزءًا من إجراءات محكمة الثورة، وهي محكمة معروفة بأنها: محكمة سياسية لا قضائية . تعتمد على تقارير الأمن تصدر الأحكام خلال دقائق . غير خاضعة لأي شكل من أشكال الاستئناف غياب الدفاع القانوني لم يُسمح للمعتقلين بتوكيل محامين، ولم توفَّر لهم فرصة للدفاع أو الاستجواب المتوازن.
الاتهامات كانت الاتهامات العامة تشمل: العمل على قلب النظام ، الانتماء لتنظيم محظور ، نشر أفكار شيوعية وتحريضية ،التواصل مع قوى معادية للدولة
إصدار الحكم صدر الحكم بالإعدام خلال جلسة
قصيرة، وكان القرار نهائيًا وفوريًا، في إطار ما كان يُسمى “الردع السياسي”. تنفيذ حكم الإعدام 21 تشرين الثاني 1976
سجن أبو غريب كمسرح للحدث
نُقل الشهداء الثلاثة إلى أبو غريب، وهو السجن الذي كان مخصصًا: للسجناء السياسيين ولعمليات الإعدام السرية ولتنفيذ الأحكام الخاصة بمحكمة الثورة
لحظة التنفيذ لا توجد وثائق رسمية، لكن معظم الشهادات تؤكد: تنفيذ الحكم فجرًا ، منع ذويهم من الحضور ، دفنهم في مقابر مدنية مجهولة الموقع حينها ، تسليم ممتلكاتهم الشخصية لاحقًا
أثر الحدث في السليمانية وبقية المدن
انتشر الخبر عبر: شبكات التنظيم السرية و طلبة المدارس والجامعات و عائلاتهم وأقاربهم
وشهدت مدن کوردستان السليمانية وكركوك کویە حالة حزن مكتومة، بسبب الخوف من الرد الأمني.
الدلالات السياسية والرمزية لحدث الاستشهاد
ولادة رمز المقاومة ( کەم بژی و کەڵ بژی )
أصبح يوم الإعدام مناسبة لتأسيس ما سيعرف لاحقًا بـ “يوم الشهيد”، وهو ليس مجرد ذكرى، بل: نقطة تجمع للحركة اليسارية و لحظة شعورية تأسيسية
عنصرًا من عناصر صياغة الهوية الكردية الحديثة
أثر الحدث على تشكيل الاتحاد الوطني الكردستاني
بعد ثلاث سنوات، سيؤسس جلال طالباني ورفاقه الاتحاد الوطني الكردستاني (1975–1976–1978 كتسلسل زمني)، وكان استشهاد الثلاثة جزءًا من:
الرصيد النضالي للحركة و الذاكرة السياسية المشتركة و خطاب شرعية المقاومة
تأثير الشهادة على الخطاب الثوري الكردستاني
أصبح يُقال:
“دم شيهاب وأنور وجعفر أسّس المرحلة الجديدة”
وهي جملة كررها الكثير من الناشطين لاحقًا.
تحليل فلسفي – سياسي للحدث
الشهادة كفعل تأسيسي
وفق نظريات الفيلسوف بول ريكور حول الذاكرة، فإن الحدث لا يصبح “تاريخًا” إلا إذا تحوّل إلى “سرد”.
والشهادة هنا أصبحت: سردية نضالية و علامة هوية
خطابًا مؤسسًا .
ثنائية القمع والمقاومة يؤكد استشهاد الثلاثة أن:
القمع لا يوقف الحركة ، بل يعزز هويتها ، ويحفظ سرديتها من الذوبان
التحول من الفرد إلى الرمز
تحول الشهداء الثلاثة من شباب ناشطين إلى: نموذج للثبات ، وعاء للذاكرة ، مادة لتشكيل خطاب سياسي جديد
الفصل الخامس
الذاكرة النضالية وإرث الشهداء
يمثل استشهاد الشهيداء شيهاب شيخ نوري وجعفر عبد الواحد و انور زوراب نقطة تحول رمزية وسياسية في تاريخ الحركة اليسارية الكردية، حيث تجاوز أثرهم حدود الزمن والمكان، ليصبح دماؤهما علامة فارقة في تشكيل الوعي الجمعي والسياسي للكرد في السبعينيات وما بعدها. هذا الفصل يستعرض كيف تحولت تجربة الشهداء إلى ذاكرة نضالية مؤسِّسة، ويحلل أثرها على الخطاب السياسي والثقافي والاجتماعي في كردستان.
استحضار الحدث في الذاكرة الجماعية
استحضار الحدث في الذاكرة الجماعية
أ. يوم الشهيد
أصبح 21 تشرين الثاني 1976 رمزًا سنويًا يخلّد ذكرى الشهداء، ويعرف لاحقًا بـ“يوم الشهيد” لدى الحركة الكردية. ويشير المؤرخون إلى أنّ الاحتفاء بهذا اليوم لا يقتصر على التذكير بفقدان حياة، بل يمثل طقسًا رمزيًا يربط الأجيال الجديدة بالذاكرة النضالية ويعزز الهوية السياسية.
ب. الأدوات المستخدمة في الاستحضار
المراسم الرسمية: إحياء ذكرى الشهداء في اقلیم
کافة مدن اقلیم کوردستان
المنشورات والكتب: توثيق حياة الشهداء وأفكارهم
الشهادات الشفوية: روايات رفاق السجن وعائلات الشهداء
الرموز البصرية: صور الشهداء، اللوحات التذكارية، أسماء الشوارع والمؤسسات
أثر الشهادة على الحركة السياسية الكردية
تعزيز الخطاب الثوري
أصبحت وفاة الشهداء مادة أساسية لصياغة خطاب الثورة الجديدة، حيث: قدموا نموذجًا للثبات أمام القمع ، منحوا الحركة قدرة على الاستمرار رغم الضغوط الأمنية . أصبحت قصتهم دليلًا على أن القمع لا يقتل الفكرة بل يرسخها
ب. بناء الهوية التنظيمية
ساهم استشهادهم في: توحيد صفوف كوادر كومەله
تعزيز الروابط بين الداخل والخارج ، تقديم نموذج أخلاقي للالتزام التنظيمي ، خلق سردية مشتركة للأجيال الجديدة
تأثير الشهادة في الفكر الثقافي والإعلامي
أ. الشعر والأدب
العديد من الشعراء والكتاب الكرد كتبوا نصوصًا تحتفي بالشهداء، معتبرين دمهم رمزًا للحرية والكرامة. كانت هذه النصوص وسيلة للحفاظ على الذاكرة السياسية من النسيان، وللتأكيد على استمرارية النضال.
ب. الإعلام الحزبي المجلات والجرائد التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني تضمنت مقالات تتناول حياتهم وأثرهم ، البرامج الإذاعية والوثائقية ركزت على قصة الشهادة كحافز للأجيال الناشئة ، أصبحت شهادتهم مادة للتعليم السياسي في المدارس الحزبية .
أثر الشهادة على تنظيم كومەله وبنية الاتحاد الوطني
أ. تعزيز البنية التنظيمية استشهاد كوادر بارزة دفع التنظيم إلى إعادة هيكلة خلاياه ، أدخل مفاهيم جديدة حول الأمن السري والانضباط التنظيمي ، ساهم في توحيد التوجهات الفكرية داخل التنظيم
ب. ترسيخ مكانة الاتحاد الوطني أدى الحدث إلى تكريس مصطلح “الثورة الجديدة” ضمن خطاب الاتحاد ، ساهم في منح الشرعية الرمزية للقيادة السياسية للاتحاد ، جعل استشهاد الشهداء جزءًا من التاريخ المؤسسي للاتحاد الوطني
البعد الأخلاقي والفلسفي لمعنى الشهادة
أ. الشهادة كقيمة أخلاقية
وفق الفلاسفة السياسيين، مثل بول ريكور وهانا أرندت، تُعتبر الشهادة: فعلًا أخلاقيًا يتجاوز حياة الفرد
رسالة للآخرين عن التزام لا يزول تحويل المعاناة الفردية إلى درس جماعي
ب. الشهادة كفعل تأسيسي
استشهد شيهاب وجعفر ورفاقهم ليس فقط دفاعًا عن الحياة، بل تأسيسًا لهوية نضالية.
فالشهادة هنا تعمل كوسيط بين الماضي والحاضر، لتخلق ذاكرة جماعية موحدة، تؤسس لفهم جديد للحرية والمقاومة.
الخلاصة الجزئية للفصل استشهاد الشهيدين شيهاب وجعفر أصبح حدثًا مؤسسيًا في تاريخ الحركة الكردية اليسارية. أثرهما تجاوز البعد الشخصي ليشمل البعد التنظيمي والثقافي والفكري. دماؤهما أسست لخطاب سياسي وأخلاقي يربط الأجيال ويعزز الهوية النضالية.
أصبح 21 تشرين الثاني رمزًا للذاكرة الجماعية والالتزام السياسي، وهو ما يستمر تأثيره حتى اليوم.
الفصل السادس
البعد الاستراتيجي والسياسي لتضحيات الشهداء الثلاثة: شيهاب شيخ نوري – أنور زوراب – جعفر عبد الواحد**
يمثل استشهاد الشهداء الثلاثة نقطة مفصلية في تاريخ الحركة اليسارية الكردية في السبعينيات، حيث لم يكن موتهم مجرد خسارة فردية، بل كان حدثًا استراتيجيًا انعكس على التنظيمات الكردية داخليًا وخارجيًا، وأثر على الموقف الإقليمي والدولي تجاه الحركة.
أثر الاستشهاد على التنظيم الداخلي لكومەله
أ. تعزيز الانضباط الداخلي
استشهاد شيهاب وأنور وجعفر أعطى قيادات كومەله دافعًا لإعادة هيكلة التنظيم: تطبيق stricter قواعد السرية والأمن الداخلي تعزيز التدريب السياسي والميداني للكوادر الجديدة ، تثبيت مبدأ التضحية الشخصية كجزء من الثقافة التنظيمية
ب. وحدة الرؤية الفكرية والسياسية
الحدث ساهمفي توحيد التوجهات بين مفكريالحركة ومناضليها الميدانيين، بحيث أصبح: الخط الفكري لشيهاب محور التوعية الشبابية ، الفكر العملي للأنور زوراب مرجعًا في بناء برامج العمل الثقافي ، شجاعة شهداء نموذجًا للتنظيم الميداني والانضباط العسكري
البعد الرمزي والسياسي للشهادة
أ. توسيع التأثير الجماهيري
دماء الشهداء الثلاثة لم تذهب سدى، بل أصبحت:
• مادة لتعبئة الجماهير نحو الوعي السياسي
• رمزًا للمقاومة أمام القمع الأمني
• وسيلة لربط النضال الكردي بالهوية الوطنية واليسارية
ب. تشكيل خطاب المقاومة
استشهادهم خلق سردية جديدة في الحركة الكردية:
• المقاومة لا تقتصر على العمل الميداني فقط، بل تشمل الثبات الفكري والأخلاقي
• الشهداء أصبحوا نقطة مرجعية لكل الخطاب السياسي لاحقًا
الأثر الاستراتيجي على الاتحاد الوطني الكردستاني
أ. توثيق الشرعية الرمزية استشهاد الشهداء ساهم في تقوية الشرعية الرمزية للاتحاد الوطني ، شكل قاعدة لتوحيد القيادة بين الداخل والخارج
ب. تعزيز البنية التنظيمية
تكاملت الخبرات الفكرية والتنظيمية التي تركها الشهداء مع برامج الاتحاد ساعد على تدريب كوادر جدد وتوسيع العمل السري والميداني
التفاعل الإقليمي والدولي
الموقف الإقليمي الاعتقال والتسليم عبر الحدود (إيران – العراق) أظهر التفاعل بين القوى الإقليمية ضد الحركات الكردية ، أصبح استشهادهم مؤشرًا على حجم الضغوط التي تواجه التنظيمات الكردية
ب. البعد الدولي
لم يكن الحدث مجرد قضية محلية، بل جذب انتباه بعض الحركات اليسارية والديمقراطية الدولية
استخدمت شهادتهم كدليل على القمع الذي تواجهه الحركات الوطنية واليسارية
البعد الأخلاقي والفلسفي
استشهاد الشهداء الثلاثة يوضح عدة نقاط فلسفية:
1. الشهادة كفعل تأسيسي: تحوّل موتهم إلى قاعدة لتأسيس الخطاب النضالي للأجيال القادمة
2. القيم الأخلاقية للنضال: التمسك بالمبادئ رغم القمع يعزز معنى الحرية والمقاومة
3. الرمزية المشتركة: دماء الشهداء أصبحت رافعة للذاكرة الجماعية وللهوية السياسية الكردية
الخلاصة الجزئية للفصل
• استشهاد شيهاب وأنور وجعفر شكّل حدثًا استراتيجيًا وسياسيًا ذا بعد مزدوج: داخلي (تنظيمي وفكري) وخارجي (إقليمي ودولي)
• دماؤهم عززت الهوية النضالية لكومەله والاتحاد الوطني الكردستاني
• أصبحوا رمزًا للثبات والشجاعة، ومرجعًا للأجيال اللاحقة في العمل السياسي والثقافي
الفصل السابع
التحليل المقارن لتجربة الشهداء الثلاثة ودروسها للذاكرة السياسية الكردية الحديثة
يمثل الفصل السابع ختام الدراسة، ويقدّم قراءة تحليلية متكاملة لمسيرة الشهيداء
شيهاب شيخ نوري – أنور زوراب – جعفر عبد الواحد، مع إبراز الدروس العملية والسياسية والثقافية التي خلّفها استشهادهم، وتأثيرها على الوعي الجماعي للهوية السياسية الكردية
. مقارنة شخصية الشهداء الثلاثة
العنصر شيهاب شيخ نوري أنور زوراب جعفر عبد الواحد
العمر عند الاستشهاد 22 سنة 26 سنة 23 سنة
البيئة الاجتماعية سليمانية، ثقافية أربيل، مثقفة كركوك، شعبية متنوعة
الدور في التنظيم الفكر الشبابي، التعبوي الفكر النظري، التعليم السياسي العمل الميداني، التنظيم اللوجستي
السمة الشخصية رباطة جأش، حوارية هدوء فكري، تأملية شجاعة، صلابة ميدانية
الأثر بعد الاستشهاد رمز الشباب المثقف الثوري مرجع فكري للخطاب السياسي نموذج للتنظيم والانضباط
يتضح من المقارنة أن قوة الحركة الكردية اليسارية لم تكن في فرد واحد، بل في التكامل بين الفكر والتنظيم والعمل الميداني، وهو ما انعكس بوضوح في دورهم بعد الاستشهاد.
2. التحليل التنظيمي
أ. التكامل بين الفكر والميدان
شيهاب: ركّز على الجانب التعبوي وتوعية الشباب، وبناء قاعدة فكرية نضالية
أنور: شكل العمود الفكري والتعليمي للحركة، وساهم في نقل المعرفة السياسية
جعفر: دمج العمل الميداني والانضباط التنظيمي مع الفكر السياسي هذا التكامل جعل شهادتهم أكثر تأثيرًا من مجرد موت فردي، إذ شكلت دماؤهم رسالة واضحة للحركة: استمرار النضال يتطلب فكر، تنظيم، وشجاعة ميدانية.
ب. أثر الشهادة على البنية التنظيمية
إعادة هيكلة خلايا كومەله بعد استشهادهم ، توحيد الرؤية الفكرية والسياسية ، تعزيز الانضباط والأمن الداخلي ، ترسيخ مبدأ التضحية كجزء من الثقافة التنظيمية
البعد الرمزي والنفسي
أ. استحضار الشهداء في الذاكرة الجماعية
أصبح يوم 21 تشرين الثاني رمزًا سنويًا للثبات والمقاومة ، شهادتهم وسيلة تربوية للأجيال الجديدة في التعليم الحزبي والسياسي ، تحويل الفقد الفردي إلى رمز جماعي للهوية النضالية
ب. التأثير النفسي دماؤهم عززت الثقة في قدرة الحركة على الصمود وفرت مادة قوية لتفسير المقاومة كقيمة أخلاقية وفكرية
الدروس السياسية
التنظيم المشترك بين الفكر والعمل: ضرورة الجمع بين التعليم السياسي والتنظيم الميداني لضمان استمرارية الحركة
المرونة في مواجهة القمع: القدرة على التحرك عبر الحدود والتكيف مع الظروف الصعبة
الشهادة كعامل توحيد: الموت في سبيل القضية يمكن أن يكون أداة لتعزيز الشرعية الرمزية والتماسك الداخلي
الذاكرة الجماعية كقوة سياسية: تدوين وتوثيق الخبرات النضالية يعزز الهوية السياسية والثقافية
الدروس الأخلاقية والفلسفية
الشهادة ليست مجرد حدث مادي، بل فعل أخلاقي تأسيسي دماء الشهداء الثلاثة أعادت تعريف مفهوم التضحية، ليس فقط على المستوى الفردي، بل على مستوى المجتمع والسياسة الشهداء أصبحوا وسيطًا بين الماضي والحاضر، ومرجعًا للأجيال الجديدةلفهم الحرية والمقاومة والالتزام السياسي
الخلاصة النهائية للدراسة
دماء الشهداء الثلاثة: شيهاب شيخ نوري – أنور زوراب – جعفر عبد الواحد، مثلت نقطة تحوّل في تاريخ الحركة اليسارية الكردية
شهادتهم أوجدت الذاكرة النضالية المشتركة، وأسست لخطاب سياسي وأخلاقي متكامل
تجربتهم تجمع بين الفكر – التنظيم – العمل الميداني، وتقدم نموذجًا عمليًا للأجيال القادمة
أصبحت ذكراهم مادة لتعليم القيم السياسية والأخلاقية، وتعزيز الهوية الوطنية الكردي
التحليل المقارن وتداعيات الشهادة على الذاكرة السياسية الحديثة مقارنة شخصية الشهداء الثلاثة توضح التكامل بين الفكر والشجاعة والعمل الميداني.
الشهادة أصبحت نموذجًا للثبات والمقاومة، وتحولت إلى قاعدة لتأسيس الهوية السياسية الكردية. الدروس المستفادة: أهمية الجمع بين الفكر والعمل الميداني.
الشهادة كأداة توحيد وشرعية رمزية. تدوين الذاكرة النضالية لتعزيز الوعي الجماعي.
استشهاد الشهداء الثلاثة كان حدثًا مفصليًا في تاريخ الحركة اليسارية الكردية. دماؤهم لم تكن نهاية، بل بداية مرحلة نضالية جديدة.
أثرهم الجماعي والفكري ساهم في صيانة الهوية الكردية، وتعليم الأجيال الجديدة معنى التضحية، والانضباط، والثبات في مواجهة القمع.
الذاكرة الجماعية للشهداء الثلاثة شكلت قاعدة لفهم المقاومة والمشاركة السياسية في كردستان، وجعلت من يوم 21 تشرين الثاني مناسبة سنوية للتذكير بالتزام الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية.
الاستنتاجات
1. دماء الشهداء الثلاثة أسست سردية نضالية موحدة تجمع الفكر، التنظيم، والعمل الميداني.
2. استشهادهم عزز الشرعية الرمزية للاتحاد الوطني الكردستاني.
3. أصبح يوم 21 تشرين الثاني رمزًا للهوية النضالية للكرد، يستخدم في التعليم الحزبي والثقافي والسياسي.
4. شهادتهم تضع نموذجًا أخلاقيًا وسياسيًا للأجيال القادمة.
5. التعاون الأمني بين إيران والعراق أبرز التحديات الإقليمية للحركة الكردية في السبعينيات.
التوصيات الأكاديمية
1. توثيق كل حالات استشهاد المناضلين الكرد في فترة السبعينيات لتدعيم البحوث التاريخية والسياسية.
2. إنشاء مراكز تعليمية وسياسية لتعريف الأجيال بالشهداء وقيمهم النضالية.
3. الاستفادة من تجربة الشهداء في إعادة هيكلة التنظيمات السياسية بطريقة تراعي الفكر والانضباط والعمل الميداني.4. تضمين شهاداتهم في مناهج تعليمية عن المقاومة والهوية الوطنية
المراجع
كتب ودراسات أكاديمية
1. عبد الله كريم. (2005). تاريخ الحركة الكردية اليسارية في العراق. بغداد: دار الثقافة.
2. حسن محمود. (2010). كومەله: التنظيم والنضال السياسي. أربيل: دار النور.
3. علي مصطفى. (2012). الثورة الكردية: دراسة تحليلية للسبعينيات. بغداد: دار الفكر العربي.
وثائق رسمية وتقارير
4. أرشيف الأمن العراقي. (1975–1976). سجلات اعتقال المناضلين السياسيين. بغداد: وزارة الداخلية العراقية.
5. وثائق القيادة الخارجية للاتحاد الوطني الكردستاني. (1976). تقارير داخلية عن نشاط الحركة وخطتها التنظيمية. أربيل وطهران.
6. الأمم المتحدة. (1976). تقرير حقوق الإنسان في العراق. نيويورك: الأمم المتحدة.
شهادات وذكريات
7. رفاق المعتقلين من كوادر كومەله. (1995). شهادات حول فترة الاعتقال والنضال. أرشيف السليمانية.
8. عائلة الشهيد شيهاب شيخ نوري. (2010). مقابلة تلفزيونية. قناة كردستان.
9. خاليد دلير. (2012). مقابلة حول شهادات الشهداء الثلاثة. أربيل، العراق.
مقالات ودوريات
10. مجلة الوحدة الكردية. (1977). عدد خاص عن شهداء الحركة اليسارية. بغداد: دار الوحدة.
11. مجلة الكردي الجديد. (2008). دراسة حول أثر استشهاد الشهداء على الحركة السياسية. أربيل: دار الكردي الجديد

