أشاد الكاتب والإعلامي محمد الكاظم بدور السليمانية ومهرجان كلاويز ـ وقيم دور المسرى في تغطية المهرجان. لافتا الى أن هناك نسيجا عميقا من التاريخ والنضالات والعلاقات الإنسانية والإبداع البشري والفنون والآداب والأفكار والتصورات حول الإنسان والأرض والعمل والتكنولوجيا وقيم التعايش والاقتصاد والاستثمار والتحولات الاجتماعية. والثقافية

وقال الكاظم :”شكراً للسليمانية، صديقتي القديمة، التي حللت ضيفاً عليها في مهرجان گلاويز الثقافي الذي احتضنته السليمانية لثلاثة أيام من الإبداع والفن والثقافة والحوارات المثمرة مع نخبة متميزة من المثقفين الكرد والعرب؛ من كُتّاب وباحثين وفنانين وأكاديميين وصحفيين يحملون أفكاراً ورؤى تدفعني للدعوة الى فتح نوافذ حوار ثقافية (جديدة) و(كثيرة) و(مختلفة) بين الشركاء في الأرض والوطن والمصير، فعلاقة العربي بالكردي في هذا البلد ليست علاقة مناصب وتحالفات سياسية وحصة في الموازنة العامة فقط”.
إشادة بمبادرة السليمانية: مهرجان كلاويز يجذب الأنظار
وإنما هناك نسيج عميق من التاريخ والنضالات والعلاقات الإنسانية والإبداع البشري والفنون والآداب والأفكار والتصورات حول الإنسان والأرض والعمل والتكنولوجيا وقيم التعايش والاقتصاد والاستثمار والتحولات الاجتماعية والثقافية. وهناك أيضاً مخاوف مشتركة من الغد ومتغيرات المنطقة وواقعها الجيوسياسي وتحديات العصر الاقتصادية والتكنولوجية، وهناك أسئلة افرزها مسار (العملية السياسية) لم تكن موجودة أيام الدكتاتورية، ولم تكن موجودة في مرحلة كتابة الدستور وتأسيس مرحلة ما بعد 2003، أو في مرحلة مواجهة خطر الإرهاب، فالمرحلة الحالية لها أسئلتها الخاصة التي تحتاج لوعي خاص بأسئلة اللحظة الراهنة وتحدياتها، كما تحتاج لخطاب مختلف يعزز المشتركات ويحمي التجربة من التهديدات.
في نفس الوقت هناك محاولات للتفكير في مقاربات لتصحيح علاقة المركز والإقليم. وقلق من التحديات التي يواجهها سكان الإقليم أنفسهم تنطوي على أسئلة مُلحة تحتاج لإجابات وإجراءات خصوصاً ما يتعلق منها بالواقع الاقتصادي والمعاشي.

لمست في هذا المهرجان حباً للحياة وإصراراً على عراق واحد، وعلى ضرورة تذويب الخلافات، كما لمست رغبة لدى السليمانية لتعزيز دورها كعاصمة للثقافة في الإقليم. رغم انني اعتقد انها قادرة على أن تكون عاصمة للثقافة في المنطقة لتوافر الكثير من المؤهلات. ولمست وجود تجارب إبداعية فنية مميزة تستحق الوقوف عندها طويلاً كتجربة محمد فتاح الذي حدثني عن عمله على سرد حكاية الإنسان واستلهام ألف ليلة وليلة في أعمال تجريدية بديعة تضاف الى أعمال تشكيليين آخرين احتضنت قاعات قصر الفن في السليمانية أعمالهم. وأنقلُ هنا شهادة عن الفنان العراقي المعروف احمد البحراني الذي امتدح بإعجاب كبير أعمال التشكيلية الكردية جيمن اسماعيل قائلاً إنها أعمال تستحق أن توضع في متاحف عالمية.
كما لمستُ محاولة للحاق بالعصر الذي يقفز قفزات كبيرة على صعيد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فكانت هذه الموضوعة مثار اهتمام عدد من الباحثين والمهتمين الذين طرحوا تصوراتهم لممكنات وتحديات التعامل مع هذه التقنية في مجالات الإعلام والتربية والتعليم والموسيقى وغيرها في عدد من الجلسات.
تعرفت خلال ذلك المهرجان على تجارب إبداعية، وأفكار، وطموحات، وخيبات، وأمل. وشغف. ومحاولات للاندماج بحركة العالم، دون أن يتخلى أبناء السليمانية عن هويتهم وتقاليدهم ومورثهم الغني.

كانت هناك فرصة للقاء بعض الزملاء الصحفيين في عدد من المؤسسات ومنها قناة المسرى التي تضم صحفيين عرباً وكرداً من الذين تربطني ببعضهم علاقة زمالة قديمة واغلبهم من الصحفيين الرائعين المثابرين الذين يبذلون جهدا كبيراً في غرفة الأخبار أو الأقسام الفنية والإدارة من اجل تعزيز فكرة التآخي وتوسيع دائرة المشتركات.
أنهيت زيارتي للسليمانية بالمرور بمكان عاطفي بالنسبة لي وهو المدرسة الأولى التي درس فيها ولدي البِكر (علي) دراسته الابتدائية. وهي مدرسة الجواهري الابتدائية التي بناها الزعيم الكردي الراحل جلال الطالباني وسط السليمانية تكريما لذكرى شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري.
ما يدفعني الى القول: إذا كان العراق الواحد جسداً فانا على يقين من أن ما يتحرك في دورته الدموية ليس النفط. بس سائل آخر عِماده أحلام البشر وطموحاتهم وفنونهم وقدرتهم الى التعايش وتجاوز التحديات وإنتاج اشكال مختلفة للحياة و صيغ متعددة للجمال.
لم أرد ان اودع السليمانية دون أن أقول ان مهرجان كلاويش الثقافي الدولي قد تطور كثيراً وصار فعالية إنسانية وإبداعية يشار لها بالبنان بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها القائمون عليه. وبفضل تنوع مشارب المشاركين فيها وثقلهم النوعي.


