الكاتب.. حامد رحيم جناني
وسط هذه التقارير الكثيرة التي تشير الى الإيرادات والنفقات التي رافقت سير تطبيق الموازنة الثلاثية في العراق للسنوات الأخيرة، ومستويات الانفاق المخطط والفعلي، وحجم العجز المخطط والفعلي، والأرقام الفلكية التي اطلع عليها الرأي العام، يبقى للمراقب الاقتصادي تحليلاته والتي تشير الى المعايير العلمية التي نصت عليها النظرية الاقتصادية على ضوء الدور المفترض للمالية العامة، ولعل واحدة من اهم المعايير هي (إنتاجية النفقة العامة).
وتعرف إنتاجية النفقة العامة على انها:- مدى قدرة الانفاق الحكومي على تحقيق نتائج اقتصادية واجتماعية ملموسة بالمقارنة مع حجم الأموال التي تم انفاقها، أي بمعنى كم تحقق الوحدة المالية المنفقة من فائدة او عائد في الاقتصاد والمجتمع؟
وتنبع أهمية هذا المعيار من كونه يعمل على تحسين كفاءة استخدام الموارد المالية العامة، ويعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة بأقل كلفة ممكنة، والتقليل من ظاهرة الهدر والفساد المالي في عمل الحكومة المالي، كما يهدف الى تعزيز الثقة في السياسة المالية للحكومة.
من الجانب الاقتصادي تعمل الإنتاجية على زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص عمل جديدة وغيرها، اما من الناحية الاجتماعية فهذا المتغير يعمل على تحسين التعليم والصحة وغيرها، ومن الجانب الإداري فانه يعمل على تحسين أداء الأجهزة الحكومية بشكل علم.
اما معايير قياس هذا المتغير فهي كالاتي:-
الكفاءة: وتعني تحقيق اكبر ناتج ممكن باقل تكاليف.
الفاعلية: وتعني مدى تحقيق الأهداف المرجوة من الانفاق العام.
العدالة: وهي تعني مدى استفادة مختلف فئات المجتمع من النفقة العامة.
الاستدامة: وهو معيار مهم يتمثل باستمرار اثار النفقة على المدى الطويل.
إن الهدف النهائي لإنتاجية النفقة العامة هو (القيمة المتحققة مقابل المال العام) أي ان كل نفقة عامة تعود بمنفعة توازي او تفوق قيمتها المالية.
إن واقع حال الموازنة الثلاثية في العراق تشير الى تقديرات انفاق للسنة الأولى 2023 بلغت 198,9 ترليون دينار، وبلغت تقديرات الانفاق في السنة التالية 211,9 ترليون دينار، اما تقديرات السنة الثالثة فبلغت 216 ترليون دينار، وهي أموال كبيرة جدا بالمعيار النسبي.
إن الثلاث سنوات تمثل مدة متوسطة الأمد، وعلى ضوء هذه التقديرات، من المفترض على اقل تقدير تصفير لازمة واحدة كازمة الطاقة مثلا، ومن المفترض ان نشهد تنوع اكثر في الناتج المحلي الإجمالي لكن لازالت الأمور معلقة لم تحسم، وحتى التحسينات التي حصلت من قبيل بعض مشاريع البنية التحتية ومعالجات انتاج المشتقات النفطية وغيرها تبقى بحاجة الى تحليل يستند الى جداول كمية لمعرفة هل كانت هذه المنجزات متوافقة مع حجم الانفاق عليها، أي هل تنطبق عليه معايير الكفاءة والعدالة وغيرها من معايير إنتاجية النفقة؟
العالم الجديد