زلزال واشنطن:
زيارة الشرع وإعادة رسم التوازنات الإقليمية ورقة سياسات شاملة حول ارتدادات المشهد السوري على تركيا والملف الكردي
عباس عبدالرزاق
الجزء الثالث
الفصل الثامن:
الخيارات الاستراتيجية لتركيا بعد زيارة الشرع
وجدت تركيا نفسها بعد زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن أمام واقع جديد تماماً، واقع فرض عليها إعادة تعريف أهدافها الإقليمية، وخصوصاً في سوريا. فكل المسارات القديمة – العسكرية والأمنية والسياسية – لم تعد قادرة على إنتاج نتائج حاسمة. ولهذا، يمكن تلخيص الخيارات المتاحة أمام تركيا بثلاثة مسارات رئيسية، كل مسار منها يحمل مزايا ومخاطر وتداعيات داخلية وخارجية.
الخيار الأول:
التصعيد العسكري – محاولة انتزاع مكاسب بالقوة
1. دوافع أنقرة للتفكير بالتصعيد
على مدى سنوات، اعتمدت تركيا على الأدوات العسكرية كخيار أول في التعامل مع الملف السوري، مستندة إلى ثلاثة أسس رئيسية:
الرغبة في منع نشوء كيان كردي موحد على حدودها الجنوبية.
الاستثمار الداخلي في القومية التركية لتعزيز الخطاب الانتخابي.
اعتقادها بأن واشنطن ستساوم في لحظة ما مقابل تعاون أمني أو سياسي.
لكن زيارة الشرع أظهرت شيئاً مختلفاً: أن واشنطن لن تمنح أنقرة أي ضوء أخضر لعملية واسعة شرق الفرات. بل إن الرسائل التي وجهتها الإدارة الأمريكية كانت واضحة: ( أي عمل عسكري تركي سيقوض جهود الاستقرار. ) ( القوات الأمريكية ستبقى شرق الفرات دون سقف زمني.) ( القوى الكردية جزء من الحل وليس المشكلة. ) هذه الرسائل شلت قدرة تركيا على المبادرة العسكرية.
2. ما الذي يمكن أن تجنيه تركيا من التصعيد؟
لو حاولت أنقرة تنفيذ عملية عسكرية محدودة، فقد تستفيد من:كسب دعم شعبي وقومي داخلي مؤقت.
الضغط على واشنطن لفتح قنوات تفاوض جديدة.
تقليص النفوذ الكردي في بعض المناطق الحدودية.
لكن هذه المكاسب قصيرة المدى، بينما الخسائر
بعيدة المدى أكثر خطورة.
3. المخاطر الاستراتيجية للتصعيد
هناك ثلاث مخاطر مركزية: اصطدام مباشر مع واشنطن وهذا يعني: عقوبات اقتصادية، و تجميد التعاون الأمني، و توسع الخلاف داخل الناتو.
عودة الشارع الكردي التركي للاشتعال كل عملية في سوريا تتبعها موجة توتر داخل تركيا، وقد ترتفع مخاطر العنف. فتح جبهة سياسية ضد أنقرة في أوروبا
خصوصاً بعد أن بدأ الاتحاد الأوروبي يتحدث عن ( النموذج الكردي في الحكم المحلي ) . لذلك، فإن التصعيد العسكري – رغم حضوره في الخطاب – يبدو عملياً الخيار الأقل قابلية للتنفيذ.
الخيار الثاني: التفاوض السياسي الدخول في هندسة الترتيبات الجديدة
يمثل هذا الخيار المسار الأكثر منطقية على المديين المتوسط والبعيد، لكنه الأصعب على المستوى الداخلي التركي.
1. لماذا قد تتجه تركيا للتفاوض؟
لثلاثة أسباب أساسية:
* تغيير قواعد اللعبة بعد زيارة الشرع ، دمشق الجديدة بدأت تتعامل مع واشنطن كطرف مباشر، وهذا يعني أن تركيا فقدت القدرة على فرض أي “فيتو” على الحوار السوري–الكردي.
* المعادلة الكردية لم تعد أمنية فقط
الآن هناك: ( قوة عسكرية، وإدارة سياسية، وغطاء أمريكي، وتمثيل غير مباشر في المشهد الدولي. )
لا يمكن لتركيا تجاوز ذلك دون تفاوض.
* الأزمة الاقتصادية التركية
أي عملية عسكرية جديدة ستستنزف الخزينة، خصوصاً مع: ( ارتفاع التضخم، تراجع الليرة، ضغط الديون، واحتمال انتخابات مبكرة. )
2. ما هي أوراق القوة التركية على طاولة المفاوضات؟
رغم الضعف النسبي، تمتلك أنقرة أوراقاً مهمة:
• وجودها العسكري في الشمال الغربي (درع الفرات، غصن الزيتون، إدلب).
• قدرتها على التأثير في المعارضة السورية.
• ملف اللاجئين الذي يشكل ورقة ضغط على أوروبا.
• علاقتها المتينة مع قطر وشبكة نفوذ داخل بعض الفصائل.
هذه الأوراق تجعل تركيا قادرة على الدخول في تفاوض، لكن ليس من الموقع الذي كانت تطمح إليه.
3. ما الملفات التي يمكن أن تفاوض عليها؟
* مستقبل الحدود السورية–التركية
منطقة عازلة، ترتيبات أمنية جديدة، مراقبة مشتركة.
* دور القوى الكردية في الحكم المحلي
تركيا قد تقبل بإدارة محلية موسعة، لكن لا تقبل بفيدرالية صريحة.
* ضمانات أمريكية بعدم قيام كيان كردي معادٍ
قد يكون هذا الشرط الأكثر حساسية.
* عودة العلاقات السياسية مع دمشق
وهذا ملف معلق منذ سنوات، لكنه يعود بقوة بعد زيارة الشرع.
4. التحدي الأكبر: الداخل التركي
أي اتفاق مع دمشق أو الكرد سيواجه برد فعل من:
( الحركة القومية، الجيش، المعارضة التركية، قواعد العدالة والتنمية في الأناضول.)
ولهذا تبدو المفاوضات خياراً عقلانياً… لكنه مكلف سياسياً.
الخيار الثالث:
إدارة الأزمة دون حل – سياسة الانتظار
هذا هو السيناريو الأقرب إلى الواقع الحالي.
1. ماذا يعني هذا الخيار عملياً؟
•لا حرب واسعة.
•لا تفاوض شامل.
•لا انسحاب تركي من الشمال السوري.
•انتظار توازنات دولية جديدة.
•المراهنة على تغير الموقف الأمريكي بعد الانتخابات.
إنها ببساطة سياسة “شراء الوقت”.
2. لماذا تفضله أنقرة؟
* لأنه يجنّبها الانفجار الداخلي
لا حرب غير مضمونة، ولا تنازل يثير القوميين.
* ولأنه يحافظ على نفوذها العسكري والسياسي
تركيا تدير مناطق واسعة في سوريا، وتملك تأثيراً مباشراً على المعارضة.
* ولأنه يمنحها فرصة لترقب تحولات واشنطن
الانتخابات الأمريكية قد تغير الحسابات.
3. المخاطر بعيدة المدى
لكن الانتظار يحمل ثلاثة مخاطر خطيرة: ( تراكم القوة السياسية للكرد تحت المظلة الأمريكية. انزلاق المعارضة السورية نحو الهامش الدولي. تعزيز الحوار بين دمشق والقوى الكردية دون حضور تركي.)
وهذا يعني أن تركيا قد تستيقظ بعد ثلاث سنوات لتجد نفسها خارج الترتيبات.
الفصل التاسع:
موقع روسيا وإيران بعد زيارة الشرع – خسائر صامتة أم إعادة تموضع؟
أحدثت زيارة الشرع ارتداداً واسعاً على موسكو وطهران، رغم محاولة كلتيهما إظهار اللامبالاة. لأن الزيارة: أنهت احتكار روسيا للملف السوري. وأدخلت واشنطن من الباب الواسع. وأعادت دمشق إلى اللعبة الدولية دون المرور بموسكو.
أولاً: روسيا – الخسارة الكبرى
روسيا ترى أن الزيارة تعني: تقليص نفوذها في دمشق. و صرف الأنظار عن مسار أستانا الذي كانت تهيمن عليه. و دخول واشنطن في هندسة مستقبل سوريا السياسي. و تعزيز نفوذ الكرد الذين لا تثق بهم موسكو بالكامل.
ورغم أن موسكو ستسعى للتقليل من أهمية الزيارة، إلا أنها تدرك أنها معزولة جزئياً، خصوصاً مع انشغالها في أوكرانيا.
ثانياً: إيران و
الخوف من فقدان الدور السياسي
إيران ترى أن واشنطن تحاول: قطع الطريق على نفوذها في دمشق. إخراجها من شرق الفرات. تعزيز دور القوى الكردية التي ترى فيها تهديداً نموذجياً.دعم سلطة سورية جديدة أقل ارتباطاً بطهران.
ولهذا، بدأت إيران بالتحرك عبر: تعزيز ميليشياتها في البوكمال ودير الزور. و فتح حوارات غير مباشرة مع بعض العشائر. و محاولة إعادة فتح قنوات مع دمشق.
ومع ذلك، فإن اللحظة السياسية الحالية ليست في صالحها.
الفصل العاشر:
أثر زيارة الشرع على منظومة الأمن الإقليمي
أحدثت الزيارة تحولاً استراتيجياً في فهم الأمن الإقليمي، خاصة في المشرق العربي. إذ أعادت تشكيل ثلاثة مستويات من الأمن:
1. الأمن الحدودي : باتت الحدود السورية التركية ساحة تنافس دولي بين: ( القوات الأمريكية، و القوى الكردية، و الجيش التركي، و القوات السورية. )
هذا التعقيد يخلق نموذج “حدود متعددة السيادة”.
2. الأمن السياسي
بدأت واشنطن ببناء معادلة جديدة: حوار سوري–كردي + دور أمريكي + تغييب روسي–إيراني = مسار سياسي جديد وهذا يغيّر شكل المنطقة لسنوات.
3. الأمن القومي التركي
أصبح مهدداً من ثلاثة اتجاهات: صعود القوة الكردية،
انخراط دمشق الدولية، فقدان تركيا التحكم في الملف.
الجزء الرابع
والأخير من الدراسة (السيناريوهات – المخاطر – التوصيات – الخلاصة)
الفصل الحادي عشر: السيناريوهات المستقبلية 2025–2030
بعد زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن وما ترتب عليها من ارتدادات في أنقرة ودمشق وشرق الفرات، دخلت المنطقة مرحلة جديدة تتسم بعدم اليقين. ويمكن تقدير ملامح المستقبل عبر أربعة سيناريوهات رئيسية، يجمع كل منها بين عناصر داخلية وإقليمية ودولية.
السيناريو الأول:
تسوية سياسية تدريجية برعاية أمريكية
يعد هذا السيناريو الأكثر واقعية من منظور واشنطن، والأكثر خطورة على السياسة التركية التقليدية.
وتقوم عناصره على:
1. تثبيت شرعية السلطة السورية الانتقالية عبر اعتراف دولي أكبر وتصاعد الدعم الأوروبي لها.
2. إطلاق حوار سوري–كردي واسع يشمل قسد، ومجالس الإدارة الذاتية، وممثلين عن العشائر.
3. ترتيب تفاهمات أمنية للحدود الشمالية تشمل نقاط مراقبة مشتركة، أو ضمانات أمريكية.
4. دمج القوات الكردية جزئياً في هيكل دفاع وطني جديد مع احتفاظها بإدارة محلية موسعة.
5. تراجع نسبي للدور الروسي والإيراني مقابل صعود الدور الأمريكي–الأوروبي.
انعكاس السيناريو على تركيا
قد تجد أنقرة نفسها أمام وقائع مفروضة، مما يضطرها لاحقًا إلى: قبول نموذج حكم ذاتي موسع شرق الفرات، إعادة فتح ملف أوجلان، الدخول في حوار سياسي داخلي مع الحركة الكردية.
هذا السيناريو يحقق استقراراً نسبياً في سوريا، لكنه يمثل تحدياً عميقاً لبنية الدولة التركية، وللتحالف القومي–الإسلامي الحاكم.
السيناريو الثاني:
جمود طويل دون حلّ – وكل طرف يثبت حدوده
هذا السيناريو هو الأكثر احتمالاً على المدى القصير (2025–2027)، إذ تتجه المنطقة إلى:
تجميد خطوط التماس دون اتفاق سياسي شامل.
استمرار الوجود الأمريكي شرق الفرات دون إعلان زمني. احتفاظ تركيا بمناطق نفوذها شمال غرب سوريا دون توسع كبير. إبقاء الإدارة الذاتية الكردية بصيغتها الحالية دون اعتراف رسمي. تراجع روسي جراء الانشغال بأوكرانيا، دون انسحاب كامل. محاولة إيرانية ملء الفراغ، لكن دون قدرة على تغيير المعادلة وحدها.
انعكاس السيناريو على تركيا
يمكّن هذا السيناريو تركيا من الحفاظ على الوضع القائم، لكنه يحمل مخاطر تراكمية: تبلور مؤسسات كردية أكثر استقرارًا.توسع التواصل الأمريكي–الكردي.
ابتعاد المعارضة السورية عن مراكز التأثير. تآكل قدرة تركيا على فرض شروطها مستقبلًا.
إنها مرحلة شراء الوقت، لكنها ليست مستدامة.
السيناريو الثالث:
تصعيد تركي محدود داخل سوريا
قد تلجأ أنقرة إلى هذا السيناريو إذا: شعرت أن واشنطن ودمشق تقتربان من تفاهم لا يشملها، أو إذا برزت حكومة كردية جزئية شرق الفرات، أو إذا تصاعد الضغط القومي داخل البرلمان التركي.
ملامح السيناريو
عملية عسكرية محدودة قرب تل رفعت أو منبج قصف مركز ضد مواقع قسد.
استخدام المعارضة السورية كقوة دفع أولية.
محاولة فرض وقائع ميدانية قبل أي تفاوض.
انعكاس السيناريو على تركيا
سيمنحها مكاسب تكتيكية قصيرة، لكنه سيؤدي إلى:
صدام سياسي مع واشنطن ، عقوبات اقتصادية محتملة، توتر داخل الناتو، رد فعل كردي داخل تركيا.
وعلى المدى البعيد، قد يؤدي إلى إضعاف الموقف التركي بدل تقويته.
السيناريو الرابع:
انفراج تركي–كردي داخلي
هذا السيناريو الأقل احتمالاً لكنه الأكثر تأثيرًا إذا تحقق. وتقوم عناصره على:
1. فتح حوار تركي مباشر مع عبدالله أوجلان ضمن ترتيبات سياسية مشروطة.
2. إحياء مسار الحل السلمي الذي توقف عام 2015.
3. إصلاحات ثقافية ولغوية وإدارية داخل تركيا.
4. تحييد الملف الكردي عن التنافس الانتخابي.
5. ربط الشرق الفرات بمسار تفاهم تركي–سوري–كردي أوسع.
لماذا يصعب تحقيقه الآن؟ رفض التيار القومي التركي. و حساسية الجيش والمؤسسة الأمنية. تراجع الثقة بين الدولة والحركة الكردية. مخاوف أردوغان من تأثيره على قاعدته الانتخابية.
لكن يبقى هذا السيناريو هو الأكثر اتساقًا مع مصالح تركيا بعيدة المدى.
الفصل الثاني عشر: تحليل المخاطر
يمكن تلخيص المخاطر الاستراتيجية التي تواجه تركيا في ثلاثة مستويات شاملة:
أولاً: مخاطر داخلية
تصاعد النزعة القومية التركية
حيث يمكن أن ترفض قاعدة واسعة أي حوار مع الكرد أو أوجلان، مما قد يحدث انشقاقات داخل التحالف الحاكم.
احتمالات التوتر الأمني في المدن التركية
أي تصعيد شرق الفرات قد يجرّ معه موجات عنف داخل ديار بكر، وانطاكيا، وإسطنبول.
هشاشة الاقتصاد التركي
العقوبات أو العمليات العسكرية ستعمّق التضخم والعجز وتؤثر على شعبية النظام.
ثانياً: مخاطر إقليمية
تموضع جديد للقوى الكردية
مع كل سنة تمرّ، تزداد مؤسسات الإدارة الذاتيةرسوخًا، وهذا يغير توازن القوى الإقليمي.
انسحاب نسبي لروسيا
أي ضعف روسي يعني زيادة نفوذ القوى الغربية في سوريا، وهو ما يقلق أنقرة التي كانت تعتمد على موسكو لتقليل الوزن الأمريكي.
دور إيراني متصاعد
قد تحاول إيران استغلال أي فراغ لزيادة نفوذها على الحدود العراقية–السورية–التركية.
ثالثاً: مخاطر دولية
1. احتمال تغير الموقف الأمريكي بعد الانتخابات قد يتحول التزام واشنطن فجأة، وهذا يربك كل الحسابات.
2. دخول الاتحاد الأوروبي كفاعل جديد وهو ما بدأ فعلاً عبر دعم برامج “الحكم المحلي” شرق الفرات.
3. تعقيد علاقة تركيا بالناتو خصوصًا مع تصاعد الخلافات حول الدفاع الجوي، والطائرات، والملف الكردي.
الفصل الثالث عشر: التوصيات السياسية
بعد تقييم الوضع الإقليمي والتحولات المتوقعة، يمكن تقديم حزمة توصيات استراتيجية لتركيا وصناع القرار في المنطقة.
أولاً: لتركيا
إعادة تقييم المقاربة الأمنية للملف الكردي ينبغي لتركيا الانتقال من “سياسة الإنكار” إلى “استراتيجية الاحتواء عبر الحوار”.
دراسة فتح قناة حوار مقيدة مع عبدالله أوجلان
ليس بالضرورة تفاوضاً شاملاً، بل قناة لضبط الإيقاع السياسي.
تعزيز الأدوات السياسية بدل الإجراءات العسكرية
خصوصًا أن العمليات لم تحقق نتائج مستقرة منذ 2016.
الانخراط في حوار مباشر مع السلطة السورية الانتقالية ، لتقليل نفوذ القوى الدولية الأخرى.
بناء شراكات اقتصادية مع شرق الفرات
لاحتواء القوى الكردية اقتصاديًا بدل مواجهتهاعسكريًا.
ثانياً: للسلطة السورية الانتقالية
1. الاستثمار في الشرعية الدولية والمضي في مسار الحوار السوري–الكردي.
2. صياغة نموذج إداري مرن شرق الفرات يوازن بين الهوية السورية الكلية والخصوصية الكردية.
3. العمل على جذب العشائر لإعادة التوازن الاجتماعي للمشهد المحلي.
ثالثاً: للقوى الكردية
1. تفادي الصدام المباشر مع تركيا والاعتماد على التفاهمات لا على التصعيد.
2. بناء مؤسسات حكم محايدة وغير أيديولوجية
قابلة للاندماج في هيكل دولة سورية مستقبلية.
3. فتح حوار مع المعارضة السورية لإعادة تعريف العلاقة المتوترة بين الطرفين.
الفصل الرابع عشر: الخلاصة الكبرى للدراسة
جاءت زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن ليس بوصفها حدثًا بروتوكوليًا، بل كتحوّل جذري أعاد تشكيل توازنات القوة في سوريا والمنطقة. فقد: أعادت واشنطن إلى عمق شرق الفرات، منحت القوى الكردية شرعية دولية متزايدة، أدخلت دمشق في مسار سياسي جديد، وأربكت كل الحسابات التركية.
لقد وجدت تركيا نفسها أمام خيارين: إمّا الانخراط في هندسة الترتيبات الجديدة، أو المخاطرة بفقدان نفوذها تدريجيًا. وفي ظل التعقيد الإقليمي، لا يبدو أن القوة الصلبة وحدها قادرة على ضمان مصالح أنقرة، ولا يبدو أن الوقت يعمل لصالح استراتيجية “الانتظار”.
إن الحل الوحيد المستدام هو إعادة تعريف العلاقة بين أنقرة والكرد – داخل تركيا وخارجها – والتعامل مع التحولات الواقعة شرق الفرات بصفتها حقائق سياسية لا يمكن تجاوزها.
وفي السنوات الخمس المقبلة، ستتحدد ملامح المنطقة بناءً على قدرة تركيا ودمشق والقوى الكردية على استيعاب التغيير. أما الجمود والاستقطاب، فسيدفعان المنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار.
إن زلزال زيارة الشرع لم ينتهِ بعد. بل ربما يكون قد بدأ للتو.

