كتابة : سوزان حمة تاته
ترجمة: نرمين عثمان محمد
انتهت الانتخابات، وكما هو متعارف عليه في العالم الديمقراطي، تظهر بعد ذلك مرحلة جديدة من الخطاب السياسي؛ إذ تنتهي لغة الدعاية الانتخابية، وتبدأ مرحلة فتح الأبواب نحو طور آخر، وتحديدًا يتضح هذا الأمر عندما تكون لغة الدعاية الانتخابية حادّة، ويبادل السياسيون الاتهامات فيما بينهم. ولذلك، ولكي تُطوى صفحة ذلك الطور، يلجأ السياسيون الواعون إلى تغيير خطابهم والعمل على مواءمة أهدافهم وشعاراتهم داخل البرنامج الحكومي، كي يتمكنوا معًا من خدمة الشعب.
نحتاج إلى خطاب يعيد تلطيف الأوضاع
إننا اليوم في إقليم كردستان بحاجة إلى لغة ثانية من الخطاب السياسي؛ لغة تخفّف من حدة الوضع المرتبك، وتُصبح جسرًا لجمع القوى السياسية، وتمهّد لبطاقة تفاوضية “سياسية ـ كردستانية” جاهزة للتعامل مع القوى الفائزة في العراق، والدخول في حوارات مشتركة معها.
وبحسب المعطيات العامة لـ«الكرد ومقاعد الكوتا »، فإن كردستان تمتلك 63 مقعدًا من أصل 329 مقعدًا في مجلس النواب العراقي، وهذا العدد قليل جدا ، فإن لم يُبرم اتفاق سياسي مسبق مع القوى المشكلة للحكومة حول برنامج واضح ووضع مكان فيها لتنفيذ مطالب شعب كردستان، فلن يحصل الإقليم على شيء عبر البرلمان ولا من خلال التصويت والخطابات، وستتكرر تجربة تمرير المشاريع دون حضور الكرد الحقيقي، مما يؤدي إلى خروجه خالي الوفاض.
إن اللين والليونة الحالية لقيادات الأحزاب العراقية تجاه الأطراف السياسية في إقليم كردستان ليست مبدأً ثابتًا يهدف لتمكين حقوق شعب كردستان، بل هي مجاملة سياسية مؤقتة من أجل تشكيل الحكومة؛ فهم بحاجة إلى أصوات الكرد والمواقف الحقيقية لأولئك القادة تظهر حين يمتلكون السلطة ويضعف موقف الكرد، وقد اختبرنا ذلك مرارًا خلال فترات التشتّت والصراعات الداخلية.
إن تقدّم القوى السياسية نحو بغداد والتفاوض على شكل الحكومة المقبلة يجب أن يسبقه خطوة أساسية داخل كردستان، وهي اتفاق القوى السياسية واجتماعها حول طاولة واحدة، لبناء قوة أكبر تُصبح أساسًا لتعزيز مكانة الكرد داخل العراق ومؤسساته.
هم يعملون على تعميق الانقسام الكردي
إن التشتّت هو هدف أولئك الذين لا يريدون قوة للكرد، وهو إحدى الخطط التي يعمل عليها الآخرون باستمرار، والمقلق أنّ القوى الكردستانية أصبحت اليوم أكثر تشتتا من أي وقت مضى.
ولكي يكون الكرد أقوياء في بغداد، لا بد أن تتوجه القوى الكردية ببرنامج موحّد إلى المفاوضات هناك. وإن لم يحدث ذلك، فإن مكانة الكرد ستزداد ضعفًا، وستتعرض حقوقهم لمزيد من المخاطر.