التعليم الأهلي… بين الجودة والسعر الباهظ

تقرير .. إيلين علي

يشهد قطاع التعليم الأهلي في العراق توسعًا متسارعًا خلال السنوات الأخيرة، مع تزايد اعتماد العائلات عليه كخيار بديل عن المدارس الحكومية التي تعاني من اكتظاظ كبير وضعف البنى التحتية ونقص الخدمات الأساسية. وفي الوقت الذي يُفترض أن يقدم هذا القطاع “جودة أعلى وتطويرًا تعليميًا”، يواجه الأهالي تحديًا متصاعدًا يتمثل في الرسوم المرتفعة التي أثقلت كاهل الكثير من الأسر، لتصبح العملية التعليمية عبئًا ماليًا مستمرًا على مدار العام الدراسي.

جودة متفاوتة وواقع لا يعكس دائمًا ارتفاع الأسعار

تشير تقارير محلية إلى أن العديد من المدارس الأهلية رفعت رسومها الدراسية إلى مستويات غير مسبوقة، متجاوزة في بعض المناطق مليونًا ونصف المليون دينار للطالب الواحد سنويًا، بينما وصلت في مدارس أخرى إلى أضعاف هذا الرقم، دون وجود مبررات واقعية تقابل هذه الزيادة.

ورغم أن بعض المدارس تتمتع ببنية تعليمية جيدة، تعتمد مناهج حديثة وتوفر صفوفًا مهيأة بشكل أفضل، إلا أن تجارب أولياء الأمور تكشف تفاوتًا كبيرًا في المستوى بين مدرسة وأخرى، حتى داخل المدينة الواحدة.

ضعف الرقابة… وفجوة كبيرة بين الضوابط والواقع

 وتشير بيانات وزارة التربية العراقية خلال الأعوام الأخيرة إلى إغلاق عدد من المدارس الأهلية لمخالفتها شروط الترخيص أو عدم مطابقتها لمعايير الجودة. وبحسب تصريحات رسمية يصل عدد المدارس الحكومية والاهلية في العراق الى نحو 40 الف مدرسة بينما يشير تقرير نقابة المعلمين الى ان عدد المدارس الاهلية وحدها يقارب 20 الف مدرسة ورغم هذه الإجراءات، يرى مختصون أن الرقابة ما تزال دون المستوى المطلوب، وأن عدد المؤسسات المخالفة أكبر بكثير مما يتم الإعلان عنه رسميًا.

تكاليف مرهقة للأهالي… وتأثير متصاعد على العدالة التعليمية

تعاني آلاف العائلات العراقية من صعوبة تغطية تكاليف التعليم الأهلي، ومع محدودية خيارات التعليم الحكومي، يجد الكثيرون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما دفع مبالغ كبيرة قد تفوق نصف دخل الأسرة، أو إبقاء أبنائهم في مدارس حكومية لا تلبي الحد الأدنى من البيئة التعليمية المناسبة.

هذا الواقع خلق فجوة طبقية واضحة فالتعليم المتميز أصبح متاحًا لمن يملك القدرة المادية فقط، بينما يواجه باقي الطلاب تحديات تعليمية قد تؤثر على مستقبلهم وفرصهم في الحياة، وهو ما يحذّر منه الخبراء باعتباره تهديدًا مباشراً لمبدأ تكافؤ الفرص.

 إصلاح مطلوب… ورؤية شاملة لتطوير التعليم الأهلي والحكومي

ويرى متخصصون في الملف التربوي أن تطوير التعليم الأهلي يتطلب سلسلة من الإجراءات الضرورية، وفي مقدمتها وضع سقوف محددة للرسوم، وتعزيز الرقابة على جودة التعليم، واعتماد معايير وطنية واضحة تشمل المناهج، مستويات الكادر التدريسي، الخدمات المقدمة، والبيئة التعليمية داخل المدرسة.

وبالتوازي، يؤكد الخبراء أن تطوير التعليم الحكومي هو الأساس لخفض الاعتماد على القطاع الأهلي، وذلك عبر تحسين الأبنية المدرسية، تقليل الاكتظاظ، تحديث المناهج، وتأهيل الكوادر التدريسية.