عباس عبدالرزاق
للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، بدا أن هناك إجماعًا دوليًا حول إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا. أوكرانيا، أوروبا، والولايات المتحدة تتقاطع مواقفها عند هذه النقطة، رغم بقاء بعض العقبات التي تحتاج إلى مزيد من التشاور والمباحثات.
الضمانات الأمنية
في برلين، وبعد ثمان ساعات من المفاوضات المكثفة، تم التوصل إلى توافق أولي بشأن أحد أبرز الملفات الشائكة في الحرب الروسية-الأوكرانية: الضمانات الأمنية لأوكرانيا.
وفقًا للمسؤولين المشاركين، ستُقدَّم هذه الضمانات لأوكرانيا بشرط عدم انضمامها إلى حلف الناتو، وقد وافقت الدول المعنية على هذا الإطار. وأكدت عشر دول أوروبية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، على توقيع بيان يحدد هذه الضمانات، والتي توصف بأنها “صلبة” وتشمل تعهدات قانونية واضحة لاتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على السلام في حال وقوع أي هجوم روسي مستقبلي.
وأشار المبعوثون إلى أن هذه الضمانات تشبه في جوهرها المادة الخامسة من ميثاق الناتو، التي تعتبر أي اعتداء على دولة عضو بمثابة اعتداء على الحلف بأكمله، ما يجعلها بديلاً عمليًا يحظى بإشادة المستشارين الأمريكيين. وأضافوا أن الضمانات تشمل أيضًا آليات لمراقبة وقف إطلاق النار والتحقق من تنفيذه، حيث ستشرف الولايات المتحدة على هذه العمليات لضمان فعاليتها، رغم أنها لا تزال في شكل مسودة أولية.
وفي إطار دعم الجيش الأوكراني، حصلت أوكرانيا خلال المفاوضات على إمكانية الحفاظ على قوة عسكرية تصل إلى 800 ألف جندي في زمن السلم، خلافًا للحد الأقصى البالغ 600 ألف جندي الذي كانت اقترحته الحكومة الأمريكية سابقًا. كما تم اقتراح نشر قوة متعددة الجنسيات بقيادة أوروبية مع دعم أمريكي لضمان استقرار المنطقة، مع إبقاء المساهمات الأوروبية في الصدارة.
موقف روسيا ومسألة الأراضي
تشير المصادر إلى أن روسيا كانت منفتحة على بعض القضايا الجديدة، لكنها تمسكت بمطلبها الرئيس منذ بداية الحرب: منع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وقد تحقق هذا المطلب من خلال مفاوضات برلين. في المقابل، أظهرت موسكو مرونة بشأن فكرة انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، ما يشير إلى استعداد موسكو للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب.
ووفقًا للمسؤولين الأمريكيين، يشمل التوافق الحالي أكثر من 90% من بنود خطة السلام الأمريكية، فيما تبقى حوالي 10% من البنود غير متفق عليها، تتركز معظمها حول مسألة الأراضي، التي تشكل المحور الأكثر حساسية في المفاوضات.
من جانب أوكرانيا، وصف الرئيس فولوديمير زيلينسكي قضية الأراضي بأنها مؤلمة، مؤكدًا أن بلاده لن تعترف بجمهوريات دونباس كجزء من روسيا بموجب دستور أوكرانيا، مطالبًا بدعم الولايات المتحدة في حماية موقف أوكرانيا بشأن الأراضي وغيرها من القضايا المهمة.
أما الولايات المتحدة، فقد وضعت ضغوطًا على كييف خلال محادثات برلين، مطالبة أوكرانيا بضرورة سحب قواتها من منطقة دونيسك في إطار أي اتفاق محتمل، معتبرة أن الأراضي تشكل قضية محورية بالنسبة لموسكو. وتوضح الخرائط والتحليلات أن الموقف الروسي الأولي كان يتمسك بانسحاب أوكرانيا من الأقاليم الأربعة: دونيتسك، لوهانسك، خيرسون وزابوريجيا، إلا أن هذه المطالب لم تُستكمل بعد، ما يشير إلى أن المفاوضات لا تزال في مرحلة حساسة ومعقدة.
الوضع في سومي وخاركوف

