علي السامرائي
92 عاما بالتمام والكمال مرت على ولادة المملكة العربية السعودية بشكلها الحديث وسط تحديات وتقلبات شهدها الشرق الاوسط والعالم كانت خلالها في عين العواصف لكن المملكة خرجت منها خضراء ..يانعة ..متماسكة وقوية.
ومنذ سطوع نجم الملك عبد العزيز ال سعود وتوحيده البلاد مرورا بالملوك الستة من بعده وانتهاءا بالملك السابع سلمان بن عبد العزيز
كانت الرياض لاعبا مهما في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولاسيما بعد اكتشاف النفط والوفرة المالية التي اثمرت عن منجزات كبيرة خلال العقود الماضية وتبلورت في السنوات الاخيرة على شكل رؤية جديدة تحمل في طياتها حالة التجديد والتحديث وروح الشباب التي مثلها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
وكانت السعودية الجديدة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الامير محمد بن سلمان في امتحان وجود وسط سعى بعض المشككين للتشويش على الخطوات الجدية والتغييرات في النظام العام وهيكلية الدولة لكن المخاض العسير اثمر مولودا حمل اسم رؤية 2030 والتي تشي خطواتها بمضي المملكة بافق جديد وروح مختلفة تواكب التطورات والتغييرات الكبيرة في العالم.
كان العراق في عمق الرؤية السعودية في صوغ معادلات جديدة في المنطقة قائمة على اساس حسن الجوار والنوايا الحسنة والمصالح المشتركة وطي صفحة الماضي بكل مافيه من تباينات واختلافات والمضي قدما بعلاقات وثيقة تنعكس ايجابا على البلدين وعموم المنطقة.
وحافظ العراق والسعودية خلال السنوات القليلة الماضية وبالاخص في عهد الملك سلمان وبدعم من ولي عهده الامير محمد بن سلمان على مستوى عال من التنسيق والتعاون في مختلف المجالات ومد جسور التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والرياضي ، فالعلاقات السياسية اتخذت اشكالا متعددة منها على الصعيد الرسمي من خلال الزيارات المتبادلة لكبار مسؤولي البلدين او على صعيد الدبلوماسية الشعبية التي تمثلت بزيارات قيادات سياسية ودينية من مختلف المكونات والمشارب الى المملكة لبحث القضايا ذات الاهتمام ومنها الانسداد السياسي في تشكيل الحكومة وازمات المنطقة الاخرى كما كان لبغداد دورا مهما في جلوس الرياض وطهران على طاولة حوارات لحلحة القضايا الخلافية ولاسيما ان للرياض مواقف معترضة على ماتراه تدخلا ايرانيا في الشؤون الداخلية العربية اذ مازالت عجلة الحوار تدور على ارض العراق للوصول الى حلول جذرية للازمات في المنطقة.
وتميزت السياسة السعودية تجاه العراق بالتعاون في مجال الطاقة والتنسيق المشترك في منظمة اوبك للحفاظ على التوازن في سوق النفط العالم الى جانب تسارع الخطى لمد العراق بالطاقة الكهربائية وعلاج شحتها اضافة الى فتح منفذ عرعر الحدودي وتسهيل اجراءات الدخول الى المملكة مما يسهم بتعزيز العلاقات التجارية والسياحة الدينية فضلا عن الايادي البيضاء التي تمثلت بتقديم مساعدات للنازحين العراقيين بملايين الدولارات عبر مركز الملك سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية ومعالجة التوأم السيامي العراقي عمر وعلي في مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال بوزارة الحرس الوطني لدراسة حالتهما والنظر في إمكانية إجراء عملية فصلهما بناءا على توجيهات ملكية .
ويتلمس الجميع وجود رغبة سعودية بدعم عودة العراق الى محيطه العربي واستعادة مكانته العظيمة التي كان دائما يتمتع بها على مختلف الحقب وتجاوز ما يعكر صفو العلاقات وتخطي محاولات البعض العودة بعقارب الساعة الى اجواء الاحتقان والشحن المذهبي والخلافات القائمة على اساس طائفي لكن اغلب تلك المحاولات بائت او ستبوء بالفشل لوجود ارادة لدى البلدين بالمضي قدما نحو تحقيق الاستقرار والسلام والتكامل الاقتصادي بما يحقق مصلحة شعبي البلدين.
ويمثل التطور والتجديد والتحديث والتنوير الذي تشهده المملكة خطوة جبارة في محو صورة نمطية اراد البعض ترسيخها وهو امر ينعكس ايجابا على العراق ودول المنطقة في ان تكون هذه الدولة المهمة نموذجا يحتذى به في التنمية الاقتصادية المستدامة والتحولات التي تستجيب للمحركات الاجتماعية والتغييرات الثقافية التي جعلت منها نقطة جذب عالمية الى جانب الابتكارات والاهتمام بالبحث العلمي والاكاديمي ومواكبة التقدم التكنلوجي وانشاء مدن صديقة للبيئة واخرى ذات اهمية استثمارية كبرى مما يجعل الجميع داعما لكل هذه التغييرات والحرص على نجاحها لضمان استمرار النمو الذي يحقق مصلحة شعوب المنطقة العربية ويدعم الاستقرار والسلام والتعايش السلمي والتسامح المجتمعي.
وحافظت الرياض على علاقات متوازنة مع اغلب الدول اتساقا مع مكانتها السياسية والاقتصادية ساعدها باداء ادوار متعددة ووضع استراتيجيات جديدة وفق رؤية 2030 ذات الطموحات والواسعة التي تستند على الانسان ودوره في نجاح بلده بما يعزز مكانته في المجتمع الدولي ويجعلها تتمتع بالمصداقية وهو ما فتح امامها القيام بالوساطات لحل العديد من الازمات الدولية واخرها الرغبة بوساطة سعودية تنهي الحرب القائمة بين روسيا واوكرانيا بعد نجاح مبادرة اطلاق سراح اسرى روس واوكرانيين ومن عدة جنسيات وهو مؤشر على الدور المحوري الذي يحقق الامن والاستقرار الدوليين وتغليب مصالح الشعوب.
ان السعودية الجديدة هي عمق للعراق كما ان العراق يمثل عمقا استراتيجيا لها وامنهما واستقرارهما يمثلان مصلحة لكل دول المنطقة وكما كانت السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الامير محمد بن سلمان حاملة تطلعات وأمال شعوب المنطقة العربية والدول الاسلامية في التقدم والنمو والتطور فستبقى للجميع دار للحكمة وشعلة للتنمية والتجديد .