المسرى
لم يبق على نهاية السنة 2025 سوى 13 يوما ، ولا يزال ملف رواتب موظفي إقليم كوردستان واحداً من أكثر الملفات إلحاحاً وتعقيداً، في ظل عدم تسلّم موظفي كوردستان رواتب أشهر تشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول 2025، رغم تأكيد حكومة الإقليم إرسال القوائم الرسمية لهذه الأشهر إلى الحكومة الاتحادية في بغداد.
خلافات أم اتفاقات
وتعود أزمة الرواتب في إقليم كوردستان إلى خلافات مالية وسياسية مستمرة بين حكومتي أربيل وبغداد، تتعلق بآلية توزيع الحصة المالية للإقليم من الموازنة الاتحادية وملف تصدير النفط والإيرادات غير النفطية، وكانت لحكومة بغداد شروط تتعلق بتسليم النفط والشفافية المالية، وقد انعكست هذه الخلافات بشكل مباشر على انتظام صرف رواتب الموظفين خلال عام 2025، ولكن بعد مباحثات طويلة توصل الجانبات لاتفاق بشأن تصدير نفط الإقليم عبر شركة سومو وإرسال 120 مليار دينار شهريا إيرادات غير نفطية إلى بغداد، ولكن مع هذا لا يزال راتب 3 أشهر أو شهرين لنهاية هذه السنة مجهولا .
سنة بـ9 أشهر
وفي المقابل موظفو إقليم كوردستان استلموا خلال عام 2025 رواتب 9 أشهر فقط لحد اللحظة، تعود للأشهر الأولى من العام، أما رواتب تشرين الأول و تشرين الثاني ورغم استكمال حكومة الإقليم للإجراءات الإدارية المطلوبة، لم يتم تحويل أي مبالغ رسمية لهذين الشهرين من قبل حكومة بغداد لحد اللحظة، وشهر كانون الاول 2025 فنحن قاربنا على نهايته وموظفو العراق كلهم ينتظرون صرفه قريبا .
الموظفون يدفعون الضريبة
ويرى المختصون بهذا الشان أن أسباب استمرار التأخير تعود إلى الربط السياسي والمالي بين تحويل الرواتب وملف النفط، والخلاف على الالتزامات الدستورية وتفسير مواد الموازنة الاتحادية، وإغلاق السنة المالية الاتحادية واقتراب موعد إقفال الحسابات، ما يضيّق هامش المناورة المالية في بغداد.
سيناريوهات معقدة
كما ويرون أن السيناريوهات المحتملة قبل نهاية 2025، تتمثل إما بتسوية جزئية أو كاملة، حيث في حال التوصل إلى اتفاق عاجل بين بغداد وأربيل، فقد يتم صرف راتب واحد أو أكثر من الرواتب المتأخرة قبل نهاية العام أو ترحيل المبالغ وصرفها دفعة واحدة في مطلع 2026، أو استمرار الجمود وعدم صرف أي من رواتب الأشهر الثلاثة المتأخرة وترحيل ملف الرواتب بالكامل إلى العام المقبل، بانتظار اتفاق سياسي ومالي جديد.
وبهذا سيكون الموظفون بالإقليم سيستلمون في أفضل الاحوال راتبا واحدا ، وفي أسوأ الأحوال لا تُصرف أي رواتب إضافية قبل نهاية 2025، ويبقى مجموع ما استلمه الموظف هذا العام بحدود 9 رواتب فقط، بحسب آراء المتابعين والمعنيين بهذا الشأن.
آثار اقتصادية واجتماعية
وعلى مستوى الوضع الاقتصادي والاجتماعي لموظفي إقليم كوردستان يؤكد الخبراء في الشان الاقتصادي أنه بدون شك هذا التأخير في صرف الرواتب ينجم عنه آثار اقتصادية واجتماعية سيئة من حيث تراجع القدرة الشرائية للأسر في الإقليم وازدياد الديون والالتزامات المعيشية وتنامي السخط الشعبي واحتمال توسّع الاحتجاجات والتأثير السلبي على الاستقرار الاقتصادي والإداري في الإقليم .
أزمة قديمة تتجدد
ويبدو أن ملف رواتب موظفي إقليم كوردستان سيبقى عالقاً بين التجاذبات السياسية والحسابات المالية، في وقت يقترب فيه عام 2025 من نهايته دون حلول واضحة، ومع ضيق الوقت وإقفال السنة المالية، تتزايد معاناة الموظفين وتتعمّق آثار الأزمة، اقتصادياً واجتماعياً، ما يجعل أي تسوية عاجلة بين بغداد وأربيل ضرورة ملحّة، ليس فقط لصرف الرواتب المتأخرة، بل للحفاظ على الاستقرار المعيشي والاجتماعي في الإقليم.

