الكاتب.. علي الخفاجي
سبق للعراق وإن مرَ بعزلة دولية جراء سياسات النظام السابق التي امتدت إلى اكثر من عقد من الزمن، الامر الذي ادى إلى خروج البلد من دائرة العلاقات الدولية، حيث عاش بمزيد من الاضطرابات بدءاً من الحصار الاقتصادي مروراً بالحرب العسكرية في عام 2003، وبعد هذا التاريخ وفي اعقاب التغيير السياسي الذي شهده العراق، أسُـست بعثة الامم المتحدة (يونامي) للمساعدة في صون السلم وكتابة الدستور والمحافظة على المكتسبات السياسية ما بعد التغيير وتقديم المشورة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
شهد العراق في السنوات الاخيرة تحولات سياسية واقتصادية وامنية مهمة، بعد أن أمضى عقدين من الزمن وهو يحاول تجميل صورته الجديدة المبنية على اسس ديمقراطية، وهذه التحولات انعكست على طبيعة علاقته بالمجتمع الدولي، الأمر الذي جعل من البلد محط انظار للكثير من البلدان، التي سبق وأن كانت متأرجحة في قراراتها ومواقفها تجاهه، وبالتالي تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية، حيث إن الانفتاح السياسي والدبلوماســي والسياسة الحكومية المعتمدة، جعلا من البلد واجهة دولية لما له من تأثير في صنع القرار ولعب دور الوسيط في الكثير من القرارات والمواقف، ما جعل من الخطاب الاممي خطاباً ايجابياً يختلف عن السابق، حيث تغيرت النبرة المعتادة، التي كانت دائماً ما تشير إلى أن البلد غير مستقر، وأنه يحتاج إلى مزيد من التوافقات والتفاهمات لردع الصدع بين مكوناته، وأصبح بفضل المنجزات الحكومية على الصعيدين المحلي والدولي وبمساعدة البعثة الأممية يشار إلى تلك المنجزات، والدعم الدولي بدا يتوالى بفضل المشاريع على أرض الواقع، حيث جاءت التصريحات الأممية المؤيدة للموقف الحكومي وتؤيد مواقفهِ وتحركاته الساعية لبناء واعمار البلد.
اسهمت بعثة الامم المتحدة في العراق في تهيئة بيئة سياسية مستقرة، خصوصا في السنوات الخمس الاخيرة، بعد أن كانت محط اتهام من قبل كثير من القوى السياسية واتهامها بالانحياز لجهة على حساب جهة أخرى، وتم ذلك من خلال تقاريرها الايجابية والداعمة للانجازات الحكومية، ما شجع الدول الكبرى على تعزيز علاقاتها مع العراق .
الانتقال من الدور السياسي إلى الدور التعاوني التنموي هو ما سيكون مستقبلاً، هذا ما تم الاعلان عنه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة (انطونيو غوتيرس) لحظة وصوله إلى العراق يوم السبت الموافق الثالث عشر من كانون الاول، معلناً عن انتهاء ولاية بعثة يونامي في بعد اكثر من عشرين سنة من العمل، وكما اكد التعاون المستقبلي بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، انتهاء عمل بعثة الامم المتحدة وبطلب من الحكومة تمثل محطة مهمة في مسار الدولة العراقية، فهو قرار يحمل دلالات وانطباعات ايجابية تتعلق بسيادة واستقلال البل، بوصفه دولة فاعلة ومؤثرة ومسؤولة على الساحة الاقليمية والدولية .
الصباح