مراسم الذكرى الخامسة لرحيل فقيد الأمة ..
جرت يوم الاثنين 3/10/2022، مراسيم رسمية مهيبة في ذكرى رحيل فقيد الأمة والوطن الرئيس جلال طالباني في قاعة الاستاذ سعد عبدالله بمدينة أربيل، حضرها السيد بافل جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، ورئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، ورئيس الوزراء الاتحادي مصطفى الكاظمي، ورئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ورئيسة برلمان كردستان الدكتورة ريواز فائق ورئيس حكومة الاقليم مسرور بارزاني، وزعماء وممثلو الأحزاب الكردستانية والعراقية والوزراء والسفراء والقناصل وجمع غفير من الضيوف.
بدأت المراسيم بعزف النشيدين الوطني العراقي والقومي الكوردستاني،
بعده ألقى رئيس مؤسسة الرئيس جلال طالباني السفير الدكتور محمد صابر كلمة، رحب فيها بالضيوف وقدم نبذة عن مهام وأهداف مؤسسة الرئيس جلال طالباني وقال إن “رحيل الرئيس مام جلال خسارة كبيرة تعرض لها الاتحاد الوطني وشعب كردستان والعراق”، مبينا أن “ملئ الفراغ الذي أحدثه ذلك الرجل العظيم صعب، وفي هذه المناسبة الخاصة ننتهز الفرصة كي نعرفكم بمؤسسة الرئيس جلال طالباني، ونأمل من جميعكم الدعم لانجاح هذه المؤسسة”.
وأضاف أن “الرئيس مام جلال له أفضال عده على جميعنا، حيث علينا أن نحفظ نهجه وتوجهه ومذكراته ونضاله وكفاحه الذي كان في سبيل تحرر الشعب الكردي وتأسيس الديمقراطية في العراق”.
مؤسسة ثقافية وإنسانية ووطنية
وأشار إلى أن “مؤسسة الرئيس مام جلال غير حكومية ومستقلة وغير ربحية، وهي كذلك مؤسسة ثقافية وإنسانية ووطنية تعمل على تعريف وحماية وأرشفة مسيرة حياة ونضال الرئيس جلال طالباني، وعليه فإن المؤسسة تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف ومنها حماية وجمع أرشيف الرئيس جلال طالباني كمكسب قومي ووطني وتطوير مجالات التنور الفكري والبحوث الأكاديمية المنكبة على الفكر وحياة وسياسة الرئيس جلال طالباني”.
ولفت إلى أن من أهداف المؤسسة أيضا “تنمية حقوق الإنسان والحريات والمساواة الجندرية في المجتمع الكردستاني والعراقي وتنمية القيم الإنسانية في مجالات الجندرية والثقافية والتعايش داخل المجتمع الكردي والعراقي وتحديد يوم وفاة الرئيس جلال طالباني في الـ 3 من أكتوبر كمناسبة وطنية وقومية”.
وتابع أن “المؤسسة تعمل على عرض هذه الأهداف والقيم الإنسانية من منظور رؤى وتوجهات الرئيس جلال طالباني، وتضم المؤسسة المراكز التالية التي تفتتح في مزار الرئيس جلال طالباني:
1/ مركز المتحف ويحوي على مذكرات وأدوات ومقتنيات الرئيس مام جلال الخاصة التي استعملها خلال حياته ونضاله.
2/ مركز المكتبة العامة والتوثيق ويختص بجمع سائر الكتب والمنشورات المحفوظة في مكتبات الرئيس جلال طالباني الخاصة وتوثيق الكتابات والمقالات والتصاريح والرسائل وأي شيئ آخر متعلق بهذا المجال كالصور ومقاطع الفيديو والصوت.
3/ مركز الطبع والنشر ويختص بـطبع ونشر الكتب وأدبيات الرئيس جلال طالباني مع تقديم الدعم لنتاجات الكتاب الخاصة بهذا المجال ومركزه الرئيس مدينة السليمانية.
من ثم عرض فيلم وثائقي قصير عن أبرز محطات حياة الرئيس مام جلال.
رمز للحركة القومية الكردية والحركة الوطنية الديمقراطية العراقية
بعد ذلك ألقى الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق كلمة حيا فيها الذكرى الخامسة لرحيل فقيد الأمة، وتحدث فيها عن دوره الكبير في جميع مراحل النضال، مؤكدأ أن فخامته ترك إرثا حيا نفتخر به جميعا، وقال: مام جلال حاضر في وجدان شعبه.
واستعاد الكتور برهم صالح بعضا من رائعة شاعر العراق الأكبر الجواهري في وصف الرئيس طالباني.
وقال الدكتور برهم: ليس من السهل أن يتفق العراقيون على رجل، لكنهم اتفقوا على مام جلال، كرمز للحركة القومية الكردية والحركة الوطنية الديمقراطية العراقية، مشيرا الى أن وصف سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني له بـ”صمام الامان” وصف دقيق لما يمتلكه من مؤهلات.
وقال رئيس الجمهورية: “مام جلال كرّسَ حياتهِ لخدمةِ وطنهِ وشعبه، فترك إرثاً حياً نفتخرُ به جميعا وبصماتٍ خالدةٍ في مسيرةِ النضال الكردستاني والعراقي من اجل الحرية والديموقراطية، ليس من السهل أن يتفق العراقيون على رجلٍ، لكنهم اتفقوا على مام جلال، يذكرُه بالخير كلُّ مخلصٍ أمين، ويشيد بقدرتِه أن يكونَ رمزاً في الحركة القومية الكردية والحركة الوطنية الديمقراطية، وصف سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني لمام جلال بانه صمام الأمان في العراق هو وصف دقيق لما كان يمتلكه من توازن وحرص على السلم الأهلي والوئام المجتمعي.
يمر بلدنا بظرف استثنائي دقيق لا يخلو من مخاطر، وامامنا جميعاً مسؤولية تاريخية ووطنية في رص الصف الوطني للخروج من الأزمة الراهنة، لا يمكن المراهنةُ أكثر على صبرِ شعبنا بالتطمينات ولا بالكلام ولا بالوعود، ويجب الشروع في بناء دولة مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز سيادته وتضمن سلامة مواطنيه، وتعمل على تلبية تطلعات العراقيين وشبابه الناهض في الإصلاح ومكافحة الفساد.
ليس من المقبول استمرار الأزمة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، ولا بد من إطلاق حوار جاد بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم يضع حلولاً دستورية وقانونية تأخذ في الاعتبار مصالح جميع المواطنين ولا تزج حقوقهم وأرزاقهم في الخلافات السياسية، كما ويرفض العراق بأن تكون أرضه ميداناً لصراعات الاخرين وساحة لتصفية حساباتهم وتهديد أمنه واستقراره الداخلي، وكذلك أن يكون منطلقاً للعدوان على أي أحد، ان استقرار العراق واحترام سيادته يجب ان يكون الأساس لمنظومة الامن المشترك في المنطقة واحترام الإرادة العراقية وامن العراق يجب ان مبحث اتفاق الكل، كما ان الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان لها المصلحة ولها القرار في ان تعمل معا ومع جيران العراق على إيجاد الحلول الفعلية الجدية للمشاكل الأمنية بما يحفظ سيادة العراق وامنه واستقراره.
نجحنا في تجاوز الكثير من الإشكالات واستطعنا الانطلاق ببلدنا من عنوان للتنازع الى عنوان لتلاقي شعوب المنطقة التي تواجه تحديات مشتركة، ولن تُجابه الا عبر التعاون المشترك”.
نحن اليوم بأشد الحاجة الى صبره وحكمته
وألقى رئيس مجلس الوزراء الاتحادي مصطفى الكاظمي كلمة، أكد فيها أن الرئيس مام جلال كان رجل الوطنية الفذة والروح المناضلة والقامة الشامخة. وقال: نحن اليوم بأشد الحاجة الى صبره وحكمته وقدرته على جمع الفرقاء.. نحن بأمس الحاجة الى اللغة التي كان يتحاور بها مام جلال”.
وشدد الكاظمي على ضرورة استلهام العزم من هذا الراحل الكبير، داعيا الى الاتفاق على المشتركات ونبذ الفرقة والتناحر للوصول الى حل المشكلات وتجاوز الانسداد السياسي.
كان حريصا جدا على الاتفاق والوئام
من ثم ألقى نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كردستان كلمة، قال فيها: نستذكر اليوم الرئيس مام جلال بفخر وإجلال، صحيح أنه مرت سنوات على رحيله ولكن طوال هذه السنوات وبعد مرضه شعرنا دوما بالفراغ الذي تركه فخامته.
وأعرب رئيس الاقليم عن سروره بالإعلان عن مؤسسة الرئيس جلال طالباني، مشيدا بجهود القائمين على المؤسسة.
وأضاف رئيس اقليم كردستان: التقيت مام جلال لأول مرة في 8/11/1986، حيث وقع مام جلال ووالدي ادريس بارزاني، اتقافية السلام بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، وقد حضرت الاجتماع وكان يوما تاريخيا بالنسبة لشعب كردستان ومنذ ذلك الحين أكن الكثير من الاحترام والتقدير والمحبة للرئيس مام جلال وذكراه ستبقى خالدة في وجداننا.
وأشار الى أن مام جلال كان حريصا جدا على الاتفاق والوئام وخاصة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، مؤكدا ان توقيع الاتفاق الستراتيجي كان مكسبا كبيرا لشعب كردستان وأدى الى تطوير وازدهار الاقليم.
وقال رئيس الاقليم إن مام جلال أعطى قوة وهيبة لمنصب رئاسة الجمهورية وكان يدافع عن جميع المكونات، ومقره كان مركزا لانهاء الخلافات، داعيا أن يكون ذكراه حافزا لوحدة الصف واللجوء الى الحوار بروح مام جلال لحل المشاكل.
كان أكثر القادة قوة وعزيمة
بعد ذلك تم عرض كلمة مسجلة لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، أعرب فيها عن سروره بمشاركته فيه المراسيم.
وأشاد بلير بشخصية الرئيس طالباني القيادية، مشيرا الى أنه كان أكثر القادة قوة وعزيمة، وقال: كان ملهما لي دوما ويحاول استتباب الاستقرار في العراق، وكان ذا شخصية فذة في ايجاد حلول للمشاكل وجمع الفرقاء لتشكيل حكومة جامعة وكان يعمل دوما لتحقيق السلام.
مناضل كرس حياته للمساواة والديمقراطية و حارب الفساد والظلم والاستبداد
وفي الختام ألقى قوباد طالباني المشرف على سكرتارية الرئيس مام جلال كلمة العائلة قال فيها:
“بسم الله الرحمن الرحيم…
باسم عائلة الرئيس جلال طالباني وخاصة أخي الأكبر كاك بافل ووالدتنا العزيزة هيرو ابراهيم أحمد، أرحب بكم في مراسيم الذكرى الخامسة لرحيل الرئيس جلال طالباني.
إن حضوركم اليوم معنا دلالة على تقديركم ووفائكم لمناضل كرّس حياته كلها للسلام والحرية وحقوق الانسان والمساواة والديمقراطية.
نعم، إن وجودكم بيننا دلالة على تقديركم لقائد حارب الغدر والفساد والظلم والاستبداد حتى آخر لحظة من حياته، نحن اليوم نعيش على أمل أن يكون نضاله وتجربته دليلا لنا، لنسلك طريقه ونستلهم من حكمته”.
وفي كلمة باللغة الكردية ،لفت طالباني إلى أنه “بوسعنا تبديد أي توتر بيننا من خلال تذكر طرفة من طرائف الرئيس مام جلال وأن نتخطى التوترات بضحكة”، مؤكدا أنه “للإجابة عن أي سؤال صعب نواجهه، باستطاعتنا الحصول عليها في مقالات وخطابات وكتابات وتصاريح الرئيس مام جلال”.
وأوضح بالقول “إذن، مام جلال بالنسبة لنا ولأكثرنا تجربة، ومدرسة، ومرشد”، مضيفا “لنسأل أنفسنا ونحن نواجه اليوم العديد من التحديات والمشاكل منها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، ما كان قول مام جلال لو كان حاضرا بيننا، أن اليوم وفي أي وقت مضى علينا العودة إلى مبدأ الحوار والتوافق والاجماع والتعايش، وهي المبادئ التي انتهجها الرئيس مام جلال”.
وشدد طالباني “نتغلب بالوحدة على أغلب التحديات التي تواجهنا وسنخفق ونحن مقسمون، وآمل أن يقربنا إحياء ذكرى الرئيس مام جلال من بعضنا البعض، إذ تقع على عاتقنا مسؤولية تاريخية”.
ودعا إلى “الاستفادة من تجربة الرئيس مام جلال ونكون عند مستوى تلك المسؤولية”، منهيا كلمته بالقول: “الرحمة والخلود لروح شهداء العراق وكردستان الطاهرة”.