الكاتب.. عبد الحليم الرهيمي
يوماً بعد آخر، يتسع نطاق المطالبة الشعبية والرسمية بنزع السلاح المنفلت والخارج عن القانون، وحصره بيد الدولة والمقصود بهذا السلاح هو الذي يستخدم خارج أطار الدولة وقوانينها وتعطيل دورها في أحتكار استخدامه.
والامثلة على ذلك هو سلاح الجريمة المنظمة وسلاح العشائر غير المرخص وسلاح الجماعات والشخصيات السياسية الذي يستخدم خارج أطار وظيفته المحددة بالحماية عند الضرورة والأهم كذلك هو سلاح بعض الفصائل السياسية التي لها أذرع مسلحة.
وتتعدد الاسباب والمبررات الداعية او المطالبة بنزع هذا السلاح وحصره بيد الدولة لانه اصبح يشكل، لغالبية المواطنين العراقيين: كابوساً يؤرقهم ولأنه يهدد السلم الاهلي ويهدد أمنهم ويبث الرعب في حياتهم، اذْ يستخدم بعضه للاعتداء عليهم مباشرة أو ضد المؤسسات الرسمية والخاصة، والاعتداء على الشركات والمؤسسات الأنتاجية والاستثمارية المحلية والأجنبية العاملة في العراق وبما يشكل تهديداً لها ويولد الرغبة للكثيرين منها بالتوقف او الاغلاق بسبب ارغامها على تقديم الرشوة و (الخاوة) فضلاً عن التدخل المباشر في شؤونها وبما ينتج عن ذلك من آثار سلبية كبيرة على العراق منها توقف التطور الاقتصادي والعمراني والصحي والتعليمي والزراعي والسياحي، هذا فضلاً عن دور هذا السلاح المنفلت في انتشار تهريب آفة المخدرات بحماية القائمين بها او مشاركتهم، وكذلك تهريب وبشكل غير رسمي وخارج المنافذ البضائع والمنتجات دون خضوعها للرقابة الرسمية، هذا اضافة لدعم هذا السلاح للفاسدين في كل المجالات.
لقد دأبت الحكومات المتعاقبة منذ العام 2003 على التصريح بسعيها الجاد لحصر هذا السلاح بيد الدولة من اولويات عملها لكن فشلت باستمرار في تحقيق هذه المهمة حسب اعترافات البعض منهم وحسب آراء المتابعين والمهتمين بهذه القضية، ذلك لان معظم أصحاب السلاح المنفلت مدعومين من جهات سياسية تدافع عنهم او تكون شريكة وغطاء لهم.
وبسبب اتساع أنتشار هذا السلاح اعلنت حكومة السيد السوداني ان نزع هذا السلاح من يد حامليه وحصره بيد الدولة ستكون احدى اولويات هذه الحكومة، باعتباره يمثل أس المشاكل والأزمات التي يواجهها العراق، لذلك تنتصب اليوم اما الحكومة الجديدة السعي بكل الوسائل لتنفيذ هذه المهمة سيما وانها تحظى ايضاً باجماع البرلمان الذي أكد بدوره على ان المهمة هي من اولويات عمل الحكومة وكما عبر عن ذلك ايضاً عضو البرلمان ورئيس لجنة الأمن والدفاع خالد العبيدي بأن حل ملف السلاح المنفلت يكمن باعادة فرض هيبة الدولة والقانون وان يكون القرار الآمر الناهي بيد السلطات الرسمية وحدها، كما اكد احد اعضاء هذه اللجنة ان بعد تشكيل الحكومة الجديدة نحتاج الى قرار صارم بشأن هذا الموضوع من رئيس مجلس الوزراء، وقد اوضح المحلل الامني والاستراتيجي احمد الشريفي بشكل اكبر بالقول ان حصر القرار السياسي القوي سيضع الاحزاب والاجنحة المسلحة لها امام الاستحقاق الوطني وان يبدأ رئيس الوزراء تشريع القوانين المانعة لها ممارسة اي نشاط عسكري حتى لو كان تحت ذريعة الاحتلال او ما شاكل ذلك، وهذا يعني ان على الحكومة الجديدة مفاوضة هذه الاحزاب وتذكيرها بأن هذا استحقاق وطني يجب الالتزام به وان لم يتحقق فسيكون من واجبها نزع هذا السلاح بالوسائل المناسبة. وما ينطبق على هذا الاحزاب ينطبق ايضاً على سلاح العشائر من شيوخها والقيام بسحب السلاح من ايدي افرادها وبمساعدة الدولة ان أرادت ويبقى لديها فقط السلاح المرخص الذي تحتاجه للدفاع عن نفسها في حال الاعتداء عليها من قوى الارهاب او قوى خارجية.
وبهذا يبقى الرهان قائماً على قدرة الحكومة على تحقيق هذه المهمة بقراراتها وبمساعدة ودعم الاحزاب والبرلمان والشخصيات الوجيهة القادرة على تقديم هذا الدعم والمساندة لأنجاز هذه المهمة لمصلحة الشعب ومصلحة الحكومة في آن واحد.
نقلا عن صحيفة المدى