علي السامرائي
تمثل مبادرة المملكة العربية السعودية باعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تأسيس صندوق الاستثمارات العامة لخمس شركات إقليمية في الأردن والبحرين والسودان والعراق وسلطنة عمان باستثمارات تبلغ 24 مليار دولار صياغة حقيقية لانتقالة مهمة في العمل العربي المشترك وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية.
فالظروف الاقتصادية الصعبة التي تحيط ببعض دول المنطقة ذات الوضع المضطرب جعل حاجتها ملحة الى الاستفادة من امكانيات الدول المستقرة من اجل زيادة الاستثمارات العربية والتجارة البينية لاستعادة توازنها وانخراطها في الاقتصاد العالمي.
وبات تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية وخاصة دول منطقة الشرق الاوسط التي تتمتع بالموقع الاستراتيجي المهم والخيرات الوفيرة والايدي العاملة امرا مهما يتطلب عملا حقيقيا ورؤية واضحة وجديدة وتفكيرا ووعيا كبيرا بضرورة الانخراط بتجمعات وتكتلات اقليمية تكون قادرة على اثبات وجودها ومواكبة المتغيرات العالمية والتحديات الاقتصادية وفي مقدمتها ضمان الامن الغذائي العربي ولاسيما بعد الهزات التي اثارتها الحرب الروسية – الاوكرانية.
ان قرار ولي العهد ورئيس الوزراء السعودي الامير محمد بن سلمان بشأن افتتاح شركات في خمسة دول عربية من بينها العراق براسمال يبلغ 24 مليار دولار يدلل على صوابية الرؤية ووضوحها واداركها لدور دول المنطقة في الاقتصاد العالمي وتنسجم مع طموحاته بخلق شرق اوسط جديد قائم على التنمية والازدهار الاقتصادي وخلق فرص العمل ومعالجة البطالة وطي ملفات قديمة جعلت من المنطقة وبلدانها ساحة لتصفية الحسابات السياسية وحقل تجارب لاسلحة دول العالم.
ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يركز في مقارباته الاقتصادية على خلق اقتصادات عربية قوية يمكنها مزاحمة الاقتصادات العالمية تكون قائمة على التعاون والمصالح المشتركة وتستند على اليات مبتكرة تواكب التحول الرقمي والتكنلوجي وتطوير البنية التكنلوجية لتتماشى مع التحولات العالمية الجارية التي يمكن ان تسهم بحصول تغير نوعي في جودة الحياة بمنطقة عانت كثيرا من الحروب والخلافات والانقسامات.
ان منطقة الشرق الاوسط والدول العربية عموما بحاجة الى انشاء تكتلات اقتصادية على غرار الاتحاد الاوربي تكون فرصة لتحقيق تكامل اقتصادي وقوة مالية تؤسس مصرفا عربيا يدعم التمويلات الداخلية لاي دولة عربية بدلا من الاعتماد على التمويل الخارجي والخضوع لابتزاز الغرب والدول الاخرى وللحيلولة دون ذهاب الاموال العربية الى الخارج واستثمارها في الداخل العربي لتحقيق رفاهية الشعب العربي خصوصا مع توفر الارادة والادارة وانتظار الانطلاق نحو تحقيق التنمية بمفهومها الشامل.
ان التغير السياسي في المشهد العراقي يجب ان لايؤثر على خلق فرص جديدة للنهوض الاقتصادي وتبادل الخبرات والتعاون الاقتصادي مع جيراننا من العرب وبالاخص المملكة العربية السعودية والدفع بخطط التنمية المستدامة قدما نحو تحقيق النشاطات الاقتصادية الضخمة ، فما يملكه العراق من ثروات كبيرة وخبرات وكفاءات قديرة وايدي ماهرة يجعل من ظروف النهوض الاقتصادي متوفرة بشكل اسرع مما كان سابقا لاسيما ان رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني مهتم جدا وفق ما قدمه من برنامج حكومي بتطوير الواقع الاقتصادي ومعالجة الاوضاع الصعبة وتوسيع فرص الاستثمار .
ان قرار ولي العهد السعودي بتأسيس صندوق الاستثمارات العامة لخمس شركات إقليمية من بينها ما يخص العراق بمبلغ يصل الى 5 مليارات دولار يحتم على الحكومة العراقية الجديدة المؤمنة وفق برنامجها المعلن ب”تعزيز العلاقات مع الدول على أساس مبدأ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وخاصة دول الجوار ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الشقيقة الأخرى” بعدم السماح باضاعة مثل هذه الفرصة واغتنام اي خطوة ايجابية لتسهم بشكل واضح بنمو الاقتصاد العراقي .
ان قرار المملكة العربية السعودية بالاستثمار في دول المنطقة ومنها العراق يمثل دليلا على الرغبة والطموح في تطوير واقع دول الشرق الاوسط وترسيخ الجهود الرامية لتعزيز العمل والتعاون العربي المشترك وتطويره بالشكل الذي يحقق مصالح الدول وشعوبها.