لهيب خليل
(كلما ازدادت المعلومات التي تساعدنا على فهم العالم صارت عندنا المقدرة على معرفة تعقيداته والتي ستوفر لنا تفكيرا اعمق لحل المعضلات والمشكلات التي ستواجهنا)…
لازالت مجتمعاتنا لا تحب من يسأل كثيرا وخصوصا اسئلة الاطفال الذين لديهم قدرة عجيبة على صياغة اسئلة غريبة قد لا تأتي على بالنا ولكن الكبار دائما ما ينهروهم ويطالبوهم بالسكوت وهي اولى مراحل القمع التي سيتعودها بمرور الزمن الامر الذي يجعلهم غير اذكياء وغير مميزين فالانسان وعندما يبدأ اكتشاف ما حوله وهو صغير يريد تفسير لكل ما يحدث حوله ومعه ومع عائلته وهكذا يتجه الى السؤال حتى يعرف من هم هؤلاء الذين يحبونه ويقدمون له الطاعم ويحمونه فكلمة اهل لاتعني شيء لهذا الطفل لان الكلمات لا تشرح الاحساس والمشاعر وتختصرها في هذه المرحلة العمرية وهذا ما يحدث للطفل قبل المدرسة فببساطة امكانياته العقلية ينقذ نفسه بالسؤال . هناك قضية اخرى سلبية وضارة وهي أننا نكافئ دائماً من يجيب وليس من يسأل، فالمعلمون عادة في المدارس تكافئ التلاميذ التى تجيب عن الأسئلة وليس من يسألون(مشكلة التعليم بالتلقين القديمة ) (همسة صغيرة للمعلمين: شجعوا التلاميذ على السؤال وكافئوا من يسأل منهم سؤالاً بارعاً ولا توبخوهم على أسئلة غير موفقة او غير متوقعة فالقضية لها تأثير طويل المدى على مستقبل ذلك الطفل السائل وعلى قضية التعليم ذاتها ) ويستمر هذا التأثير المجتمعى بعد التخرج من الدراسة وفي العمل حيث تتم مكافأة من يجيب وليس من يسأل ، فليس من الغريب إذاً أننا لا نتقن فن السؤال او أهمية السؤال؟ عادة نسأل كى نستعلم عما هو غامض علينا من معلومات في اي موضوع ما أو نسأل كى نستزيد من توضيح اكثر للمعلومات … وقد نسأل كنوع من التفكير عندما نحاول حل مشكلة ما سياسية او علمية او اقتصادية او اجتماعية كانت أو غير ذلك وهنا يكون السؤال لأنفسنا أو للمجموعة التى نعمل معها .
كيف نسأل؟ … أول شئ في فن السؤال هو معرفة الهدف من السؤال وهناك عدة أهداف:
ــ هناك السؤال التوضيحى وهو عندما تريد من المتكلم بيان معلومة قالها بدقة أكثر أو بيان السبب الذى من أجله فعل فعلاً معيناً، هنا يكون السؤال سؤالا دقيقا لانه يدقق ويتفحص في المعلومة، هذه النوعية من الأسئلة مهمة لأنه من غيرها تظل المعلومة ناقصة ، ها هى أمثلة من هذه النوعية من الأسئلة: “هل من الممكن أن تتكلم باستفاضة في هذه النقطة” أو “ما هو القانون الذى استخدمته في هذا التطبيق؟” إلخ .
ــ هناك أسئلة الربط وهى محاولة ربط المعلومة بمعلومة أخرى أو تطبيق المعلومة في مجال آخر مثل “كيف يمكن تطبيق هذه الفكرة في المجتمع ؟” أو “كيف يمكن تطبيق هذه النظرية على الاطفال؟” أو “كيف يمكن تطبيق هذه النظرية من علم النفس على الأحداث التى حدثت في تلك البلدة؟” إلخ وهذه النوعية من الأسئلة تفيد جداً في تعميق الفهم وكذلك في إيجاد أفكار جديدة ومبتكرة.
ــ هناك الأسئلة التي تعمق من التفكير في قضية ما وتهدف إلى زيادة فهم الفكرة أو المعلومة عن طريق سبر المجهول من الفكرة مثلا كيف استخدمت هذا القانون دو أن تعرف هذا تفكير المكون؟ هذه النوعية من الأسئلة ستعمق فهمك للموضوع وستجعلك تكتشف نقاط الضعف في المعلومة وتحاول معالجتها أو توضيحها ونرى هذه النوعية من الأسئلة غالباً في مناقشات رسائل الماجستير والدكتوراه وفي المؤتمرات العلمية ،وأخيراً أسئلة توسعية وهى محاولة وضع المعلومة في إطار أكبر لنرى الصورة كاملة ونرى كيف تتفاعل مع بقية المعطيات والمعلومات المتوفرة وهذه الطريقة في السؤال تجعلك ترى آثاراً جانبية للفكرة أو المعلومة لم تكن ترها من قبل ويجعلك ترى علاقة المعلومة الجديدة بمعلومات أخرى وهذه من أهم طرق القراءة العلمية ومثال على هذا النوع من الأسئلة: “كيف يتفق هذا القانون وقوانين البيئة عندنا؟ أو هل هذا التعديل في التصميم يتفق وقدرات مصنعنا؟ أو هل هذه السلعة هى ما يحتاجها مواطنوا هذه الدولة؟ معرفة نوع السؤال الذي تريد أن تسأله هو أول خطوة في الوصول الى الاجابة الواضحة ، يجب أن تسأل السؤال بطريقة ودودة وليس بطريقة خشنة وكانك محقق بوليسي لأن الهجوم يجعل الذي سيجب في وضع المدافع وبهذا سيفقده حياديته لكن إذا سألت السؤال بطريقة ودودة فذلك يجعله يستفيض في الإجابة وهذا يعطيك معلومات أكثر مما كنت تتمناه دون السؤال لن نعرف أو لن نعرف جيداً وبشكل كامل ومن يرضى بالجهل أو بنصف العلم فسيقل تأثيره في هذا العالم حتى وإن وصل إلى أكبر المناصب ونال شهرة واسعة..