الكاتب.. عبدالمنعم الاعسم
تَعبُر حكومة محمد شياع السوداني، هذا الاحد، يومها الثامن والسبعين، بما يزيد على عشرة اسابيع، وهي حيال المعابر نفسها التي وُضعت كألتزامات لها، في حين لم تتقدم خطوة واحدة لجهة اجتيازها او التقرب من بداياتها، ويمكن اجمالها بملفات الموازنة والعلاقة مع الاقليم والسلاح خارج يد السلطة وملف البطالة وخدمات الكهرباء وضبط اسعار الدولار والاعداد لانتخابات مبكرة، ويمكن للمنصف، او حَسِن الظن، ان يلاحظ بان السوداني اطفأ بعض بؤر التوتر المحلية، وأدار الافعال، وردود الافعال، بشيء من مهارة الموظف المسلكي، أو بطريقة العارف مكان ازرارها، دون غيره، وهو يقول لمسائليه- بحسب مطّلعين- ما كان يقوله النجاشي لإبن الخطاب “ليس كل العباد تفهم ما تفهمه يا عمرو”.
ولن تخطيء بصيرة المحلل أمراً جديدا، في غاية الاهمية والغرابة، ويتمثل في دخول زعيمي الاطار التنسيقي، نوري المالكي وهادي العامري، الحيّز الضيّق لسلطة القرار التنفيذي باستقبالهما لمسؤولين في الحكومة و(طبعا) توجيههم بمنظورات واملاءات الاطار، فيما تجاوز هذا التدخّل الى ملفات حساسة ذات علاقة بالشأن الخارجي والاقليمي، ومن البديهي ان لا يثير هذا الدور (غير المسبوق في تاريخ العملية السياسية) عجب البعض ممن يعرف خلفيات الجدل داخل كتلة الاطار بين مجموعتي المالكي والعامري بصدد نفوذهما داخل حكومة السوداني، ويتوقع تقرير عربي (اطلعنا عليه) ان لا يستمر هذا الدور بهذه الانضباطية كثيراً، لكن في كل الاحوال فان السوداني يتصرف كما لو انه سعيد بهدوء التجاذبات حول مستقبل حكومته، وتعود مصادر هذه السعادة، في جزء كبير منها، الى ابتعاد الصدر وتياره عن طريقه، ولكنه لا يعدو، في ابسط الحسابات عن افراط في التفاؤل، وسط اختلاط الاوراق، وبحسب الفيلسوف الهندي “اوشو” فانه “من المستحيل تحقيق الاحلام وسط الزحام والكم الكبير من الناس والفوضى”.
ومن زاوية مقربة، فانه لا يبدو للمراقب وجود جهة (داخلية أو خارجية) ذات تأثير، تسعى الى اطاحة السوداني في الظرف الحالي، لكن العين البصيرة لا تخطئ طائفة من المؤشرات لقوى جاءت به (أو سهّلت له) غير راضية عن رسائل اطلقها لجهة التهدئة مع واشنطن وحلفائها في المنطقة، وإن كانتْ مناوراته في هذه الساحة مخطط لها، في حين تصرفت واشنطن بانضباط لا سابق له، كي لا ترد على مخاشنات وتهديدات من جانب ايران، اخذا بالاعتبار ان التوتر يتفاعل باضطراء على الحدود بين ايران واقليم كردستان العراق.
وفي هذه “الخبصة” اعتقد (اقول اعتقد!) لا أمل للسوداني ان تتكرر مرة اخرى الفرصة التي جاء به، وأعتقد (مرة اخرى) ان عليه ان يصنع فرصته بنفسه.. الامر الذي لا مؤشرات له.
استدراك:اليوم هناك فرص لا أحد يعرف ما إذا كانت ستأتي مرة أخرى في المستقبل.
نقلا عن .. صوت العراق