المسرى .. تقرير: فؤاد عبد الله
تعطي الحكومة العراقية أولوية للعمل والتغيرات المناخية في برنامجها الحكومي ، وبحسب المسؤولين فإنها تحولت من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، حيث وجهت الحكومة بعقد مؤتمر العراق للمناخ لعام ٢٠٢٣ ، كونها ستكون مفصلا مُهماً في العمل المناخي وعلامة فارقة نحو تنفيذ خطة البلد في هذا المجال.
اهتمامات حكومية
رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني قال في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر العراق للمناخ الذي عقد في البصرة وتابعه المسرى، إن “الحكومة ماضية في برنامجها الذي أولى معالجة تأثيرات التغيرات المناخية أهمية خاصة، وقد وضعت معالجات عدّة لتخفيف الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي ترافق التغيّر”، مشددا على “أهمية متابعة كل ما يتعلق بتنفيذ الرؤية العراقية للعمل المناخي، وبصورة خاصة، مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، وجهود الحفاظ على حقوق العراق في مياه نهري دجلة والفرات”.
الأمن الغذائي
وأشار الى أن “التغيرات المناخية التي تمثلت بارتفاع معدلات درجات الحرارة، وشُح الأمطار، وازدياد العواصف الغبارية، مع نقصان المساحات الخضراء، هددت الأمن الغذائي والصحي والبيئي والأمن المجتمعي”، لافتا الى أن ” أكثر من 7 ملايين مواطن، تضرروا وعانت مناطقهم الجفاف، ونزحوا بمئات الألوف لفقدانهم سبل عيشهم المعتمدة على الزراعةِ والصيد، وأكثر ما يُؤسف له الجفافُ الشديد الذي أصاب أهوارنا الجميلة”.
إعداد الاستراتيجيات
وبين أن “الأولوية الوطنية للحد من التغير المناخي تمثلت بتقديم المساهمة المحددة وطنياً لخفض الانبعاثات، وإعداد الستراتيجيات الوطنية للبيئة والتنوع البيولوجي ومكافحة التلوّث”، مؤكدا ِ”العمل على إعداد رؤية العراق للعمل المناخي لغاية العام 2030″، مشيرا إلى ” إطلاق مبادرة كبرى لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق يرافقها إطلاق دليل وطني للتشجير الحضري ولأول مرة في العراق”.
تقليل الانبعاثات
وتابع، “وجهنا بعقد هذا المؤتمر ليمثل بداية انطلاقة واعدةٍ في العمل البيئي والمناخي تتناسبُ وحجم التحديات التي نواجهها”، مشيرا الى أن “الحكومة سعت ضمن برنامجها الحكومي لمنح الأولوية لمواجهة آثار التغيرات المناخية عبر عدد من المشاريع التي تسهم في تقليل الانبعاثات”، منوها إلى أن ” المشاريع تتضمن إنشاء محطات الطاقة المتجددة، وتأهيل مواقع الطمر الصحي المغلقة، ومشاريع مكافحةِ التصحر، وتقنيات الرّي المقننة للمياه، ومعالجاتِ المياه الثقيلة، ومؤخرا تم توقيع عقود جولة التراخيص الخامسة لاستثمارِ الغاز المصاحب ووقف حرقهِ لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبٍ كبيرة”.
توقيع عقود
وأكد السوداني في كلمته “المضي بتوقيع عقودٍ لإنشاء محطات توليد الطاقة من المصادرِ المتجددة، لتغطي ثلث حاجتنا من الكهرباء بحلول العام 2030″، مبينا أن “المجلس الوزاري الاقتصادي سيتولى وضع إطارٍ زمني، لتنفيذِ مشاريع ستراتيجيات التنوع البيولوجي ومكافحةِ التلوث، ووثيقة المساهمة الوطنية لخفضِ الانبعاثات”، موجها “بتوسعة المبادرة الوطنية لخفض الانبعاثات لتشمل مختلف القطاعات، وتشكل حُزمة مشاريع تقليل الزخمِ المروري في بغداد أحد الحلول لخفض الانبعاثات”.
البصرة لها الأولوية
واضاف، “أطلقنا مشروع تنمية الغطاء الطبيعي بهدف مكافحة التصحر من خلال تعاقدات مهمة مع شركات عالمية متخصصة وبالذات في مناطق نشوء العواصف الترابية محلياً”، لافتا الى أن “محافظة البصرة لها الأولوية في تنفيذ هذه المشاريع بسبب وضعها البيئي الحرج. فرعاية بيئة البصرة، هي المعيار لجدّية الحكومة في معالجة ملف التأثيرات البيئية”.
مواجهة التغيرات المناخية
واوضح، ان “مجلس الوزراء سيخصص جلسات دورية لمتابعة تنفيذ أجندة العراقِ المناخية، وتنفيذ المشاريع البيئية”، داعيا “الدول الصديقة ومنظمات الأمم المتحدة كافة لدعمنا في مواجهة آثار التغيرات المناخية”، مطالبا “الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية البيئية، لتعزيز بنود التعاون الدولي في الإدارة المشتركة لأحواض الأنهار العابرة للحدود، والحفاظ على حقوق الدول المتشاطئة”. مستطردا بالقول إن ” الانفراد بالتحكم بالمياه في دول المنبع يزيد من هشاشة الدول في مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية”، داعيا “لمؤتمر إقليمي يعقد في بغداد قريباً، لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك، وتبادل الخبرات والبرامج بين دول الإقليم في مواجهة التأثيرات المناخية”.
تحدٍ كبير
ومن جهته قال السفير البريطاني في العراق مارك برايسون لـ( المسرى) إنه ” بالتاكيد التغيرات المناخية تعتبر من التحديات الكبرى التي تواجه العالم ومن ضمنها العراق، لذلك من واجبنا ككل أن نعمل على التقليل من التغيرات المناخية”، موضحا أنه ” المملكة المتحدة في برنامجها تقديم مليون جنيه استرليني بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة للإنماء لتوفير المساعدة الفنية للحكومة العراقية فيما يخص إدارة موردها المائية وكيفية مواجهة الجفاف مستقبلا وتنفيذ إلتزاماتها الدولية المتعلقة بحصصها المائية والمناخ”.
تقديم مساعدات
وأبدى السفير البريطاني أمله بتوسيع هذه البرامج في المستقبل، لكي تقدم المملكة المتحدة من جانبها مساعدات إضافية للعراق في هذا المجال”، مبينا أن ” العالم أجمع يحتاج اليوم إلى دعم في قضية المناخ والتصحر، وبالتالي علينا جميعا أن نعمل معا لكي نقلل من تأثير التغيرات المناخية والتصحر، بالإضافة إلى تبادل المعلومات والخبرات بالإشتراك والدعم من قبل المنظات والفعاليات الدولية”.
سبب التلوث
وبدوره قال عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية علي شداد الفارس لـ( المسرى) إن ” الاحتراق المتواصل للغاز هو أحد أسباب التلوث الحاصل في محافظة البصرة، وكذلك الارتفاع الحاصل في درجات الحرارة وقلة تساقط الأمطار والتصحر والعواصف الرملية كلها مجتمعة ادت إلى حدوث مشاكل بيئية كبيرة في هذه المحافظة”، مشيرا إلى أنهم ” في البرلمان سيكون داعمين لتوجهات الحكومة في هذه النقطة، وخصوصا المتعلقة منها بإصدار التشريعات والقوانين، لأننا في لجنة الثروات الطبيعية والنفط نسعى دائما لكي يكون هناك تعايشا ما بين الزراعة والنفط ، وكذلك نعمل جاهدين لإعادة النظر بقانون الثروة الهايدروكاربونية المتعلق بالتقليل من المحرمات النفطية من أجل استثمار أمثل للأراضي الزراعية”.
البساط الأخضر والأسود
واكد الفارس انه ” يجب الاهتمام اكثر بالبساط الاخضر على حساب البساط الأسود، وفي نفس الوقت يقع على عاتق الحكومة أمر مهم جدا، ألا وهي مسألة التغير المناخي والتصحر وقلة المياه، وخصوصا في محافظة البصرة”، داعيا الحكومة إلى ” التوجه نحو الاتفاق مع الدول المتشاطئة لكي تزيد من إطلاقاتها المائية للعراق، وأيضا تعمل الحكومة على إدخال التقنيات الحديثة، من أجل أن تستثمر الكميات القليلة الواصلة من المياه بالشكل الأمثل”.
مؤتمر دولي
تستضيف محافظة البصرة برعاية رئيس الوزراء على مدى يومين 12-13 آذار، مؤتمر العراق للمناخ، بمشاركة أممية ودولية وحكومية ونقابية واسعة، لمناقشة الأسباب والمؤثرات والتأثيرات للتغير المناخي على العراق، وسبل معالجة الظواهر الناتجة عن ذلك التغير وفي مقدمتها اتساع التصحر وشح المياه وتضرر البيئة.