خاص .. المسرى
رغم كوننا في فصل الشتاء، موسم الأمطار والبرد ووفرة المياه، إلا أن التغير المناخي بات مشكلة تخنق شعب العراق وثروته الزراعية وتهلك بيئته، مخلفة ورائها الجفاف والعطش وسوء الأحوال الجوية، ها هي ناحية آل بدير إحدى نواحي محافظة الديوانية في الفرات الأوسط يعيش ساكنوها واقعا مأساويا لا يحسدون عليه، الجفاف وقلة المياه والخدمات رحّلت أبنائها وجعلتهم يغادرون مسقط رأسهم ويتركون أراضيهم، اختفت الزراعة وهلكت الماشية وفقد مواطنوها آخر رزق لهم، وبات الذي لا يزال يعيش في الناحية ينتظر الموت البطيء.
قناة المسرى تجولت في الناحية واستطلعت آراء أهاليها أو من تبقى منهم في الناحية، تحدثوا عن الواقع المرير الذي يعيشون فيه متحسرين على أقربائهم وخلانهم الذين عاشوا معهم منذ سنين واليوم لا يجدونهم ، ولم يتبقى منهم سوى شواهد الأطلال والبيوت الخالية، عازين السبب إلى العطش والجفاف وسوء الإدارة.
هجرة من الريف إلى المدينة
أبو علي أحد سكنة ناحية آل بدير تحدث للمسرى قائلا إن ” غالبية أهالي القرى والنواحي في المنطقة هاجرت إلى المدينة بسبب شحة المياه، الناس هنا كان اعتمادهم على الزراعة كمصدر رزق وعيش، اختفت فيها المياه واختفت معها الحياة “، مبينا أن ” هناك سببا آخر غير شحة المياة، ألا وهي الحكومة، التي ليس لديها تنظيم وخطط لإدارة المياه وكذلك بسبب المجاملات والمحسوبية للمسؤولين قطعوا عنّا المياه نهائيا، وأصبح المياه كله يحول إلى شط الدغارة والكوت”، لافتا إلى أنهم ” تعبوا وصدحت حناجرهم من كثرة الشكاوى والمطالبات بإعادة الحق لأصحابه والإلتفات إليهم، كون ناحية آل بدير منطقة زراعية بالكامل، فبدون الماء لا تبقى زراعة ولا تربية ماشية ولا حياة “.
اندثار القيم العشائرية
رحيم كسّارمواطن آخر من سكنة ناحية آل بدير التابعة لمحافظة الديوانية أكد لـ( المسرى) أن ” الهجرة من الريف أثرت على التنظيم العشائري للمدينة وأثرت على الناحية السلوكية والثقافية والاقتصادية وحتى على أسلوب المعيشة ودراسة الطلاب والتلاميذ بشكل سلبي، بمعنى أن إبن الريف الذي عاش وتعود على البادية والمضيف والدلة والكرم، تراه اليوم يعيش في المدينة، حيث تفكيره وثقافته وأسلوب عيشه يختلف تماما عمّا فطن عليه، وليس ببعيد أن تكون حالة إبن الريف في المدينة مزرية مرة أخرى بسبب هذا التغيير المفاجيء في نمط الحياة”.
افتقار أبسط مقومات الحياة
وكذلك أوضح حسن المحنا من أهالي ناحية آل بدير لـ( المسرى) أن ” حياتهم في الناحية صعبة جدا، لافتقارنا إلى الكهرباء والماء، أراضينا أصبحت صحراء، من شدة الجفاف وشح المياه حتى حفر الآبار لا تنجح، تفتقر الناحية لأبسط مقومات الحياة والخدمات، نحمد الخالق ونشكره على كل شيء”.
مدينة زراعية ستختفي
وتعتبر الديوانية من المحافظات الزراعية نظرا لوفرة الأراضي الخصبة فيها ولكن قلة المياه وضعف التخطيط واستثمار ما تصل إليها وإلى النواحي التابعة لها من مياه الأمطار والسيول أوصلت حال المدينة إلى هذا المستوى، هذا بالإضافة إلى أن الهجرة من الريف تسببت بتغيير خارطة التنظيم للقرى والنواحي ومن كان يعيش فيه، وإحدثت تباعدا عشائريا وأدخلت من تعود الحياة في البادية إلى أن يواجه تحديات معيشية جديدة من الصعب التعود عليها .