المسرى .. متابعات .. هناء رياض
في الوقت الذي قرر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني اصدار عدة توجيهات لإنهاء التلكؤ في مشاريع مداخل العاصمة بغداد , والتي وصل الفساد فيها حد النخاع , فقد وصف حالها بأنه لايطاق ولايمكن المجاملة فيه , ومحملاً الجهات مسؤولية هذا التلكؤ، بتبريرات غير مقبولة.
فيما اصدر في ذات الاجتماع عدة توجيهات لحسم إنجاز مشاريع بوابات العاصمة، كان من اهمها ، اتخاذ كل الإجراءات اللازمة إزاء الشركات المتلكئة، وزيادة أوقات العمل ليكون على ثلاث وجبات بواقع 24 ساعة، مؤكداً على حسم أمر الغيار لمشروع مدخل بغداد – الموصل خلال 10 أيام , ومحملاً وزارات الدفاع والداخلية والعدل، مسؤولية رفع جميع التعارضات التي تعرقل هذه المشاريع خلال مدة أسبوعين.
وعود في مهب الريح ..
في عام 2022 اكد المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد إن العمل مستمر بتأهيل وتطوير مداخل بغداد الخمسة، وآخر 3 منها تمت إحالتها على محافظة بغداد بداية العام , مؤكداً ان الشركات باشرت بالعمل وهناك زيارات ميدانية من قبل الأمانة العامة لمتابعتها، وفيما اشار الى ان هناك بعض التعارضات البسيطة التي أوقفت مشروع تأهيل مدخل بغداد – ديالى، فأنه سيتم اتخاذ اللازم فورا، لإزالة التعرضات ، لكن الملاحظ بالفعل هو انه بعد مرور عام كامل لم يتم ازالة اي تعارض ومازالت ذات المشكال عالقة ..
اما وزير التخطيط خالد بتال النجم، والذي امر بإزالة التعارضات المعرقلة لمشروع مداخل بغداد، فقد اكد على متابعة عمل الشركات المنفذة، التي ينبغي أن تكون متوافرة على امكانات جيدة تتناسب وحجم واهمية المشروع، مشيرا الى سعي الوزارة بتوفير الظروف المناسبة لانجاز مشروع تأهيل المداخل وفق التصاميم التي أُعدّت لهذا الغرض، ومحاسبة الجهات المنفذة، في حال تلكؤها او اخلالها بتوقيتات واليات ومستوى الانجاز. وأضاف، “خلال عامين ستكون المداخل جاهزة وجميع المشاريع التي تشرف عليها الأمانة العامة لم تشهد أي تلكؤ ومستمرة بوتيرة عالية وهناك بعض المشاريع فاقت ما خطط له، والغريب ان تلك التصاريح مالزالت حبراً على ورق ولا تقدم مؤشر على انجاز احد تلك المشاريع بنسبة كافية ..
كيف هو الواقع بعيداً عن تصريحات المسؤول
عندما تريد ان تزور مدينة للتجول فيها ومعرفة حالها واحوالها ، او لمجرد التبضع منها ، او لغرض السياحة والتعرف على جوانبها التراثية وعادات اهلها , لابد لك ان تدخل اسواقها وتتبضع منها ، ثم تعرج على مطاعمها وتختلط بأهلها وتتذوق بذائقتهم وتسمع موسيقاهم وتغوص في بعض تفاصيل حياتهم اليومية ..
فماذا سيجد السائح الذي ينوي زيارة بغداد الرشيد ، بغداد سندباد والبساط السحري ، بغداد التي رسم في مخيلته شكلها بقبب خضراء ومذهبة وشوارع مبلطة بالطابوق العباسي واسواق تفوح منها روائح التأريخ والبخورات الهندية ؟!
للأسف فأن السائح بمجرد دخوله بغداد وعبر احدى بوابتها فأن اول ماسيلفت نظره هو الخراب واللون الرمادي والاتربة وعدم التبليط وشبه صحراء مترامية الططرفين على جوانب الطرق ، عدا السيطرات التي تنتشر بشكل غير نظامي مع بعثرة الاسلاك الشائكة فيها ، وزحمة السيارات مايعرقل الدخول بانسيابية عبر اي بواية.
لماذا المداخل ؟!
مداخل المدن تقول عن تلك المدن الشيء الكثير ، فهي تعكس اهتمام الجهات الحكومية بخدمات المدينة والعمل على راحة اهلها ، وتؤكد واقع حال المسؤول ، وهل هو بالفعل مسؤول عن تجميل مدينته ، ام انه مجرد مسعول يفكر بملئ جيوبه عبر عقود وصفقات وكومنشينات دون ادنى احساس من ضمير ؟!
دول العالم المتحضر تتسابق بجعل مداخل عواصمها تليق بأسم المدينة وحضاراتها وتعكس وجهاً من اوجه تأريخها ، ولكي تترجم للزائر الوجه المشرق لها ولأهلها وقد درجت كل عواصم الدنيا على وضع مخصصات مالية تزيد او تقل بحسب مدخولات الدولة عامة ، لتطوير وتجميل مداخل مدنها وخصوصاً العواصم ، الا ان بغداد العاصمة الاقدم والاعرق ضمن عواصم العالم ، تعاني الخراب الكبير بالرغم من رصد مليارات الدنانير طوال السنوات الماضية ، حيث اكد محافظ بغداد الاسبق علي التميمي ، بان حجم الفساد المالي والإداري في بوابات بغداد وصل الى 33مليار دينار خلال العام 2017، مشيراً الى ان بعض البوابات قد اكتمل البناء فيها لكن اكتشف أمراء الفساد في اللحظات الاخيرة من اكتمال البناء فيها بان موقعها الذي شيدت عليه كان خارج حدود المحافظة ، علما ان تكلفة البوابة الواحدة ثمانية مليارات دينار
صورة تجسد المأساة ..
وحيث انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لأحد مداخل العاصمة العراقية بغداد، وأثارت حالة من الغضب بين العراقيين لأنها بينت حجم الفوضى والخراب والاهمال الكبير الذي تعانيه مداخل العاصمة ، وطالب نشطاء وصحفيين الحكومة العراقية بتقديم تفسيرات لأوضاع الطرقات، وخصوصاً عند مدخل العاصمة، لكن رغم الانتشار الكبير للصورة، امتنع أي طرف رسمي عن التعليق، وشدد البعض بأن هذه الصورة نبهت العراقيين على مدة الخراب والبؤس التي يعيشها البلد وكمية اللامبالاة التي يجسدها المسؤول ، متسائلين اين تذهب اموال العراق ، وماهو دور الحكومة , وماهو دور امانة العاصمة محملين الجهات الرقابية من برلمان وهيئة نزاهة وغيرها جزءاً كبيراً من مسؤولية هذا الفساد وعدم محاسبة المفسدين”.