ولدت حكومة السيد السوداني ولادة عسيرة من رحم الأطراف والأحزاب والقوى السياسية الكوردستانية والعراقية بعد مخاض سياسي طويل غداة الأنتخابات الأخيرة، فتشكلت هذه الحكومة ووعدت الشعب العراقي والأطراف السياسية المتناقضة والمختلفة فيما بينها على المضي قدما في منهاج حكومي من اولويات مهامه اجراء الأنتخابات، وذلك للخروج من هذا المازق السياسية الذي يشهده المسرح السياسي في هذا الوطن الجريح، والذي بدأ الفساد الحكومي والأداري في مختلف نواحي وجوانب الحياة يثقل جميع مفاصل الدولة منذ عام (2003).
بالرغم من إقرار الدستور العراقي كأول تجربة ديمقراطية وأول عملية سياسية حرة، الذي أقر فيها الشعب العراقي وخاصة شعبنا الكوردي في أقليم كوردستان والمناطق المتنازع عليها خارج أقليم كوردستان سنة (2005) كأول دستور عراقي منتخب خلال حقبة ما بعد إنشاء المملكة العراقية سنة (1921) ولحد تأريخ إقرار هذا الدستور، ورغم أن هذا الدستور قد تناول و تطرق من ديباجته وحتى الأحكام الختامية كافة الحقوق والواجبات الأساسية والعامة والخاصة لجميع شرائح ومكونات المجتمع العراقي، وكذلك بيـّن ورسم شكل الدولة والسلطة وسياسة الدولة تجاه الداخل والخارج، ووزع وحدد مهام السلطات الرئيسية الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) كأساس للنظام السياسي في العراق الأتحادي الفدرالي الديمقراطي الموحد، الى أن أداء تلك السلطات و السياسة العامة على الصعيد الداخلي والخارجي لم يكن بالمستوى المطلوب، و لم يكن وفقا لتطلعات الشعب الكوردستاني والعراقي منذ أقرار هذا الدستور، و خاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية لم تستطيع حسم وحل المسائل المتعلقة والعالقة بين حكومة أقليم كوردستان والحكومة العراقية ، وخاصة فيما يتعلق بمادة (140) من الدستور والتأخير المتعمد لاجراء الأنتخابات في تلك المناطق وخاصة محافظة كركوك منذ سنة(2004)، وذلك بالرغم من المحاولات المتكررة والسياسات العقلانية والمشاريع الوطنية الموحدة التي كان يعرضها فخامة الرئيس (مام جلال الطالباني) على المائدة السياسية أمام الجميع ، وكل هذا التعمد والتعنت السياسي والتخدير والترقيع و التدوير ماكان يصب الى في مصلحة بعض الأطراف والأحزاب السياسية التي حاولت ومازالت تحاول الحصول على مكاسب حزبية دون النظر الى المصلحة الكوردستانية والمصلحة الوطنية ، وذلك للأهداف الحزبية الضيقة التي تمس حياة المواطن الكوردستاني والعراقي سلبا.
القادم وبعد اتفاق الأحزاب والأطراف السياسية وقرارات حكومة السوداني على أجراء الأنتخابات العامة القادمة بعد تأثيرات والضغوطات الدولية على حكومة السوداني ، رغم أن السيد السوداني وخلال الفترة الماضية الوجيزة للحكومة ، فقد خطى خطوات واضحة نحو الأصلاح السياسي والحكومي وأعادة ترتيب الأوراق بما ينسجم مع الدستور وينصب في مصلحة الشعب والوطن أستجابة للدعوات والمطالب الجماهيرية في الداخل والدعوات الأقليمية والدولية باجراء تلك الأنتخابات ، الا أنه بالتأكيد أن جميع محاولاته سوف يصطدم بالمصالح الحزبية والسياسية للجهاد المتنفذة على المشهد السياسي منذ أكثر من (20)عاما ، وهذا مما سيجعل من المشهد القادم مليئا بالمتغيرات والمتقلبات والمنافسات والمعادلات السياسية الصعبة التي قد ستبقي الوضع كما هي عليه الآن أو أنها ستسير نحو الأسوء لا سامح الله ، خاصة في خضم المعادلات السياسية الأقليمية والدولية في المنطقة والعالم ، والصراعات الأقليمية والدولية وتأثراتها على الأستقرار الأجتماعي والأقتصادي والسياسي في العراق، مالم تتفق هذه القوى العاملة والفاعلة بروح ورؤى دستورية و وطنية، كما أنتهجها ورسمها فخامة الرئيس مام جلال ودعوات ومناشدات الأستاذ بافل الطالباني رئيس الأتحاد الوطني الكوردستاني و رؤى وسياسات الأتحاد حول الخيمة الدستورية الوطنية، والعمل بارادة و روح وطنية نقية خالصة و واضحة و التخلي عن النفس الحزبي الضيق للبعض، الذي لايخدم المصلحة الكوردستانية و الوطنية على حد سواء.
المحامية والكاتبة
هيفار محمد عمر