كان يوم الاربعاء ، السادس من نيسان عام ٢٠٠٥ ،و العراق و العالم كان ينتظر خبر تبوأ اول شخصية سياسية عراقية منصب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع من قبل ممثلي الشعب و بشكل ديمقراطي تحت قبة اول برلمان منتخب في العراق . و حصلت الشخصية السياسية العراقية الكوردية الرئيس مام جلال على (227 ) صوتا من مجموع (257) صوت. مام جلال لم يكن غريباً على العراقيين و المشهد السياسي العراقي حيث قارع الدكتاتورية في العراق طيلة النضال السياسي و المسلح للحركة الكوردية الديمقراطية في العراق من اجل الديمقراطية و حق تقرير مصير الشعب الكوردي في إطار عراق ديمقراطي اتحادي حر مستقل و مستقر تعيش في ظله كافة المكونات العراقية بسلام و طمأنينة .
و رافق هذا الانجاز الديمقراطي و التأريخي احتفالات عارمة في انحاء العراق و سارع رؤساء و قادة الدول العظمىٰ و العربية و الاقليمية و الاوروبية بارسال برقيات التهنئة و التبريكات بهذه المناسبة و علقوا آمالهم بولادة عهد جديد في العراق في ظل قيادة الرئيس مام جلال العظيم .
و كان شهر نيسان صدفةً عظيمة لان مام جلال كما ورد في كتاب (لقاء العمر ) ، بدأ اول نشاط سياسي له خارج كوردستان وبالتحديد في بغداد خلال مشاركته في المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام للطلبة في العراق وعرف بمؤتمر السباع حيث شارك فيه ممثلون من جميع أنحاء العراق، من الديمقراطيين واليساريين والشيوعيين، ماعدا القوى القومية. و في نيسان ايضاً أُنتُخِبَ رئيسا للجمهورية .
نعم كان ابناء الشعب العراقي على صواب في التعبير عن سعادتهم الغامرة ، بإنتخاب الرئيس مام جلال لان سيادته كما تعهد في خطابه بعد إنتخابه ناضل و سهر من اجل تحقيق وتعزيز الوحدة الوطنية العراقية القائمة على الاختيار والارادة الحرة في العيش المشترك معا وتحقيق المساواة التامة في الحقوق والواجبات للجميع دون تمييز في الدين او المذهب او القومية او الجنس.
نعم مام جلال خلال فترتين من ولايته وقف على مسافة واحدة من جميع العراقيين و الاطراف السياسية في العراق .
وبذل كل الجهود من اجل خلق فرص التكافؤ و المساواة و ايصال العراق الى بر الأمان من خلال تعميق العلاقات بين ابناء الشعب و بناء جسر الوئام والأخوة بين المكونات العراقية حيث كان يرى ان النسيج العراقي المتشكل من مختلف المكونات ثروة كبيرة و عامل لتقوية الوحدة الوطنية العراقية ،لذلك كان دوماً يطالب القوى السياسية ان تناضل لتقوية اواصر الاخوة بين المكونات العراقية و الوقوف على مسافة واحدة منها من اجل الارتقاء بالمجتمع العراقي كسائر المجتمعات المتحضرة .
مام جلال لم يكن يعرف المستحيل لحل الخلافات السياسية بين الاطراف السياسية .منزله و قصر السلام كان محط انظار الجميع لحل المشاكل و إزالة المعوقات لان الرئيس طالباني كان هدفه و همه الوحيد خدمة العراق و ابناء شعبه لا لشيء آخر ،حيث يعتبر ان المناضل السياسي يجب ان يضع مصلحة الشعب و الوطن فوق كل الاعتبارات الحزبية و حتى الشخصية لذلك دائماً يرد مقولته المشهورة بانه عندما أُنتُخِبَ رئيساً للجمهورية „لبس العباءة العراقية لتصبح خيمةً للعراقيين بعربه و كورده و تركمانه و سائر القوميات و الاديان و المذاهب الاخرى”. حقاً ان الرئيس مام جلال كان عراقياً خالصاً لانه و خلال اكثر من ٦٠ سنة من مسيرته النضالية لم يغفل عن المطالبة بالديمقراطية للعراق و لم ينسى ابداً اسم بغداد العاصمة لتكون مركز انطلاق الاحتفالات بمناسبة إنتصار الثورة التحررية الديمقراطية العراقية و الكوردستانية ،و اوفى بعهده ، عندما سقط نظام القبور الجماعية الصدامية سارع للوصول الى بغداد العاصمة و شارك اخوانه في إحتفالات سقوط الدكتاتورية و المشاورات لإدارة شوؤن البلد .و إنطلاقاً من حرصه الشديد لسيادة العراق و وحدته
وضع الرئيس طالباني خارطة الطريق بعيدة المدى لإيجاد علاقات متكافئة مع جيران العراق في المحيطين العربي والإسلامي ، رافعاً شعار (نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا).كان الرئيس الاسبق يفتخر بعراقيته كإبن بار كوردي يشارك في بناء العراق الجديد من خلال دستور ديمقراطي و عراق إتحادي و موحد يحقق طموحاته، لذلك نال شرف لقب (صمام الامان ) الذي اطلقه عليه اية الله العظمى السيد علي السيستاني لحرصه على وحدة العراق و سيادته و وحدة الصف العراقي.
مع الاسف الشديد بغياب و رحيل الرئيس مام جلال لا نرى الآن الوفاق و الوئام السياسي و لا نرى من يحذو حذو الطالباني الاب الروحي للعراقيين ،مثلما قال سيادته في وقته “السير قدماً على طريق
التقدم والازدهار في مجالات الحياة المختلفة والمتنوعة كي ينعم الشعب بالعيش الكريم الآمن اللائق بإنسان هذا العصر، و تقديم مثال الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية في هذا العراق ” الذي بناه هو ،بمشاركة مناضلي و مناضلات من رفاق دربه في مقارعة الدكتاتورية و المخلصين الوطنيين آخرين و بدعم اصدقاء العراق .