الكاتب .. لطيف دلو
كانت المواطنة إلى عهد غير بعيد تعني بان الفرد الذي يولد على ارض ويعيش عليها في طفولته تصبح وطنه ويكون جزءا منه ولا يتجزا عنه وله في الوطن حقوق الكرامة والعزة والامن والاستقرار وعليه واجبات ان يؤديها له في الحفاظ عليه بأغلى مالديه وان كلفه حياته ولا يتميز فيه احد على الاخر إلا بالاخلاص والتفاني له وليس بالاكثرية والاقلية ، فاثناء الحرب العالمية الاولى ( 1914- 1918) هاجمت بريطانيا ارض العراق الحالي من البصرة قبل ان يصبح دولة ، هب جميع ساكنيها من يستطيع حمل السلاح طوعا من العرب السنة والشيعة والكرد لصد القوات الغازية واستشهد العشرات منهم في معركة الشعيبة ومنهم رئيس احدى العشائر الكردية في كركوك استشهد ودفن هناك مع الشهداء الاخرين لعدم وجود وسائل نقل لاعادة جثمانهم الى ذويهم .أمّا مفهوم المواطنة في هذا العصر قد اخلتف وتعني الحقوق التي تكفلها الدول للفرد الذي ينتمي اليها ويحمل جنسيتها والالتزامات والواجبات التي تفرضها عليه ، لِان الدول المانحة لهذه الحقوق تسودها الديمقراطية والمساوات بين مكوناتها والامتياز فيها الشخص المناصب في المكان المناسب لادارة البلاد وتطويرها ولذلك يشعر الفرد عند لجؤه اليها بالود والعز والاطمئنان على حقوقه قبل الواجبات بعيدا عن المشاكل السياسية والــــــقومية والدينية التي عاناها من الحكام في دولهم المتأخرة .
اسمع كثيرا من اناس يضعون اللوم او يتهمون العولمة التي تعني التكامل الاقتصادي العالمي والمعلومات والتكنلوجيات والخدمات التي تخدم الانسان عبر الحدود في تغيير مفهوم المواطنة ولكن ليس هناك أي صلاة بينهما بل تعود الاسباب الى الحكومات أينما كانت في إدارة الدولة بالنار والحديد والاستحواذ على ثروات الدولة للثراء الفاحش لِانفسهم وحاشيتهم في مدة اقل من القيام في مقامهم وترك المواطنين في المجاعة المصطنعة لان ثروات البلاد مهما قلت تكفي لمعيشة مكوناتها اذا تساوى السائل والمسؤل في عيشة واحدة ،أوإختلاق فوضى العنصرية في القومية والدينية وحتى في الالوان والالسنة ويتشرد منها المواطنين الى جهات مجهولة المستقبل والمصير تاركين ارض اباءهم واجدادهم لتحتضنهم ارض تؤمن لهم الكرامة والعيش السليم وكسب صفة المواطنة وفق المنظار الحديث .
كثير من المسؤلين في الحكومة الحالية مروا بتلك الحالة وقد يجوز باصعب منها ولربما قد اقترب حبل المشنقة من رقابهم على الاستدعاء بتحرير الشعب من الظلم والاستبداد وتامين الكرامه والعيش الرغيد لهم من خيرات البلاد التي لاحصر لها واحتكرتها الحكومات البائدة ، وتمتعوا بحقوق المواطنة على ارض الغربة ، فماذا قدموا عند عودتهم واستلامهم السلطة للشعب من حقوق المواطنة على ارض وطنهم الاصيل ، بل سببوا إضعاف الدولة إقتصاديا وجعلوا في البلاد فصيلتين واحدة متخمة بثروات البلاد غير المشروعة والعمارات والمولات والمركبات الفاخرة لهم تشهد عليها وفصيلة في ارذل الحياة يعيشون على ما تورد اليهم المزابل من المال واولادهم على مرآى العين يأكلون الفواكهة المعفنة منها والبطالة العارمة ورنين الدولار ينذر المجتمع بالمصير المجهول للمواطنة على ارض الام .لا غرابة ان نسأل في السياسة كل شيء جائز ولكن في الدين لا مجالة للانحراف والاستغلال والمسؤل خادم المجتمع وفي العراق الدستور سن على الشريعة الاسلامية وكلمة الله اكبر يرفرف على جميع دوائر الدولة وعلى سيارات كثير المسؤلين والرئاسات الثلاث تؤدي اليمين الدستوية في كل دورة انتخابية قبل جلوسهم على كراسي السلطة .هل يوما فكرتم بهؤلا الفقراء والعاطلين عن العمل لايجاد فرص العمل لهم ومناقشة مدخولاتكم مع نظراءكم من المؤهلات والخدمة في دوائر الدولة والرواتب التقاعدية لكم والحاشية مع المتقاعدين المدنيين والعسكريين الذين خدموا العراق ارضا وشعبا في عمل مثابر ونظام دقيق برقابة الضمير ومحاسبة السلطة ولم يستغل الواجب لاي كسب الا العيش المتواضع والذين تصل خدماتهم من 30 سنة الى 40 او تزيد ورواتبهم من 500 الف الى اقل من مليؤن دينار شهريا واكثرهم من 60 الى 80 سنة عمرا ماذا تعني ؟
فكل ماجرى من تغير مفهوم المواطنة في بلادنا ومن القتل والجوع والفقر المصطنع والثراء الفاحش من المال العام والتهجير واللجؤ تقع على عاتق الذين ادوا اليمين الدستورية في ادارة الدولة كما قال الخليفة عمر بن الخطاب ( رض ) لو ضاعت شاة من اقصى العراق لكنت مسؤلا عنها .
نقلا عن صحيفة الزمان