مثل عام 2003 تحولا كبيرا للعراقيين الى زمنين الاول سقط بفعل قوة عسكرية امريكية قادت تحالفا دوليا كبيرا ودخلت العراق وقلب العاصمة بغداد ، والثاني العبور الى مرحلة الفوضى ثم تشكيل نواة عسكرية وامنية والتاسيس الى انتخابات تفرز رئاسات ثلاث ونواب وسلطة قضائية يحتكم اليها المتخاصمون وتبت بالقضايا الدستورية والقانونية ، كل ذلك جرى في ظل صعوبات جمة وخطيرة مر بها المواطنون كانت ومازالت قاسية عليهم برغم الجهود المخلصة لقوى سياسية وعشائرية ومواطنين وامنية لعبور ما يمكن ان يضع العراق على جادة التطور والاستقرار وهو ما تعمل عليه حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني والقوى الساندة له في الحكومة والبرلمان وشرائح ترى في حراك السوداني وفريقه (الشهقة الاخيرة ) من تجربة خاضها العراقيون بشق الانفس زمن النظام البائد بكفاحها وجهادها وشهداء القوى الوطنية التي عبرت عن رفضها لسياسات النظام البائد وطيشه وضياع مستقبل العراق في حروب لا طائل منها وخسائر بمليارات الدولارات .
عده .. محمد البغدادي

كان العام 2003 نقطة تحول كبيرة وفرصة فريدة لبناء منظومة سياسية تتدارك مآسي الماضي، وتنطلق لبناء مستقبل يحقق التعايش والأمن والاستقرار لمواطنيه، ويعيش فيه الوطن بأمن مع جيرانه. وكانت آمـال كبيرة معقودة على هذا التغيير والتحول نحو نظام ديمقراطي مدني. وقد انفتح العراق، بعد عقود من الاستبداد على تحولات إيجابية سياسية مهمة. فقد جاء إقـرار الدستور في استفتاء شعبي تطوراً لافتاً بعد عقود من دساتير مؤقتة وأحكام عرفية. وخـلال هذه الفترة تم تــداول السلطة سلمياً، وتشكلت ست حكومات في سابقة على صعيد المنطقة ، ويجب الإشارة، هنا، إلى دور المرجعية الدينية في النجف خلال العقدين الماضيين، حيث كـان دوراً مهماً وحاسماً في ضمان السلم الأهلي وحماية الدولة في مواقف وكوارث كاد الوطن أن ينزلق فيها إلى متاهات خطيرة، مع دعواتها الثابتة والصريحة إلى ضرورة الإصلاح وتجاوز الإخفاقات.

لن ينسى الشعب العراقي اللحظات الأولى من هذا اليوم 9 نيسان، فقبل 20 عاماً وتحديداً في سنة 2003، استفاق العالم على المحطة الفارقة في العراق والمنطقة، المتمثلة بسقوط أبشع نظام دكتاتوري عرفه التاريخ، وبرغم التحديات الكبرى التي واجهت العراقيين منذ أفول النظام الساقط، وتنصل الولايات المتحدة التي أسقطته من تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية في المساعدة ببناء البلد، وبرغم موجات الإرهاب والفساد ومحاولات تدمير الدولة، إلا أن خبراء سياسيين رأوا أن آفاق المستقبل ستكون بصالح العراق وشعبه وفق عدة شروط.

وقال المحلل في الشأن السياسي، واثق الجابري، في حديث صحفي تابعه المسرى ، إنه “لم يكن مفاجئاً للمراقبين المدة القصيرة لعملية غزو العراق من قبل القوات الأميركية التي استغرقت 20 يوماً فقط، فقد أنهك الحصار الجائر طيلة 13 عاما البلد، وما سبقه من حرب مدمرة شاركت فيها أكثر من 33 دولة وما خلفته من تحطيم للاقتصاد والبنى التحتية والإنسان العراقي قبل ذلك”، مبيناً أن “كل ذلك وما أعقبه من حرب 2003 أسهم بنكبة وكارثة اقتصادية وعسكرية وأمنية واجتماعية للعراق، جعلته هدفاً للإرهاب وغيره.
وأكد أن “الولايات المتحدة الأميركية تتحمل حالة الإرباك الداخلي في العراق باعتبارها هي التي وضعت هندسة النظام السياسي بتفاصيله كافة، إلا أن النظام السياسي العراقي – برغم كل العوائق والمطبات – يوصف بالمريض الذي يتجه نحو التعافي، ويؤسس لديمقراطية تتنامى برغم تعدديته المكوناتية والتعددية الحزبية المفرطة”.
بين أنه “بعد 20 عاماً من الغزو الأميركي ومع المتغيرات الإقليمية، بدأت المنطقة تأخذ بالنصائح العراقية التي لا ترى لأحد من مصلحة في الحروب والخلافات، فكان العراق منطلقاً لخفض التوترات الإقليمية وجسرا للتواصل في حل الخلافات، وبذلك يبدو أن النظام السياسي في العراق أكثر استقراراً من غيره إقليمياً وهو الدولة الأكثر نمواً ستراتيجياً على المستوى السياسي والاقتصادي”.

وعبر المحلل السياسي محمد حسن الساعدي عن انه منذ تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني في تشرين الأول من العام الماضي، وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر، وتبنت هذه الحكومة أولويات وضعتها في مقدمة برامجها، وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي تقوم بها الحكومة، إلا أن هناك بعض الأولويات التي من شانها أن تضع النقاط على الحروف في مسيرتها نحو الاستقرار السياسي. وقال ، إن من أبرز التحديات التي تواجه الدولة العراقية هو التحدي الاقتصادي، والذي يكمن في طريقة معالجة البنى الاقتصادية للدولة من جانب، وتحمل المسؤولية التنفيذية في معالجة هذا الإخفاق من جانب آخر، فعلى الجميع تحمل المسؤولية في مواجهة التحديث الاقتصادي الخطير، الذي يتماشى مع الزيادة السكانية الكبيرة، إضافة إلى شح الموارد الطبيعية، والتي من أبرزها الجفاف والتصحر والتغير المناخي والأزمات الاقتصادية المتوالية التي يعانيها العالم اليوم. مضيفا ان المسؤولية لا تقع فقط على الجهاز التنفيذي، بل هي مسؤولية مشتركة بين جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والتي ينبغي على الجميع التكاتف وإعطاء الأولوية القصوى في مواجهة هذا التحدي، الذي يمس مستقبل أجيالنا وقوت الشعب العراقي، كما أن أمام هذه التحديات ينبغي أن تكون هناك رؤية اقتصادية واضحة، وخطوات إصلاحية جريئة، إذ لا يمكن أن تكون هناك خطوات إصلاحية، ما لم يكن هناك دعم وتعاون مجتمعي يعي أهمية التحدي الاقتصادي وخطورته المستقبلية على البلاد.


