اعداد ..محمد البغدادي
في سنة 2018 اعلنت اللجنة العليا من شخصيات السليمانية وممثلي الديانة الزردشتية لـ (شوي يلدا) (اطول ليلة في السنة) في السليمانية، وتم تغيير اسم ( يول, يلدا) الى ( جلة) عن مراسيم ميلاد خودا الشمس ميترا (في مراسيم وفعاليات خاصة في ليلة (جلة ) ليلة الانقلاب الشتوي، ويوم ولادة الشمس في الديانة الارية (الزرادشتية).
بيلندة (بيلندا) (هلدا) هي كلمة كوردية تعني ظهور الشمس بعد تحررها, وايضا إن كلمة (يلدا) او (يلذلة) ارامية سريانية تعني الولادة , وقد إقتبسوها لِولادة السيد المسيح, وهي في الحقيقة والاصل ميلاد مُهرا (الشمس)(شيشم)(ميترا)، وتعني خودا (خودان) الشمس. حسب النصوص الايزيدية
كانت الشمس تعرف بأسماء مختلفة لدى الشعوب والأقوام القديمة, فعند السومريين والبابليين والميترائيين والاكديين والفراعنة وفي روما وفي ميزوبوتاميا والزرادشتية ولدى الكثير من الشعوب تعرف بهذه الاسماء (شمش)(خور)(اوتو )(رع)(مُهرا)( ميثرا ). ومصطلح بيلندا فلكياً تعني وصول كوكب الارض خلال دورانه السنوي حول الشمس إلى أسفل نقطة في الأفق الجنوبي الشرقي، والتي تعرف بنقطة الحضيض، مما يؤدي إلى قصر النهار وزيادة في الليل وظلمتها في بداية فصل الشتاء. وهي إحدى المناسبات والأعياد التاريخية القديمة التي يحتفل بها الايرانيون والكورد والزرادشتيون والميترائيين، منذ القدم يحيونها في احتفالات وطقوس بالضوء والنور يعتبرون الشمس رمزاً للمحبة في احتفالاتهم وطقوسهم الدينية.
في ايران والشعوب التي لها ثقافات مشتركة معها تسمى هذه الليلة بليلة بدء الشتاء أو(شب يلدا) أو (ليلة الاربعنية) وتصادف ليلة الانقلاب الشتوي، ونظراً لمدى دقة الجدول الزمني والتقويم الميترائي وتطابقه الكامل مع التقويم البروج الفلكي الطبيعي.ومن فصل بداية الصيف تأخذ الشمس بالشروق من مكان أدنى قليلاً عن مكانها في اليوم السابق عند أفق البزوغ، وتستمر هذه الحالة حتى تصل الشمس الى نقطة الاعتدال في 23/9 ايلول، والى بداية الشتاء(الانقلاب الشتوي) الى أدنى مستوىً لها.
وانطلاقاً من هذا اليوم وما بعده، تتبع نقاط شروق الشمس حركة عكسية، حيث تتجه مجدداً إلى الأعلى وتعود مرة ثانية الى الانقلاب الصيفي مروراً بالاعتدال الربيعي، وهي في الحقيقة حركة كوكب الارض والانتقال الى الحركة التراجعية له, بعد نهاية انخفاضها الطويل، والخروج الى الحركة العكسية في مدارها حول الشمس لإكمال دورتها السنوية الجديدة.
ان ولادة الشمس كان يراها القدماء الذين كانوا يبنون مباني خاصة لعملية محاسبة وقياس وصول الشمس الى مواضعها السنوية والخروج بتقويم خاص لحركة الشمس في تلك القصور ومن أحد هذه الأبنية مبنى (تشارتاقي) بمدينة نياسر في كاشان وسط ايران.
وتدلّ الأبحاث والدراسات العلمية على أن هذا المبنى تم تصميمه وتشييده بشكل يمكن مشاهدة ومحاسبة وصول الشمس الى مواضعها السنوية وكذلك نقطة الانقلاب الشتوي وبدء سنة جديدة تسمى السنة الميترائية, والأعياد التي تقام في هذه الليلة هي طقوس قديمة كان يحييها أتباع الديانة الميترائية منذ آلاف السنين، إن مراسم ولادة الشمس وشروقها تقام سنوياً في (تشارتاقي) بمدينة نياسر الى الآن، و بمشاركة الفلكيين والخبراء وعشاق علم النجوم .
بيلندة هي عيد ميلاد الشمس هو ميلاد ميترا او خودا(خودان) الشمس, ويقع في يوم (22ــ 25 / 12) من كانون الأول حسب التقويم الشمسي(الشرقي) ويصادف في(6) من كانون الثاني حسب التقويم الميلادي، أي بفارق (13) يوما بين التقويمين الشمسي والميلادي. قد يتأخر او يتقدم بأسبوع او اكثر عن موعدها, بسبب الاختلاف بين التقويمين, وارتباط يوم عيد بيلندا بيوم الجمعة عيد ميلاد متيرا(مهرا)(خودان). وربما البعض يقولون في هذا العيد ولد الشيخ آدي الهكاري أو ظهر كرامته فيها, ولا أظن إنها تعني عيد ميلاده, و لقدسية بيلندا لدى الايزيدية ارخوا ميلاده فيها
هناك ايضا بيلندا بيرا قبل بيلندا الايزيدية العام بأسبوع واحد فقط, وهو عيد خاص تقوم بإحيائه عوائل من طبقة البيارة, وهي تشير خودان (بيرافات) له علاقة بالإمطار والبرد والفيضانات. وتقام في عيد البيلندا مراسيم وطقوس عديدة منها طقوس (كوركا كا) وهي كلمة مركبة تعني النار والثور, باعتبار( النار) هو رمز الشمس و(كا) رمز الارض والخصوبة , في الولادة الجديدة التي ترمز الى مُهرا(ميترا) ملاك (خودان)الشمس. واشعال نيران كوركا كاي (gorka gay) امام البيوت دلالة الى الشمس وحركتها وتغيرها, وبدء صفحة جديدة من الحياة, وكان في السابق يتم تمرير الثيران والحيوانات المستخدمة في الحراثة فوق نار الكوركا كا دلالة على قرب نهاية موسم الزراعة و تقوم النساء برمي الحلوى مع قليل حبوب القمح والشعير, للأطفال والشباب والحاضرين. وبسبب ما تعرض له الايزدية من ابادات جماعية واعتداءات, جاء التغيير والانحراف في تاريخ هذه الاعياد والطقوس الايزيدية, ادى الى الانحراف عن تواريخها والاختلاف في تسمياتها.
تسمى بيلندة في الزرادشتية (شوي يلدا) (شوي چله)، ذكر في المصادر التاريخية أن هذا الإسم يرجع الى أكثر من ثمانية آلاف عام، وأنّ ليلة (چله) هي ليلة ميلاد (ميترا) يطلَق على يوم (ولادة الشمس( والزرادشتية ديانة من ذوي الأصول الآرية تحتفل بليلة جلة(يلدا) بالغناء التراثي والأشعار الدينية، وتلك الليلة لها عبارة تهنئة خاصة حيث يقال يلدا مبارك.
بالأصل كان يوم ميلاد مُهرا (الشمس) وبداية الجلة لأنه اليوم الذي يبدأ فيه الجلة (الاربعينية)، لكن بوجود الآشوريين في نفس الوطن هم سموه (يلذلة ) أي الميلاد, ومنع أي تسمية زرادشتية إيرانية بعد الغزو الإٍسلامي, فأصبح ميلاداً للسيد المسيح.