الكاتب .. عباس الغالبي
اعلنت حكومة السوداني منذ انطلاقتها الأولى انها حكومة خدمات بامتياز ، ولانعلم كيف بدأت حملات خدمية في بعض مناطق بغداد العاصمة وفي محافظات أخرى من دون موازنة مالية وهي متوقفة قبل مجيء الحكومة الحالية ومنذ سنتين من الان ، وعلى أية حال فالحماسة التي دشنت فيها الحكومة اعمالها هي خطوات أولية بالاتجاه الصحيح وإن كانت لاتلبي الطموح بسبب تردي الخدمات البلدية وحتى الصحية والتعليمية ليس في بغداد فحسب بل في المحافظات العراقية كافة ، وحيث أن مشروع الموازنة الذي دفعت به الحكومة الى مجلس النواب ينطوي على عنوان أبرز فهي موازنة الثلاثة اعوام وهذا يحدث لأول مرة في العراق بأن تقر موازنة متوسطة الامد وبسقف زمني يمتد لثلاثة اعوام ، وهذا الامر يدعونا للتساؤل كمراقبين هل أن هذه الموازنة تتضمن شقاً استثمارياً كبيرا يوازي الحاجات الملحة للقطاعات الاقتصادية والاعمارية والخدمية أم أنها كسابقاتها من الموازنات السنوية يتفوق فيها الشق التشغيلي على الشق الاستثماري خاصة إذا ماعرفنا ان فرص التعيين الحكومي وتثبيت العقود قد ارتفعت في الاونة الاخيرة بعضها تضمنها قانون الامن الغذائي الاخير وبعضها الاخر مازال بحاجة الى تخصيص درجات وظيفية واستحداثها في الموازنة وهذه المعادلة التي درجنا عليها من التوظيف الحكومي ومنذ عام 2003 ولحد الان قد أرهقت الموازنات المتعاقبة ورفعت السقف المالي للشق التشغيلي فيها على حساب الشق الاستثماري وبالنتيجة اصبحت النفقات التشغيلية عالية جداً في ظل اقتصاد ريعي احادي الجانب ليس فيه مصادر اخرى للدخل يعتمد على النفط بما نسبته اكثر من 95 % .
ولذا نرى من الضرورة القصوى أن تتضمن موازنة الثلاثة اعوام القادمة شقاً استثمارياً مهماً لابد ان تشفعه خريطة استثمارية واعدة فيها من المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تتلائم وحاجات القطاعات الاقتصادية الرئيسية ولا أن تكون مشاريع خدمية ترقيعية ذات صبغة دعائية سياسية تلميعية مع أنه الخدمات البلدية غاية في الاهمية لكن المشاريع الاستثمارية تكون اكثر جدوى في ظل موازنة منوسطة المدى فيها فسحة زمنية لتنفيذ مشاريع مهمة لها تأثيرها على الواقع المعيشي والخدمي تنفذ من قبل شركات استثمارية رصينة وبمواصفات عالية الجودة سعيا لتغيير الواقع المعيش على وفق خطط مدروسة من دون اللجوء للاجراءات السريعة الترقيعية التي لايمكن لها ان تصمد امام حجم التردي الحالي على مستوى جميع القطاعات والذي حصل بسبب سوء الادارة وشيوع الفساد المالي والإداري والمناكفات السياسية والمحاصصة في المواقع الرسمية والحكومية المهمة والتي تنعكس بشكل مباشر على الاداء وضعفه والذي أدى بالنتيجة النهائية الى مانحن عليه الان بعد عقدين من التغيير.
نقلا عن صحيفة الدستور