المسرى ..
متابعات .. محمد البغدادي
كشفت وزارة العدل العراقية في 19 ابريل 2023عن تشكيل لجنة لإعداد قانون العفو العام، والذي نص اتفاق تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، على إقراره. فيما كان “تحالف السيادة” قد شكك بجدية رئيس الوزراء ، بتنفيذ الاتفاقات التي تم على أساسها منح الثقة لحكومته، محذرا من التسويف بالتنفيذ، خاصة في مسألة إصدار قانون العفو العام.
وذكرت وزارة العدل وفق /وكالة الأنباء العراقية (واع)/، إن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شكّل لجنة لغرض إعداد مشروع قانون العفو العام”، مبينة أنه “سيكون إنجازا لجميع الكتل السياسية المنضوية داخل ائتلاف إدارة الدولة”.
ولا زال قانون العفو العام طي رفوف مجلس النواب، يواجه مصيراً غامضاً رغم اتفاق أطراف ائتلاف إدارة الدولة على المضي بتشريعه وتضمينه ضمن البرنامج الحكومي لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ، ويتضمن البرنامج الحكومي، الذي تم الاتفاق عليه داخل ائتلاف إدارة الدولة، والذي ضم كلاً من الإطار التنسيقي وتحالفي “السيادة” و”عزم” والأحزاب الكوردية، فقرة تلزم البرلمان بإقرار قانون العفو العام.
من جانبها تدرس اللجنة القانونية في مجلس النواب، بنود قانون العفو العام من أجل تشخيص الملاحظات حوله تمهيداً لعرضه في جلسات المجلس، وفق ما يقول النائب محمود المشهداني.
ويلفت المشهداني، في حديث صحفي ، إلى أن “إدارة الدولة اتفق على إقرار قانون العفو العام، وتم تضمين ذلك في ورقة الاتفاق السياسي والورقة الحكومية”، مردفاً: “كل ما تضمنته هذه الورقة سينفذ”. ويبين، أن “العفو العام سيضمن في جدول أعمال جلسات مجلس النواب بعد إكمال دراسته وعرضه على الكتل السياسية من أجل الحصول على توافق سياسي كامل بشأنه”.
النائب عن كتلة دولة القانون المنضوية في الإطار التنسيقي، عارف الحمامي يوضح، أنه “لا يوجد جرد دقيق للمشمولين بقانون العفو العام”، لافتا الى أنه “لا يحسب بطريقة عدد المشمولين وإنما بوضع ضوابط للمشمولين، لأن هناك جرائم غير مشمولة منها القتل العمد الذي يحتاج إلى تنازل ذوي المجني عليه وسرقة المال العام وجرائم الإرهاب التي ثبتت على الإرهابي 100 %”.
ويضيف الحمامي، في حديث صحفي أن “فقرات القانون كثيرة؛ منها إعادة محاكمة (المخبر السري)، وقد وصل إلى مراحل جيدة لا بأس بها في مجلس النواب، لكنه يحتاج إلى توافق سياسي من قبل الكتل، وبعدها نقرر هل نمضي بالقانون أم لا”.
رؤية قانونية
يقول الخبير القانوني، علي التميمي، إن “القوانين الوضعية المهمة تكفلت بالعفو العام كقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بالمواد 150 و 153 وقانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 بالمواد 300 و 301 و 304 و 305”.
ويرى، التميمي في تصريح أن “تكاليف السجناء من إطعام وعلاج وكهرباء وماء تكلف موازنة الدولة مبالغ طائلة، ناهيك عن شبهات فساد في السجون.. وبإقرار العفو ستزيل تلك الشبهات والشكوك بوجودها”، لكنه يشدد على “ضرورة إدخال المحكومين بدورات اصلاحية ومتابعة سلوكهم بعد إخراجهم حتى لا تتلوث افكارهم بالسجناء الآخرين”.
ويتابع، أنه “يحق للحكومة والبرلمان استثناء اي فئة من العفو من المحكومين لأسباب تقدرها الجهات القضائية”، مؤكداً أن “العفو لا يقضي على ركن الجريمة للمعفى عنه ويعطى بطاقة بعد اقرار العفو تبين انه معفى عنه لضرورة اصلاحه فيما بعد بزجه للعمل في المصانع والمعامل والدورات الاصلاحية والتأهيلية”.
أما الأجانب الذين ارتكبوا جرائم في العراق – وفق التميمي – فلا يمكن إطلاق سراحهم الا بعد اخذ التعويضات الخاصة من بلدانهم وما سببته من ضرر كما فعلت ليبيا في زمن رئيسها الأسبق معمر القذافي.
وشهد العراق بعد عام 2003 قانونين للعفو العام، الأول تم سنة 2008 والثاني في نهاية آب من عام 2016، بعد خلافات سياسية طويلة، وكان التعديل الأول للقانون قد تمّ مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، بعد طلب تقدمت به قوى سياسية تنضوي حالياً ضمن تحالف “الإطار التنسيقي”. وتضمنت أبرز التعديلات شمول الأشخاص المعتقلين من الذين تُجرى تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، بالإضافة إلى شموله مَن يتم تسديد ما بذمتهم من أموال للمصلحة العامة عن جرائم الفساد. كذلك، عُدِّلت وقتها فقرة تمنع العفو عن جميع من أدينوا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من يونيو/ حزيران 2014، وهو تاريخ احتلال “داعش” مدينة الموصل شمالي البلاد. كذلك عُدِّلَت الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو. ومُنح من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير، إمكانية العفو، مع استبدال ما بقي من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار (نحو 33 دولاراً) عن اليوم الواحد.
دفعت هذه التعديلات، كتلاً داخل مجلس النواب العراقي إلى اعتبار القانون بأنه قد أفرغ من محتواه.
ولا يزال قانون العفو العام يتأرجح بين مساعي تحالف السيادة لتمريره ورفض بعض قوى الاطار التي ترى فيه عودة جديدة للارهاب. ولا يزال المشهد ضبابيا في ما يتعلق بقانون العفو العام، قانون يسعى تحالف السيادة لتمريره بناء على الاتفاقات ما قبل تشكيل الحكومة، فيما تتحفظ كتل اخرى على شمول ارهابيين بهذا القانون.
وبينما تسعى القوى المنضوية داخل تحالف السيادة الى تشريع القانون، تبقى قوى الاطار التنسيقي متصدية لبعض فقرات القانون اذ ترى فيه عودة للارهاب مجددا.
اما المزاج العام في الاروقة السياسية يشير الى وجود اتفاق مبدئي لحسم قانون العفو العام لكن بعض الفقرات الجدلية تمثّل تحديا تواجه المشروع فيما تسعى الاطراف الفاعلة الى تقريب وجهات النظر وحسم القانون بشكل يرضي الجميع.
في الاثناء ، أكد رئيس مؤسسة تقدم للبحوث والدراسات عيسى العداي، ان بعض قوى الإطار التنسيقي ترفض إقرار قانون العفو العام.
وقال العداي في حديث متلفز ، ان “قانون العفو العام القديم الجديد والذي ينتظره العراقيون يأتي في فترة ارتباك في الوضع العراقي ولكن بعد الاستقرار السياسي والاجتماعي يجب ان تبدأ صفحة جديدة تعيد الحقوق للمظلومين من السجناء”.بحسبه
وأضاف: “صدرت عدة قوانين للعفو العام والقانون الذي نتحدث عنه هو تعديل قانون 27 في 2016 والذي يأمل منه ان يرفع الظلم عن العراقيين والقضية التي نأمل ان تكون حاضرة هو ان تتبنى القوى المشاركة بتشكيل الحكومة وإدارة الدولة في إقرار القانون”.
وأشار العداي الى أن “تشكيل اللجان عادة ما يعني تسويف الموضوع ولكن نأمل أن يلتزم السوداني بما وعد فيه ولكن حتى الان لم نر أي التزام بما تم الاتفاق عليه ضمن البرنامج الحكومي ولم نر أي نتائج لهذه اللجنة التي شكلت منذ أكثر من 6 أشهر ولم يخرج عنها شيء ولم يعرف أعضائها او انه تم مناقشة الموضوع من قبل تلك اللجنة مع أي طرف سياسي”.
وبين أن “هناك أكثر من 76 ألف موقوف منهم 49 ألف محكوم منهم 3000 امرأة و2000 حدث وهذا رقم كبير”، موضحاً أن “القوى السنية تحاول إقرار القانون ولكن بعض قوى الاطار التنسيقي ترفض إقراره، من خلال صناعة ضد نوعي ضاغط على الشخصيات والأحزاب التي تريد إقرار القانون، وتشكيل ضد نوعي من خلال القيادات لان الجمهور لا يقف ضد إقرار القانون”.حسب تعبيره
وشدد الخبير القانوني صفاء اللامي، في تصريح ، على أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني غير ملزم قانونياً بإصدار قانون العفو العام الذي تم الاتفاق عليه ضمن الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة.