الكاتب ..عباس الغالبي
يبدو أن ولادة الموازنة الاتحادية القيصرية أضحت المشهد القديم الجديد في عراق مابعد 2003 فهذا المشهد الدراماتيكي المتكرر في الموازنات المالية كلها منذ عام 2006 ولحد الان مبعثه لايتعلق بجانب فني يرتبط بمصالح الجمهور وحقوقهم في العيش الحر الكريم عن طريق توفير الخدمات الاساسية والمهمة والتي توفرها الموازنة المالية، بل أن المصالح السياسية الضيقة والاتفاقات المبرمة بين الاحزاب والكتل السياسية هي الملمح الابرز والقول الفصل في إقرار الموازنات كلها ليس في موازنة العام الحالي 2023 فحسب بل في الموازنات السابقة كلها ، حيث احتدمت الصراعات والمناكفات السياسية في مجلس النواب حيال الموازنة الثلاثية للاعوام 23 و 24 و 25 التي تبنتها حكومة السوداني وارسلتها الى البرلمان وترجمت فيها الى حد بعيد برنامجها الحكومي المعلن أثناء تشكيلها ولكن مكوث الموازنة في اللجنة المالية في مجلس النواب طيلة المدة المنصرمة السابقة والتي امتدت قرابة الشهرين احدثت فيها تغييرات وتعديلات عديدة صعدت من الخلاف مع الكورد وتحديدا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني حيال فقرات محددة من الموازنة تتعلق بآلية تصدير نفط كردستان وجعل الاموال في حساب لدى البنك المركزي العراقي وقضية رواتب موظفي الاقليم ونسب الادخار السابقة المستحصلة من قبل حكومة الاقليم والخلاف الدائر حولها ببين الحزبين الكرديين الرئيسين ، حيث أنها وبتديرنا كمراقبين هي خلافات سياسية لمصالح حزبية وليس خلافات فنية متعلقة بمصلحة الجمهور حتى في الاتفاقات بين بغداد واربيل والتي من خلالها جرى تشكيل حكومة السوداني هي اتفاقات سياسية محضة ولكن التصدير الاعلامي لها على انها مصالح الناخبين والسواد الاعظم من العراقيين اصبحت لاتنطلي على الجمهور وهو يدرك تماما طبيعة الاتفاقات واهدافها بحيث اصبح يعلم ان المناورات والخلافات حيال الموازنة هي اوراق ضغط سياسي يستخدمها كل طرف ضد الاخر والا نحن في منتصف العام ولم تقر الموازنة في مشهد اصبح العراق هو البلد الوحيد الذي ينفرد فيه ويثير الغرابة للقاصي والداني من حيث استخدام القوى السياسية الحاكمة في العراق لقضية الموازنة كأوراق للمناورات السياسية بين الخصوم وبين الشركاء ايضا في وقت يفترض ان الموازنة هي جانب فني بحت يتعلق بمصالح الناس وتنفيذ الخدمات وتسيير امور الدولة والتزاماتها الأخرى وليس للخلافات السياسية أثر عليها بل كان من الاجدى ان تتولى الفرق الفنية والاقتصادية المتخصصة مناقشتها وبلورة الافكار الحكومية من خلالها سعيا لاقرارها كجانب تشريعي وقانوني ومراقبة الاجهزة التنفيذية بعد ذلك وتحديد مواطن الخلل في مسارات التنفيذ عندها ستكون الموازنة ذات جدوى اقتصادية لانها وجدت من خلال رؤى فنية متخصصة وليست رؤى سياسية تمثل مصالح ومطامح احزاب وكتل سياسية.
نقلا عن الدستور