يعتزم وفد من وزارة الموارد المائية برئاسة وزيره اللقاء بالمسؤولين الاتراك بشأن أزمة شح المياه التي يعاني منها العراق بشكل مفصلي ويهدد الحياة فيه برغم الوعود التي أطلقتها تركيا ورئيسها خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لانقرة مؤخرا ، الا ان نتائج المفاوضات مازالت تسير ” السلحفاة ، فيما الارض الزراعية العراقية تهلك والجفاف يتمدد في كل بقعة من العراق ويقضي على ما تبقى من الزرع والضرع والمواشي.
المسرى متابعات ..
محمد البغدادي
وصفتها بالخطة الطموحة، طرحت وزارة الموارد المائية 26 مشروعا لمواجهة شح المياه والجفاف، فيما تستعد لجولة جديدة من المفاوضات مع تركيا لضمان وصول الحصة العراقية من مياه نهر الفرات.
وجاء في حوار لوزير الموارد المائية، عون ذياب، مع وكالة الأنباء العراقية “واع”، الجمعة، أنه تم تحديد 26 مشروعا بانتظار التمويل من الموازنة، منها معالجة مياه المجاري في الأهوار، وتعزيز المياه الجوفية، إضافة لاستثمار السدود في توليد الكهرباء.
وعن الوضع المائي الحالي، لفت الوزير إلى أن “نهر الفرات ما زال يعاني من حالة الجفاف؛ لأن تركيا أيضا لم تلتزم بالحصة المقررة وفق البروتوكول لسنة 1987 و1989 الموقع مع سوريا، على أن تعطي تركيا 500 متر مكعب بالثانية في منطقة طرابلس على الحدود التركية السورية.
ومنتظر ترتيب زيارة لوفد عراقي إلى أنقرة لبحث هذا الملف وخطة تركيا لتشغيل السدود في الصيف، بحسب ذياب.
الخطط التي كشفها وزير الموارد المائية، قد تكون ملائمة لتوفير احتياجات العراق، لكنها تصطدم بعقبات في تنفيذها، بحسب تقدير الدكتور عادل المختار، المستشار السابق للجنة الزراعة والري في البرلمان..
ويضرب أمثلة على المشروعات الممكن تحقيقها فعلا، والأخرى المهددة بهذه العقبات: العراق الدولة العربية الأولى في مخزون المياه الجوفية بـ31 مليار متر مكعب، لكن هناك مخاوف من الاعتماد على المياه الجوفية بشكل جائر؛ ما قد يؤدي إلى نضوبها. وبالنسبة لاستثمار السدود في مجال الطاقة الكهربائية، هذا يصطدم بالخزين المائي الذي أكد الوزير في وقت سابق أنه الأسوأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي؛ وبالتالي هناك مشكلة في توليد الكهرباء بسبب منسوب المياه. وفيما يتعلق بمعالجة مياه المجاري في الأهوار، سيكون لها مردود إيجابي في تخفيف وتوفير حل عاجل، إذا توفرت الإمكانات لتنفيذ المشروع. وكنا نحتاج إضافة لما سبق استثمار مياه الفيضانات التي شهدها العراق في الموسم الشتوي، لكن لم يتم ذلك بالشكل الأمثل، وكان الأولى تخزينها؛ تحسبا للقادم، خاصة مع قلق من أن يأتي موسم الشتاء جافا. اما الإطلاقات المائية التركية الأخيرة وصلت خلال شهر واحد لمعدل 500 متر في الثانية؛ أي بما يعادل مليار ونصف المليار متر، ويلزم استغلالها بالشكل الصحيح.
وتابع المختار، بالنسبة للقادم مع تركيا فيما يخص التفاهم في ملف المياه، فإنه يبقى مرهونا بالبروتوكولات التي من الصعب تطبيقها في وقت قصير. حسب تعبيره
المستشار السابق للجنة الزراعة والري في البرلمان، انتقد ما اعتبره “التوسع” في الزراعة الشتوية هذا العام، حتى وصلت لحوالي 6 مليون ونصف “دونم” على المياه السطحية.
ويُرجع ذلك إلى أنه “تم الدفع بكل مياه الإطلاقات والأمطار لرية الفطام حتى يتم إنقاذ الموسم الشتوي الذي كان مهددا بالعطش، وهذا أثر على الخزين الذي كان مفترضا وضعه في الاعتبار لتوفير المياه اللازمة للموسم الصيفي”.
وكانت وزارة الموارد المائية حذرت في مارس الماضي، من أن الوضع المائي هو الأكثر حرجا منذ الثلاثينيات، كما جاء في تصريحات لمدير الهيئة العامة للسدود والخزانات بالوزارة، علي راضي ثامر.
وتفصيلا، فإن الخزين المائي في وضع حرج جدا، ومجموعه يتراوح بين 7 و7.5 مليار متر مكعب، فيما كان يتراوح في نهاية 2019 ما بين 55 و60 مليار متر مكعب، وهو فرق شاسع جدا.
وأحد أسباب التراجع هو تتابع مواسم الأمطار الشحيحة، وهذا العام مر على العراق رابع موسم شحيح، فضلا عن قلة الإيرادات المائية الوافدة من تركيا، مع ارتفاع درجات الحرارة.
في وقت سابق ، دعا المجلس الوزاري للأمن الوطني برئاسة رئيس المجلس محمد شياع السوداني إلى فتح حوار مع تركيا فيما يخص ملف المياه، نتيجة قلة التدفقات المائية القادمة من هناك.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء ، ان الاجتماع شهد مناقشة عدد من الموضوعات من بينها “معالجة التحديات التي تواجه الوضع الزراعي والبيئي نتيجة قلة الإطلاقات المائية القادمة من الجانب التركي، وضرورة فتح حوار مع تركيا بهذا الشأن.
يذكر أن العراق يعاني من أزمة مياه يُنحي فيها باللائمة على تركيا وإيران “لعدم التزامهما” بالاتفاقيات الدولية و”تعديهما” على حصصه.
وسد إليسو التركي يقع على نهر دجلة وعلى بعد أقل من 70 كم من الحدود العراقية وتبلغ سعته التخزينية 10,40 مليار متر مكعب وتبلغ قدرة محطته الكهرومائية حوالي 1200 ميغاوات.
وتشغيله أثر على نهر دجلة من النواحي الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية والمورفولوجية والبيئية.
فيما يعتبر سد الجزرة مكملاً لسد إليسو. فهو يقع إلى جنوب إليسو بمسافة 35 كم وعلى مسافة 4 كم شمال مدينة الجزرة قرب الحدود السورية. ويبلغ حجم الخزان الكلي للسد 1,2 مليون م3 وتبلغ قدرة محطته الكهرومائية 240 ميغاوات.
ومنذ 2003، يعاني العراق من تراجع في منسوب المياه عبر نهري دجلة والفرات جراء السياسات المائية التي تعتمدها تركيا وإيران بتخفيض نسب الإطلاق وتغيير مسارات الروافد وإقامة السدود العملاقة عليها.