الكاتب .. حسين الانصاري
منذ ان نشأت العلاقة المشتركة بين الحكومات والاعلام وضعت القوانين وقواعد لتنظيم العمل وتبلورت الاتفاقات حول المسؤولية الوطنية والاجتماعية ودور كل منهما في البناء والتطور ، وفي ظل هذ الرؤية يتطلب من الحكومات ان تستفيد من الاعلام وبما ينهض به من مهام حيث يقتضي ذلك التنويه والاشارة والرصد والتقييم للاداء الحكومي ومتابعة تطبيق البرامج والاهداف التي يسعى اليها المجتمع من اجل النهوض والتنمية المستدامة ومواكبة التطور العالمي في مجمل النواحي السياسية والافتصادية والاجتماعية والثقافية وغير ذلك مما يتعلق بحياة الشعب ، وهنا يكون لزاما على السلطات الرسمية بمختلف مستوياتها واختصاصاتها ان تراعي ما يتم نشره عبر مختلف وسائل الاعلام التي اصبحت اليوم اكثر انتشارا وتنوعا وامكانية في المتابعة و التفاعلية والتواصل والاتصال لما تتوفر عليه من امكانات تقنية ووسائطية وبرامجية التي سهلت الرصد المباشر للاحداث بحيث تحول جهاز الهاتف المحمول الصغير الى وسيلة اعلامية متكاملة يمكن من خلالها ايصال اي خبر بالصوت والصورة ونشره في الحال ومن هنا ظهر ما يسمى بصحافة المواطن كشكل جديد من الممارسات الصحفية غير المهنية والرسمية والمصطلح عموما مازال لم يتخذ صيغته النهائية على المستوى المفاهيمي لكنه اصبح ظاهرة واسعة الانتشار وافق مفتوح للاعلام البديل الذي بات رقيبا على الاداء الوظيفي للدولة شرط ان يلتزم كغيره من وسائل الاعلام الاخرى بالقواعد والقوانين واخلاق المهنة للقيام باداء المسؤولية على اكمل وجه والتوفيق بين حجم الحرية الممنوحة وكيفية استثمار معطيات الثورة المعلوماتية والاتصالية الجديدة التي جعلت الاعلام يقوم بادوار عديدة وقد اصبح حاضرا في كل زمان ومكان ومن هنا اصبح اكثر تاثيرا في تشكيل الرأي العام وتوجيه انظاره حول ما يتعلق بشؤونه ومصالحه وتطلعاته وكذلك اصبح للحكومة من خلال نافذة امعرفة رأي الشارع ووسيلة فعالة لايصال خطابها وعرض برامجها ومشاريعها وانجازاتها وجذب الجماهير لما ينسجم مع سياساتها وتوجهاتها والتفاعل المشترك حول ابرز القضايا الوطنية والمشاريع التي من شأنها ان تحقق انتقالا نوعيا في تطوير الخدمات والاسهام في مسيرة البناء التنموي، وثمة اتفاق ضمني ثابت ومستمر ما بين الاعلام والجمهور وهو ان يتبنى الاعلام تقريب المسافة ما بين افكار وبرامج وسياسة الحكومات وبين الرأي العام وهي مسؤولية اساسية تضع الشعب امام الاحداث واهم القضايا المحورية التي تتعلق بحاضره ومستقبل اجياله ، وبالمقابل اذا تلكأت وسائل الاعلام في اداء مهمتنا هذه سينعكس ذلك على مجمل الواقع ويصبح المواطن في حالة انعزال عما يحيط به بعيدا عن الاهتمام بل انه ربما سيكون عرضة للانغماس في الكثير من مواقع الشبكة العالمية وما تعج به من منصات وبرامج ومحتويات يندرج بعضها تحت مسمى الاعلام المضاد والدعاية المضللة والترويج والادمان وان ما تفيض به مواقع التواصل. الاجتماعي من معلومات وبرامج ورسائل لا تهدف الا لضياع الوقت والابحار في عوالم افتراضية تلغي وعي المستخدم وتربطه ببرامج واجندات مشبوهه ، من هنا تبرز الاهمية والضرورة الملحة في مزيد الانتباه والاهتمام بما ينشر عبر وسائل الاعلام وانتقاء الرسائل والاخبار ذات المحتوى الجاد الذي يؤشر بدقة ملامح واقعنا. وما يعتوره من اشكاليات وما ينبغي ان تكون عليه السياسات وكيف نعالج ذلك بما يجعل العلاقة بين الاعلام وادارة الدولة في اطار من التكامل والفهم المشترك والرؤية الشاملة لبناء العراق وضمان مستقبل اجياله.
نقلا عن صحيفة الدستور